رواية أسرتنى ذات الرداء الأسود
الحادى عشر
وقفت كعادتى فى الشرفه أنتظره وطال إنتظارى هذه المره أين ذهب كل هذه المده لأكثر من شهر ولم أره ولا أجد له أى أثر أين ذهبت يا عشقى وحبيب روحى ؟
قطع شرودها صوت والدتها تقف بجوارها وتربت على كتفها قائله :
_هتفضلى كده يا هدى يابنتى كل يوم قفله على نفسك وواقفه جنب الشباك
_عادى يا ماما أنا بس مخنوقه شويه وواقفه أشم هواء
_هوا برده
_ إيه يا ماما
_يا قلب ماما أنتى فكره إنى مش حسه بيكى إصبرى بس أنا عندى ليكى فكره أجيبلك حبيب القلب لحد هنا
_إزاى يعنى يا ماما
_أنا هروح لأم إلهام إنهارده وأقولها إن بسمه أختك ضعيفه فى الإنجليزى والبنت فى ثانويه عامه وأنا محتاجه أشرف يجى يديها درس
_متتعبيش نفسك يا ماما دا عمره ما هيحس بيا ولا كأنى موجوده أصلا وكمان أشرف مبيديش دروس خصوصيه
_ليه هو مش مدرس إنجليزى يبقى هيدى إصبرى إنتى بس متقطعيش كده دا أنتى فقريه
وبالفعل عزمت على الذهاب لأم إلهام وهناك ومن أول وهله شعرت كأن البيت بلا روح كئيب عشش الحزن بين جدرانه إستقبلتها أم إلهام بوجه بشوش كله رضى كطبيعتها الراضيه بكل ما عصفت بيها الحياه
_أهلا وسهلا يا أم هدى نورتينا
_دا نورك يا غاليه
بقولك إيه يا حبيبتى أنا عارفه إن أشرف بيعزك ذى أمه ومش هيرفضلك طلب البت بسمه ضعيفه أوعى فى الإنجليزى والإمتحانات على الأبواب عايزه أشرف يجى يديها درس
_أنتى عارفه يا أم هدى أشرف عنده سنتر كبير بيدى فيه دروس وكورسات ومستحيل يرضى يجيلكم البيت
_عشان كده أنا عشمانه إنك تقنعيه
_بصى اللى أقدر أوعدك بيه إنه يديها الدرس هنا عندنا وبلاش فى السنتر وأبقى أبعتى هدى معاها بس ربنا يرجعه بالسلامه الأول هو وعمر
_ليه هما فين
_أنتى متعرفيش مؤتمر الأطباء اللى فى أمريكا عمر بعتته الجريده عشان ينقل فعاليات الموتمر حصل إنفجار وعمر إتصاب وأشرف سافرله
_ربنا ينتقم منهم الى بيفجروا ولاد الناس الإرهابين وعاملين نفسهم إسلامين ومربين دقونهم عشان كده التليفزبون ملهوش كلام إلا على الإرهابى المصرى اللى عمل تفجيرات فى أمريكا متأخزينش يا أم إلهام والله ما أعرف قلبى معاكى يا حبيبتى ربنا يرجعهم بالسلامه
_بس يا أم هدى مش كل اللى بيربوا دقنهم إرهابين ومتصدقيش أى حاجه بتسمعيها فى التليفزيون الى ملوش شغلانه إلا تشويه صورة الملتزمين
_أمال هنصدق مين لما مش هنصدق التليفزيون ....أهم حاجه ربنا يرجعهم بالسلامه
_يارب
.............................................................
(عبدالله)
بدأ جسدى يمتثل للشفاء سريعا كأنه يستعد لما سيلاقيه من بطش وظلم ممن وقعت فى قبضتهم كطير جريح بعيد كل البعد عن عشه ملقى فى منتصف طريق سريع تعدو السيارات بجواره بقوه وتهتز الأرض من تحته تزلزل جسده الصغير وهو ينظر ترى أى واحده سألقى حتفى بسبها؟
أصبحت حديث الساعه لا من أجل مشروع علمى ولا من أجل رسالة الدكتوراه التى عكفت عليها سنوات بل لأنى أصبحت مؤخرا أشهر إرهابى
يلتف حولى يوما محقيين وصحفين والأسئله كثيره ولا يجدوا منى إلا إجابه واحده لست أنا لست أنا ... ترأت أمامى ذكرى بعيده جدا تبعد إحدى عشر سنه تجسدت أمامى كأنها حدثت بالأمس ..
(عوده للماضى)
تعرفت على صحبه صالحه كان منهم دكتور زياد إجتمعنا سويا فى دروس العلم تغيريت حياتى بعدها تغيرا جزريا أصبحت أصلى جميع الصلوات فى المسجد جماعه حتى صلاة الفجر كانت أجمل سنين عمرى وكان من ضمن صحبتى الصالحه محمد كان فى المنزل المقابل لمنزلنا كان يوميا يذهب معى للصلاه ودروس العلم أصبحنا كالأخوه الأشقاء كالجسد الواحد إلى أن جاء اليوم الذى تمزق فيه هذا الجسد كنا فى طريق العوده للمنزل بعد صلاة الفجر حين هجمنا رجال كالوحوش التى تهجم على الفريسه أخذونا مكممين ومكبلين ووضعونا فى غرفه أشد سوادا من ظلمة الليل الأرض رطبه ولزجه ولا ندرى أهذا ماء أم دماء مكثنا هكذا طويلا ربما دقائق ولكنها مرت كالسنين بعدها فزعنا على صوت صرير الباب عقبه صوت رجل. عذرا ليس رجل بل ذكر تجرد من كل معانى الرجوله والإنسانيه طلب من ذكور آخرين أن يحضرونا سحلونا على الأرض وأصوات ضحكاتهم غلبت أصوت صراخنا جلسنا أمامه أبشع وجه رأته عيناى ولن تنساه فظل ضيف كوابيسى لسنين بعدها سئلنا عن أشياء لا ندرى عنها شئ وعن أشخاص لم نقابلهم قط وأصبحت دروس العلم وحفظ القرآن وصلاة الفجر جريمه يحاسب عليها القانون بكل ما أوتى من قوه بعد ما يئسوا منا لم نسمع أسئله مجددا بل سمعنا صوت ضربات بالعصى على أجسدنا وصوت صرخنا كاد أن يشق الجدران وزاد الضرب والركل حتى وصل للإعتداء أصبحت أجسادنا بيدهم كالدمى يلعبون بها بدون محاسبه ولا مراقبه تعالى صوت محمد يسبهم ويضربهم إلى أن سحلوه أمامى وجردوه من ملابسه وفعلوا أبشع ما رأت عيناى رأيته يصرخ وينتفض ويقاوم لكن من يستطيع أن يقف أمام وحوش بأجسادهم الضخمه وعقولها العفنه وبعد فعلتهم البشعه زاد ضربهم وجاء آخر بعصى كهربائيه وأكمل دوره القذر فى الحياه ليضرب ويعذب بالكهرباء حتى صار الدم يغطى جسده كاملا وخارت قواه وسكن جسده عن المقاومه أصبح هو والأرض قطعه واحده ربما تحتضنه لتحميه منهم.. بعد إنتهاءهم سحلونا للغرفه التى أيقنت أن مابها فعلا دماء وها هى تمتزج مع دماءنا لترسم لوحه لأبشع أنواع الظلم والتعذيب بعد أن أغلقوا الباب إلتفت لأنادى على محمد لكن لا حياة لمن تنادى مات أمام عيناى مات أطهر وأنقى قلب عرفته ماتت الصحبه الصالحه ورفيق الدرب مات من أخذ بيدى يوميا لصلاة الفجر مات ولا أستطيع فعل أى شئ له صرخت وصرخت كمن يهدم جبال الظلم والغدر والقذاره حتى خارت قواى ولا أردى بنفسى بعدها إلا وأنا فى المشفى التى مكثت بها شهور للعلاج الجسدى والنفسى...............................................
نزلت دموعى على ذكرى صديق العمر وعلى الظلم الذى وقع على لا لشئ إلا لصلاتى ولحيتى وصحبتى الصالحه وها أنا وقعت مجددا ترى ماذا سيفعلون بى وغدا محاكمتى#ذات_الرداء_الاسود