الفصل السابع والعشرون

2.9K 147 17
                                    

اللهم صل وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين 💙💙

أخذ سليم ينظر إلى رحمه التي كانت تنظر إلى الطعام ولم تتناول منه شيء.. ضرب سليم بخفة شوكته على الصحن الذي أمامه.. نظرت إليه رحمه بانتباه.. ثم قالت بابتسامة:
_ نعم يا سليم في حاجه؟!
رد سليم وهو ينظر إليها قائلا:
_ في إيه يارحمه مالك سرحانة في إيه؟!
نظرت رحمه من النافذه الموجودة جوارها.. لتسحب نفس عميق داخلها.. ثم قالت:
_ مش سرحانة في حاجة معينه ياسليم بس حاسة نفسي متلخبطة في حاجات كتير اوي..
طمأنها سليم قائلا بابتسامة هادئة:
_ متقلقيش يا رحمه ومتتلخبطيش مفيش حاجه مستاهلة كده صدقيني.. أنا قلتلك أنا معاكِ مهما حصل يا رحمه.. أكيد عندك أسرار في حياتك زيك زي كل الناس الطبيعية.. أنا كمان أكيد عندي أسرار وطبعاً مقولتش لحد عليها بس معنديش أسرار يا رحمه بتخليني أتصرف زي ما أنتِ بتتصرفي بعدم إتزن وعلى طول زعلانة.. أنتِ كانت الأسرار دي في حياتك قبل ما تعرفيني يعني..
أومأت إليه رحمه بالإيجاب.. ليضحك سليم قائلا بمرح:
_ خلاص يا رحمه كلي بقى ومتخافيش أنا عمري ماهسيبك.. وبعدين يا رحمه الأكل زمانه بِرد وأنا هحاسب عليه يبقى لازم تخلصيه..
ضحكت رحمه.. ثم بدأت في تناول ما أمامها..
أنهيا الطعام.. ليطلب سليم من النادل أن يزيل الأطباق.. أخذت رحمه نفس عميق.. ثم قالت:
_ أنا هبدأ أحكي بس من الأول خالص.. هتقدر تسمعني لحد الآخر؟!
أومأ إليها سليم بابتسامة.. لتبدأ رحمه قائلة:
_ كان ياما كان كان في بنت اسمها رحمه.. كان ليها ٣ اخوات بنات غيرها ساعتها بس هي كانت أكبر واحده كان عندها حوالي ٦ سنين.. في يوم البنت دي جالها مغص شديد أوي ومش قادره تستحمله أمها اتحايلت على أبوها إنه يخليها تروح بيها عند دكتور ولا حتى أي مستشفى حكومي.. بس أبوها مرضيش و رن أمها يومها حتة علقة.. أمها ماسكتتش في يوم كانت رحمه دي بتلف في الإشارات تبيع ورد وفل مع أمها.. أمها كانت أول مرة في حياتها تسرق في حياتها عشان تودي بنتها للدكتور بس معرفتش تسرق وكانت هتتمسك بس الراجل اللي هي كانت هتسرقه سابها و اداهم يومها فلوس.. أمها فرحت أوي إنها هتقدر تشوف بنتها اللي بتتوجع قدامها مالها..
وراحت فعلاً بيها للدكتور.. الدكتور قالها بنتك عندها عيب خلقي في كليتها الشمال ولو فضلت كده كليتها دي هتعملها تسمم.. ومتقدرش عشان سنها الصغير وجسمها الضعيف تعيش بكلية واحده.. لازم نلاقي متبرع ليها.. بس زرع الكلية ده غالي جداً ومش هتقدروا على تمنه.. طبعاً رحمه الصغيرة مكانتش فاهمة أي حاجه.. كانت قاعده تاكل المصاصة اللي الدكتور ادهالها قبل ما يتكلم مع أمها.. أمها أخدتها وروحت بيها للأسف وهي مش عارفة تعمل إيه.. تمر الأيام والبنت بتتعب أكتر وأكتر وأمها حتى معندهاش دهب تبيعه ولا أي حاجه تقدر تساعد بنتها بيها.. البيت صغر عليهم بوجود ال٤ بنات.. وطبعاً عارفين مين اللي أبوها هيضحي بيها عشان مريضة وخلاص يعتبر أيامها في الدنيا معدودة.. في اليوم و رحمه دي نايمة صحيت لاقيت نفسها جوه مكان متعرفوش.. قاللوها ده ملجأ اسمه العز ولاقوكِ قدامه إمبارح بليل وأنتِ بتترعشي من البرد.. المهم عدى حوالي أسبوع بس طول الأسبوع طنط روفان كانت بتهتم بيا أوي لما اتصلوا بيها في الملجأ وقالولها إني مش عايزة آكل ولا أشرب حاجة خالص ومكنتش بتكلم.. هي قعدت معايا واحتوتني بقلبها الكبير.. كلموا الملجأ بعد مابلغ بحالتي وإني عايزه متبرع قالوا إن فيه متبرع لاقوه خلاص وخلصنا كل الورق معاه وأنسجته متطابقة معايا بس مش عايز يقول مين عشان ياخد الثواب كامل يعني.. أنا عملت العملية وبصراحة طنط روفان وعمو مراد مقصروش معايا في حاجه خالص حتى سليم وريان وعز لما طنط روفان اخدتني في البيت عشان تطمن عليا بعد العمليه وتتأكد إني كويسه كانوا بيعاملوني كويس أوي كإني أختهم بالظبط.. وتمر السنين وتكبر روفان لحد ماتدخل الجامعة.. في مرة صاحبتها منى من الجامعة كانت مامتها تعبانة فراحت معاها تطمن عليها.. لاقيت أمها هناك في المستشفى بتعمل غسيل كلوي على كليتها التانيه بعد ما كليتها الأولى اتبرعت بيها لبنتها كتكفير ذنب إنها سابت أبوها يحطها في ملجأ هي كان عندها إحساس إن كده بنتها هتلاقي فرصتها في حياة أحسن.. وأنا طبعاً لما عرفت اللي حصل بعد كده لإخواتي لاقيت إن حظي كان أحسن منهم.. أنا عرفتها هي معرفتنيش عشان كانت اتعمت خلاص..
أكمل سليم قائلا بعد أن وجد أن رحمه لاتقدر على استكمال حديثها:
_ وطبعاً بقيتِ بتروحيلها البيت كل فترة تطمني عليها وعلى إخواتك لدرجه إنك تعملي نفسك ممرضة..
أومأت إليه رحمه بالإيجاب.. نظر إليها قائلا بابتسامة:
_ عايزه تعيطي مش كده؟!
أجابته رحمه قائلة بابتسامة راحة:
_ بالعكس أنا عايزة أقوم أصوت وألم الناس عليا إني أول مرة أحكي لحد من غير ما أعيط.. حقيقي أنت تاني حد أقوله بعد منى ولما قلت لمنى أنا قعدت أسبوع متواصل بعيط.. لكن دلوقتي أنا مش عايزه أعيط.. على قد ما اللي حكيته ده بيشكل جزء كبير من الحزن اللي جوايا على قد ما أنا فرحانة إني اتخلصت منه..
رد سليم قائلا:
_ مش كل اللي إنتِ عايزه تقوليه بس كويس إنك ارتاحتي ولو حتى شوية..
نظرت إليه رحمه بامتنان؛ لوجوده معها..
***********~~~~***********
دلفت سيلا إلى مكتب مروان في شركته الجديدة..
استقبلها مروان قائلا بابتسامة:
_ أهلاً ياحبيبتي.. مش هنبطل عادة المداهمة بتاعتك دي ونتصل قبل ما نيجي.. افرضي عندي دلوقتي اجتماع ولا بره الشركة؟
غمزت إايه سيلا قائلة بمشاكسه:
_ وهيبقى فين عنصر المفاجأه..وحتى لو عندك اجتماع هعرف فين وهاجيلك..
نهض مروان عن كرسي مكتبه.. ثم جلس على الأريكة.. جلست جواره سيلا.. وضع يده على يدها قائلا بحنان:
_ المرة دي أنا عارف إني زودتها يا سيلا ومكانش ينفع نتخانق كده إمبارح قدام أهلنا بس صدقيني كل حاجه عندي فوق بعضها والله.. الشركة الجديدة اللي أنا فاتحها دي ولسه عايزة شغل وكمان تحضيرات الفيلا بتاعتنا.. معلش سامحيني على اللي حصل ده..
ابتسمت إليه سيلا قائلة:
_ يا مارو أنا عارفه إن الشركة لسه جديدة ولسه مجابتش أرباح وإن عشان تجيب أرباح تقدر تخلص بيها تجهيزات الفيلا عايزه سنه..
لتكمل قائلة بجدية:
_ مروان أنت مش عايز نعمل الفرح ليه؟! أنا مش لاقية سبب لحد دلوقتي إننا مأجلين الفرح علشانه.. أنا مش عايزه فيلا طويلة أعيش فيها أنا وإنت لوحدنا شقة تمشي عادي.. وأنت مش عايزنا نعيش لا مع بابي ومامي ولا مع أونكل إسلام وطنط مريم أوك معنديش مشكلة نعيش في شقة.. ولما ربنا يرزقنا بأطفال ننقل في فيلا.. اقنعني إن لو استنيت السنة دي مش هتقولي بعدها لا استني لما أجوز جوري أصل أنا عارفاك.. واستني لما جوري تخلف..
قاطعها مروان قائلا بغضب:
_ قصدك إني بقول أي حجج وخلاص..
أشارت سيلا على وجهه قائلة بسخرية:
_ أيوه حالة الخناق بتاعتك هتبدأ أهي.. يلا ابدأ إن أنا بيتهيألي وإن إنت مضغوط إحنا بقالنا سبع سنين مخطوبين يا حبيبي.. في السبع سنين دول كنت مضغوط وإن شاء الله الضغط اللي عليك ده هيروح إمتى بقى.. كمان خمسين سنه ولا تسعين سنه ولا إيه بالظبط؟!
رد مروان قائلا بغضب:
_ أنتِ شايفة بذمتك أنتِ بتتكلمي إزاي؟! أنتِ بتردحيلي يا سيلا خلاص؟! قولي بقى إنك جاية تكملي خناقة إمبارح..
نهضت سيلا قائلة وهي تخرج بطاقة دعوة من حقيبتها:
_ كنت هتنسيني أنا جاية ليه؟!
ناولته بطاقة الدعوة.. اتسعت عينا مروان وهو ينظر إلى البطاقة التي بين يديه..
نظر إلى سيلا قائلا بهدوء يشبه هدوء ما قبل العاصفة:
_ إيه دي يا سيلا؟!
ردت سيلا قائلة بثقة:
_ اللي أنت شايفه يا مروان..
نهض مروان قائلا وهو يقترب منها:
_ بطاقة دعوة لفرحنا أنا وأنتِ وجيبالي دعوة.. طبعاً عندك حق ما أنا معرفش حاجه.. وبتعامل زي الغريب..
وصلت سيلا إلى الباب ومروان مازال يتقدم منها.. كادت أن تفتح الباب ولكن مروان أغلقه.. ثم أمسك سيلا من ذراعيها.. لتبتلع سيلا ريقها قائلة بتوتر:
_ في إيه يا مروان؟! أنا ملاقيتش حل غير ده.. وبعدين الفرح مش بكره بعني ده كمان شهر ونص يعني فترة كافيه تكون جهزت فيها الشقة يا مروان..
رد عليها مروان قائلا بسخرية:
_ سيلا ياحبيبتي أنتِ قصدك بشقة اللي هتجهز في شهر ونص دي شقه فوق السطح؟
أجابته سيلا قائلة بتحدي:
_ اللي بيحب حد بيعمل علشانه أي حاجة يا مروان.. اعتبر ده أول إثبات منك ليا إنك بتحبني بجد وعايز إننا نتجوز ونكون أسرة..
ابتعد عنها مروان قائلا:
_ يعني ده إثبات على إني بحبك ولا لا؟! لو رفضت يبقى مبحبكيش يعني..
ردت سيلا قائلة بحزن:
_ لو رفضت يا مروان أنت هتطلقني..
لتكمل قائلة بهدوء:
_ أنا قلت لبابي إني هعزمك على الغداء النهارده على الساعة ٤ العصر.. لو هتيجي وتجيب معاك الدعوة يبقى أنت عايزنا نكمل سوا.. وتقول لبابي إنك أنت اللي عملتها عشان هو متضايق من اللي حصل إمبارح.. لو جيت من غيرها يا مروان أنت عارف إيه اللي هيحصل.. قدامك ٣ ساعات فكر فيهم براحتك وأياً كان قرارك صدقني هحترمه..
تركها مروان تذهب من مكتبه دون أن يتحدث..
جلس مروان بعد ذهاب سيلا يفكر في حديثها وبيده بطاقة الدعوه.. لا يعلم ماذا يفعل حتى الآن؟! وبخ نفسه أنه علق إنسانة به وهو لا يقدر على أن يعطيها أبسط حقوقها وهي سعادتها.. فترة الخطوبة التي تكون من أجمل الفترات في حياة كل ثنائي أفسدها عليها أيضاً.. ولا يكفيه ذلك بل يريد أن يجعلها تجلس جواره دون أن يصبح لديها أسرة لمجرد أنها ارتكبت خطأ بحبها إليه.. ضحك على أنه أصبح يفكر مثل والدته مريم.. استمع إلى صوت آذان الظهر .. لينهض متجهًا إلى المرحاض الخاص به في غرفة مكتبه.. أنهى الوضوء.. كان سيخرج سجادة الصلاة ولكنه تركها مكانها وخرج من مكتبه متجهًا إلى المسجد الذي يبعد بضعة أمتار عن مكتبه..
أخذ يدعو الله في صلاته أن يوفقه ويهديه إلى الطريق الصحيح.. وألا يكون سببًا في شقاء أحد..
اتجه إلى مكتبه مرة أخرى بعد أن خرج من المسجد.. وجد بطاقة الدعوة التي تركتها سيلا على مكتبه.. مزقها إلى أجزاء صغيره.. ثم ألقاه في سلة المهملات.. ليأخذ أغراضه وخرج من مكتبه..
ما إن وصلت الساعة للرابعة عصراً..
طرق مروان باب فيلا زين الألفي والد سيلا.. فتحت إليه سيرين قائلة بابتسامة:
_ ازيك يا مروان عامل إيه ياحبيبي..
ابتسم إليها مروان قائلا:
_ الحمد لله ياطنط..
أفسحت إليه سيرين المجال؛ حتى يدخل..
دلف مروان إلى الداخل.. ثم التفت إلى سيرين قائلا:
_ أومال عمو زين وسيلا فين ياطنط؟!
ردت سيرين قائلة:
_ زين لسه راجع من الشغل من ربع ساعة وسيلا فوق في أوضتها.. لتكمل قائلة بهمس:
_ وخلي بالك زين مش طايقك يامروان وعلى آخره منك..
حمحم مروان قائلا بحرج:
_ خلاص يا طنط ما سيلا قالتلي إنه مش طايقني عرفت خلاص.. وبعدين هو مش عمي المفروض بقى يطلع معاش؟!
شهقت سيرين قائلة بقلق:
_ اسكت لا يسمعك ويقتلك فيها.. هو لسه فاضله شهرين وهيطلع معاش.. وعلى الله تجيب سيره قدامه..
أومأ إليها مروان بالإيجاب.. أدخلته سيرين إلى غرفة المعيشة.. ثم ذهبت إلى المطبخ..
دلفت سيلين إليه.. لتقول قبل أن يتحدث مروان:
_ بابي على آخره منك ومش طايقك خالص يا مروان فلم الدور بقى لأحسن نلاقيه داخل علينا بالمأذون ويخليك تطلق سيلا بتهديد السلاح..
رد مروان قائلا بقلق:
_ هو فيه إيه هو كل لما حد يشوفني يقولي كده.. أنا خايف أفتح قنوات الأخبار ألاقي الحق يا مروان حماك زين مش طايقك..
جلست سيرين أمامه.. ثم قالت بغضب:
_ هو حد بيعمل اللي بتعمله ده يامروان؟! ماتخلصنا بقى واتجوزوا أنا نفسي زهقتلكم إيه ده..
رد عليها مروان قائلا بغضب:
_ طب اسكتي بقى عشان أبوكِ لو دخل ولاقاكِ عماله تعملي كده هيمسكني غسيل ومكوه أنا بقولك أهو ويومك مش هيعدي على خير..

ملكت عرش قلبي "الجزء الثاني من طفله أوقعتني في عشقها" حيث تعيش القصص. اكتشف الآن