لا يُكسر كبرياء الإنسان إلا بفقدانه صحته..
ركضت مريم على السلم، رفعت رأس فاطمة ووضعتها على فخذها..
والأخرى ضاقت أنفاسها وتخرج تأوهات مكتومة..
ينظر لوالدته حاجبيه على وشك لمس شعره من الذهول، ينظر إلى والدته بصدمة : أنتِ...أنتِ أزاي تعملي كدا! دي حامل دي ممكن تموت!
لوت الأخرى فمها بسخط وهي تنظر إليه : إياك تموت ونخلص..
رفعت مريم رأسها تنظر إليها بدهشة، إلى أي مدى ممكن أن يصل الإنسان بكرهه وحقده، بغطرسته وكبريائه!
صرخت مريم به : أنت مستني أيه تعالى ساعدني.
أسرع بإتجاههما وحمل فاطمة بين ذراعيه، صعد بها السلم ومر بجانب والدته وقف للحظة ينظر لعينيها، لا يرى بهما ذرة ندم، لا يرى شيء من عذاب الضمير، إنما سخط، كره، حقد، وغل يشعل قلبها...
أزدرد ريقه، هز رأسه نافياََ وهو يبادل النظر بين تلك المظلومة بين ذراعيه، وتلك الظالمة التي تنظر إليه بقوة وقسوة..
أخرجه من شروده صوت مريم الخائف : وديها على أوضتها بسرعة وشوف دكتور حالاََ..
دخل بها للغرفة ووضعها على السرير، ينظر إليها بخوف، يخاف أن تفقد طفلها، يخاف أن تخسر حياتها، نعم بداخله جزء حي، ليس سيء لهذا الحد، أم أنه ليس سيء أساساََ، هو شخص عادي على رأسه شيطان مُتجسد في صورة والدته..
خرج من الغرفة بسرعة، فوجدها تقف أمامه لم تتغير نظرات والدته وهي تقول له بسخط : رايح فين؟
تحولت نظراته إلى الغضب : أبعدي عن طريقي وكفاية بقا.
نادية بتهديد : ولو ما أكتفتش يا حامد هتعمل أيه!
بداخله بركان وحان الوقت لينفس عنه، صاح بها : ولا حاجة مهعملكيش حاجة يا....يا أمي...بس برضه مش هقف معاكي في الغلط تاني...مش هقدر أكون بالحقارة دي....مش هقدر أكون شخص سام كل همه يدمر اللي حوليه...سعادته بس في إنه يشوف غيره بيعاني...لا يا أمي لا كفاية.
تحرك مبتعداََ عنها مُسرعاََ في خطاه..
صاحت به : حامد! حامد!
تجاهلها خارجاََ من المنزل..
خفق قلبها بشدة، رأت التمرد في عينا ولدها، رأت بهما عتاب، ورأت بهما بعض الكره، شعرت بالخوف، شعرت ببعض الدوار فأمسكت بمسند السلم وهي تنظر أمامها بشتات وتيه...
وقف عند الباب وصاح بالحارس : روح حالاََ جيب دكتور ولو من تحت الأرض..
ذلك الحارس : بس مفيش هنا غير دكتورة واحدة..
صاح به حامد بنفاذ صبر : روح جيبها مستني أيه!
رد عليه الأخر بقلق : دي تبقا مرات حسن عبدالقادر..