وبعد كل مجهود، وبعد كل مغامرة ومثابرة ندرك الحقيقة....
الحقيقة أنَّ كلنا فانٌ...
نجلس اليوم سوياََ ويفنى أحدنا غداََ، والجميع له ميعاد...وبما أننا نعرف هذا ألا يتوجب علينا الإعداد للحظة اللقاء! بما أنها ستأتي سواء اليوم أو الغد أو بعد ألف سنة فإنها مؤكدة ولا شيء دائم سوى خالقنا...
إذاََ لماذا ندور حول الحقيقة! لماذا نسير في الأرض فساداََ ونحن نعلم الخبيث من الطيب....
بل في الواقع أصبحنا نبرر الخبيث ونبحث بداخله عن الطيب، وكأننا سقطنا في مُستنقعٍ قذر نسبح فيه منتظرين أن نخرج منه بأشهى الأسماك...
ولكننا لو نظرنا جيداََ لوجدنا بجواره محيط لن يبخل علينا أبداََ بأشهى وأطيب وألذ ما نريد....
لكننا سنظل غارقين في وحل المستنقع، هذا ما يليق بنا....
*******
منزل وائل،،صوت القرآن، يعلو السيدات يرتدين الأسود، تجلس رغد بينهم وجهها شاحب وكأنها جسد بلا روح، صامتة هادئة عكس ما يتخبط بداخلها، تتساقط تلك العبرات من عينيها لتدل على أنها ما زالت على قيد الحياة...
أما عن مريم فكان الخوف في عينيها وهي تنظر لمن حولها، المكان مزدحم وتخاف أن يتعرف عليها إحداهن، كما أن نظرات خالة رغد غير مريحة، وتوضح مدى بغضها منها..
نهضت رغد من على الكرسي، أسندتها خالتها..
تلك السيدة : على فين يا بنتي؟
رغد بصوت مختنق : هدخل أريح شوية بس يا خالتو..
مسحت تلك السيدة على ذراعها بحنان بالغ : ماشي يا حبيبتي.
فتحت غرفة أبيها، خفق قلبها بقوة وهي تشم رائحته في كل مكان، أقتربت صوب سريره ومسحت بيدها عليه، خانتها دموعها وشهقاتها، مددت على سريره وضمت ركبتيها إلى صدرها، تعالت شهقاتها وبكائها وهي تتحسس وسادته بيدها المرتجفة، اشتاقت له وهو لم يفارقها سوى أيام فقط، كيف تتحمل قسوة الحياة من غيره!
أمام منزل عبد القادر،،
وقفت السيارة امام البوابة، ضغط على البوق أكثر من مرة بقلة صبر، نهض ذلك الحارس بسرعة وأتجه صوب البوابة ليفتحها وهو يشير بيده عند رأسه تحية..
ذلك الرجل : نورت بيتك يا باشا أهلاََ وسهلاََ يا سعادة البيه.
تحركت السيارة للداخل ثم توقفت، أشار له حسن بيده، أقترب عبده بسرعة وهو يرسم ابتسامة بلهاء على وجهه.