وعندما نراها جميلة، وكل شيء يسير على مرام تصدمنا بحقيقتها القاسية...
الخارج جميل مليء بالألوان، والداخل مظلم، عتمته سوداء حزينة...
منزل عبدالقادر،،
غرفة عبدالقادر،،
أرتدت معطفها الأسود ، ورفعت شعرها بتسريحة ذيل حصان ، دخل الغرفة وهو ينظر حوله باستغراب..
- هترجعي ولا أيه؟ابتسمت له وهي ترتدي حذائها : الأجازة اللي خدتها خلصت، ولازم أرجع المستشفى..
نهضت من على السرير وطبعت قبلة سريعة على خده ،وتحركت صوب الكومود لتمسك بالهاتف ومفاتيح السيارة ،
بينما هو ينظر إليها غير راض أن تكون هي في مكان وهو في مكان أخر يبعده بساعات..
-بقولك يا رغد..أرتدت حقيبتها : نعم!
أقترب منها بخطوات بطيئة ووقف أمامها : ما...ما تسيبك من دوشة القاهرة وشغل المستشفى هناك ، وأفتحلك عيادة هنا أفضل..
ردت باستغراب: ليه يا حسن؟ ما أنت عارف إن هناك بيتي وحياتي، وكمان شغلي ومكانتي في المستشفى والنجاح دا أنا مقدرش أتخلى عنه.
أخذ نفساً عميقاً وزفره ، تحرك مبتعداً دون رد..
لتتنهد الأخرى بضيق ، حدثت نفسها ،لا أريد إتعاسه ولكن أيضاً لا يمكن أنا أجاريه فيما يريد ،هناك تكمن حيات ومكانتي ، لا يمكن التخلي عن كل ذلك بسهولة...سمعت صوته آتٍ من أسفل ، صوته عالي وغاضب..
نزلت الدرج وهي تنظر إليه بدهشة..
بينما هو يبوخ أحدهم ، رجل يبدو عليه العوز في منتصف العمر ،نحيل يرتدي لجلباب صعيدي رديء...
صاح به : وأنا مالي بابنك؟ أنت بتشتغل وأنا بديك يوميتك ، ودلوقتي بقيت تاخد الضعف ،يبقى تحط جزمة في بقك (فمك) وتتخرس وتيجي تشوف وراك أيه...
أخفض الرجل رأسه أرضاً ، أحمرت عيناه من الموقف ،وقد ظهر عليه معالم الخجل والحزن على نفسه وكرامته ، والأخرى شعرت بالضيق مم ذلك الموقف..
تحركت صوبهما وهي تقول بضيق : فيه أيه يا حسن ، أنت بتتكلم كدا ليه؟
حرك الأخر يده على وجهه بغيظ واليد الأخرى في خصره ثم صاح به : أطلع برة ومشوفش وشك تاني..
وهنا لم يستطع الرجل التماسك أكثر فبكى وهو يترجى رب عمله أن يرضى عنه ،وأن يعطيه فرصة ،ولن يتخلف عن عمله مجدداً مهما حدث ،وأنه يحتاج المال من أجل علاج ولده المريض..
شعرت بالألم من ذلك المنظر ، ثارت بداخلها من الموقف، رفعت حاجبها بضيق ، حاولت أن ترضي الرجل فقدمت له ورقة خاصة بعملها وعليها رقم هاتفها: أهدى لو سمحت ، ابنك لو محتاج أي دوا أتصل بيا وأنا هوفرلك اللي محتاجه..