طرابُلس- السّادسة مساءً.اتكت آية على الكُرسي بشويش ، كانت تتأمل في السحاب يتحرك بسرعة ومع النسمة اللي هبت ضمت يديها على جسمها ، كان الخريف يرسل في اشارات خفيفة ينبه بزيارته الحُلوة ، آية تحب الخريف ، وأكثر شي يمتّعها هو صوت الورق المتساقط ، أول ماتعفس عليهم تحس براحة تامة ، راحة مالقتهاش مع قُصي ، وعلى سيرة قصي كان يدورلها في ثمرة جوز الهند لأنها اشتهت تمس قشرته !.
ابتسمت ببطء وهي تفكر ، أحسن ..تبرد على قلبها ولو شوي ويتعذب شوية على خاطر ولده ، تلقائياً اتجهت يدها لبطنها ، ياترى قُصي حيغير معاملته مع وجود طفلهم ؟ ، أو انه العرق العنيف اللي فيه حيقعد يتعب في أيامها ؟، لقت روحها تتنهد لسابع مرة ، هل هكي مفروض تمشي حياتها ؟ ، تخضعله وترضى بالواقع وماتقدرش تحاول قيد أنملة انها تغير الوضع .
كانت ضعيفة ، وهي عارفة السبب ، خايفة من فراقه ، ولو تسمعها غالية مش ح تتردد ثانية انها تأنّبها ، أي فراق هذا ؟ روميو هو ؟، لكن رغم كل شي هي مازالت خايفة ، مش متخيلة شكل حياتها بدونه ، بدون صوته ، وبدون ملامحه اللي تسهر الليل بطول حتى تتأملهم بدون كلل ، اعترفت انه الحُب يجيب الذُل ، ولانها عارفة انه قُصي مستحيل يدورها ، يترجاها ، أو يركعلها على ركبتيه بس ترجعله ، مسحت دمعة خفيفة ، مش لقُصي ، ومش لمعاملته ، انما لضعفها ، وحالياً وهي حامل كانت في أضعف حالاتها .
اللي ماتعرفش بيه آية ، انه قُصي على بُعد خُطوات من هدير وزوجها ، بعيون عماهم الحقد تأمل ضحكتهم ، واضحة عليهم السعادة ، كانت ح تكون سعيدة برضو لو قعدت معاه ، لكن هي نعتاته بالمهووس ونساته ، كأنه خرقة بالية ، ولاشُعورياً تذكر آية ، ولا مرة .. ولا مرة قللت احترامها عليه ، وكان الموضوع يستفز فيه ، كونه يعرف انها تغضب لكن مهما حاول معاها كانت زي الحجر ، ماتتفاعلش معاه الشي اللي خلاه يستغرب ... وين تفرغ في غضبها ؟ ، حك عيونه بقلة حيلة وتلفت قبل مايسمع هدير تنادي في زوجها :
-ضياء!، يكفي عاد !.حاول ينفي الفكرة اللي خطرت في باله ، لكن شكّه كان أكبر مِنه ، وبعقل مغيب مشي للمنطقة اللي تسكن فيها هدير ، وفي خلال جلسة مع مجموعة عجزة ومسنين استفسر منهم بهدوء، لقي شكّه في محله ، هاجمه صُداع طفيف وهو يفكر ، علاش ضياء زوج هدير يوصّي فيه على زوجته هو ؟ منين المعرفة ؟ ، وأخيراً علاش كلمه وكأنه يعرف بمعاملته لآية ؟، وكلمة وحدة كانت اجابة تساؤولاته نفسها ، وهي آية نفسها .
الأخيرة كانت تسقي في زرعها اللي في البلكون ، بعد ماركبت من الجنان المشترك تبع العمارة نتيجة لخوفها ، لأنها حست بعيون متسلطة عليها ، وبين الثانية والتانية كانت تدندن بلحن أغنية ، ماحستش بقصي الا لما شد شعرها ودخلها للحوش ، ولأنها آية ..فهي متعودة تكتم صرختها خوفاً من الفضيحة ، وللأسف انه الفضيحة موجودة من زمان ..
أنت تقرأ
نــدم : في خطى بطيئة !
Romance" أحياناً فيه أفعال وليدة اللحظة ، سواء كانت غضب او فرح ، يعني ... مش في صحو عقولنا بالضبط ، والافعال اللي تنتتج عن الاثنين مش ديمة ح تكون كويسة !، وممكن تندمنا وتعلمنا مية درس ...تعلمنا ماناخدوش قرار وليد اللحظة . - العمل الثالث للكاتبة زُحل .