-بـعد مُرور يـومين .فتحت عيُونها بإعياء حست بيه لأول مرّة في حياتها ، وكأنه جفونها يعاندو فيها ، أرجعي غمضي عُيونك يا آية مش ح تعجبك الحياة !، شافت يمين ويسار بنوع من الخوف ، خيرها ماتشبحش كويس ؟ ، وهي وين ؟ ، بصوت مهزوز وضعيف نادت أول اسم خطر على بالها :
-قُصي ؟
ولما قابلها الهدوء فقط لاغير ..ترقرقت الدموع على حافة عيونها ، علاش حاسة انها في كابُوس من نوع تاني ؟، وكانت واثقة انه فيه حاجة غلط من نومها الغير مريح ، كانت مرات تسمع في أصوات بحداها ، ماقدرتش ترد ، ولا قدرت تتلفت أو تشوف منو اللي معاها ، تأففت وهي تنادي مرة واتنين في اسم زوجها ، لكن مافيش رَد ، حاولت تركز سمعها ، كان فيه ضجة بعيدة شوي ..ناس وزحمة وكأنها في الشارع أو في مكان عام ، ومع تركيزها رؤيتها بدت تتضح شوي شوي ، وخافت لما قابلها اللون الابيض أكثر شي ، هل بدت عمياء؟ ، سمعت صوت اجهزة بحداها ، ولما حاولت تتلفت ماقدرتش ، فيه حاجة مقيدة رُقبتها ، وفيه حاجة اخرى حست بيها في يدها ، بهدوء ركزت في ريحة الكُحول ، أبيض ..زحمة ..اجهزة ..وكحول يعني المستشفى ، لكن هي علاش في المستشفى ؟ .
وبدون أي مقدمات أو رحمة ضربت الذكرى الأخيرة دماغها ، تجاهل قُصي وبروده معاها ، عركتهم الاخيرة ، واخيراً طيحتها في الدروج اللي بعدها غاصت في ظلام ماتعرفش مُدته ، كانت حاسة انها ناقصة ، لكن ماعرفتش كيف ، فيه حاجة مضايقتها ، وبدون وعي اتجهت يدها لبطنها ..اللي كانت مسطحة وخاوية من أي انتفاخ يُذكر ، رغم انه بطنها مانفختش هلباَ ، لكن آية كانت يومياً تقيس فيها ، لوهلة ضحكت ، وين بيمشي طفلها ؟، وسُرعان ماضربتها الفكرة ، لا مُستحيل ، طاحو الدموع اللي كانت شادتهم ، وهي تمس في بطنها بنوع من الهيستيريا ، وتكرر وتعاود في جملة بهمس تحول لنوع من الصياح :
-ولدي ويـن ؟ ولدي وين ؟!
سمعو الممرضات صياحها وتدخلو ، بينما تبعتهم الدكتورة المتابعة لحالتها و وراها هدير ، كانت الاخيرة متأثرة بالحالة اللي اصبحت عليها آية ، و وبعدت من الباب بدون ماتتحمل تشوف حُزنها ، لما سمعت الهدوء عرفت انهم اعطوها حُقنة مهدئ ، فتلفتت بعصبية ادور بعيونها على قُصي ، مفروض يكون جنب زوجته !، البارد !، كيف يسيبها بعد عملته الشنيعة ؟، والأهم هو أمها اللي كانت متعصبة وتمثل انها صاعبة عليها بنتها ، تنهدت هديل وهي تتلفت لآية الراقدة بسكون لاحول ولا قوة ، آية تعرضت للنزيف فوراً اذ انه حملها ماكانش ثابت ، ورضوض في اماكن متفرقة من الجسم ، لكن الغريب انه آية خدت يومين حتى تنوض ، بدل ماتفوق بعد ساعات قليلة بس ، وكأنها مسلمة أمرها وتبي ترقد للأبد !.
مرت ساعتين وهدير تتفرج على الممر الخالي من أي شريك ، صديق ، فرد من العائلة ، تلفتت لآية الراقِدة بهدوء في سريرها ، وين ناسها ؟ وفجأة كلمة شنيعة ضربت مُخها ، الوِحدة ، قداش ما مُقهرة الكلمة ، بشعة زي العالم اللي هي موجودة فيه ، في الطفولة يبانلك قوس قزح ألطف شي ، بس لما تنضج تفهم انه القوس سبقه يوم معتم وكئيب ، في الطفولة نكونو متحمسين للكِبر والأحلام اللي نرتبوها في طابور طويل ، ظناً منّا انه بتأشيرة صُبع وتكون عندنا ، ظناً منا انه طريق لو كان وعِر شوي حنجتازوه ، بس الظنون كلها مهما كانت شنيعة أو مُتفائلة ، تختفي قدام العالم اللي نتعرفو عليه في الكِبر ، نعرفو انه الصُبع اللي بنأشرو بيه على أحلامنا قبل حتى مانختاروهم ... يُبـتر .
أنت تقرأ
نــدم : في خطى بطيئة !
Roman d'amour" أحياناً فيه أفعال وليدة اللحظة ، سواء كانت غضب او فرح ، يعني ... مش في صحو عقولنا بالضبط ، والافعال اللي تنتتج عن الاثنين مش ديمة ح تكون كويسة !، وممكن تندمنا وتعلمنا مية درس ...تعلمنا ماناخدوش قرار وليد اللحظة . - العمل الثالث للكاتبة زُحل .