.
.
.
.لم تتحدث هيلينا منذُ هذا الوقت، لم تنبس بحرف واحد وفي الواقع لم يفعل أحد، الجميع إتخذ من الصمت رفيقًا له، كانوا مراعيين لمشاعر هيلينا ولوثر.
لكن وجودهم في القصر لم يطُل، سرعان ما طلبت هيلينا المغادرة والبقاء وحيدة وسنحوا لها بالخروج دون معرفة وجهتها وبعد فترة من الصمت المطبق بين الجميع أعتذر لوثر أيضًا وخرج للبحث عن هيلينا.
هي الوحيدة التي ستتفهمه، وهو الوحيد الذي سيتفهمها، هو يريدها الآن بشدة.
كان يسير تحت السماء البرتقالية، تكاد الشمس أن تغرب والمدينة تزداد هدوءًا.
كان يسير في حديقة القصر وفجأة سقطت عيناهُ عليها، كانت تقف فوق جسر، ليس فوق الجسر تمامًا بل فوق سور الجسر وتحدق بالمياه أسفلها..هل تخطط للإنتحار؟
كان شعرها القصير البني يتطاير وفستانها الوردي الطويل يتمايل مع الهواء، بدت كأميرة تائهة، كأميرة لم يحبها أحد..
ركض لوثر مسرعًا في قلق نحوها وصعد الجسر الصغير والمرتفع ثم وقف بمجرد أن اقترب لها وأكمل طريقه سيرًا في هدوء كي لا تدرك قلقه عليها.
استقر خلفها ثم قال بنبرته الباردة المعتادة:
«هل ستقتلين نفسكِ؟»لم تلتفت هيلينا نحوهُ وأجابت في نبرة مهتزة:
«أجل، لا تحاول أن تمنعني»«لن أفعل، لكني فضولي حقًا، لماذا ستنتحرين؟ يمكنكِ فقط رمي العالم بعيدًا وإنقاذ نفسكِ..أصولكِ المانية أليس كذلك-»
«أنت!! »قاطعته في نبرة بدا على البكاء بوضوح ثم شهقت وأكملت:
«هل أصولكَ المانية؟ »استدارت نحوهُ بوجهها ليرى هو دموعها وعيناها الحمراء وترى هي نظرة الإحباط في عيناه حينها أجابها في هدوء:
«هل تبكين لأجلي؟ ماذا؟ أنا عدو البش-»«هذا ليس مضحك!! توقف لوثر!! عدو عدو عدو؟ هذا غير حقيقي! على من تكذب؟ أنا ابنة والتر! هل تظن أني لم أراكَ تركض نحوي مسرعًا في قلق؟ هل أنت خائف أن أقتل نفسي؟ ومن ثم تتظاهر بالبرود وتقول أنك لن تمنعني؟ لا تناقض نفسك! لا تحاول خداعي بينما أنت فاشل لهذا الحد! أنت لست عدوًا أنت مجرد فاشل جبان يخاف الفشل! يخاف الكراهية! انت لا تعتاد على الكراهية بكونك عدوًا حقيقيًا! بل أنت تعتاد على الكذب، إن أردت أن تعتاد على الكراهية واجهها! هل تظن أن الخروج بسبب لجعلهم يكرهونك سيخفف من آلامك؟ هذا غير صحيح!! »
كانت غاضبة بشدة وتبكي بخفة، دموعها تتزايد ونبرتها تهتز أكثر فأكثر.
لكن لوثر لم يجد ما يريد قوله، هو عاجز تماماً ومن يخدع بحق؟ عدوة البشرية الأكبر؟ ياللهراء.
سار لوثر نحوها بينما هي تراقبه في تساؤل ثم صعد فوق السور الكبير قربها ونظر لها قائلاً:
«حسناً إذًا، لننتحر معاً؟»نظرت لعيناه الخضراء التي تعكس ضوء الشمس، كان جميلاً بحق، جمال لن تعتاد يومًا عليه، فكلما تراه من هذا القرب تشرد في جماله مُجددًا وكأنها تراه للمرة الأولى.
أكمل لوثر:
«فلنقتل أنفسنا، هذا أفضل من أن يتم قتلي بواسطة حفنة نازيين لأن أصولي إنجليزية!»سخر.لكن هيلينا لم ترغب في هذا حقًا، هي تعرف أنها لا تملك الشجاعة وقد كانت واضحة بِشدة مع لوثر فـقالت:
«لا، أنا خائفة»حينها وضع لوثر بيداه فوق خصرها لتتورد وجنتاها ويتحدث هو في رفق:
«تشبثي بي إذًا! وحدقي في عينايّ، أظن أنكِ واقعة في حبها، دائمًا ما تحدقين بي كـالهائمة، هل وقعتِ في حبي بالفعل؟ »كان يمازحها لكنها لم تجد هذا مُضحكاً.تشبثت هي بهِ وقالت ساخرة:
«سأتزوجك فقط إن أعترفتَ أنكَ لست عدواً!»قهقه هو ثم قال:
«لا تبعدي عيناكِ عن خاصتي إذًا!»ثم ألقى بنفسه بها فوق المياه.ضربت أجسادهما الماء الدافئ وقد كان لوثر يحملها كي لا تغرق، كانت هي تعانقه وهي يحاصر خصرها بِكلتا يداهُ، كانت وجوههم متقاربة، حصلت هيلينا على مشهد أجمل لعينه وشعره الذهبي الذي يُمطر، كان لوحة فنية.
وقد كان هو في وضع مشابه، كانت جميلة، وابتسامتها آخاذة ونظراتها نحوه تأسره، ضوء الشمس كان لطيفًا بِشدة على وجهها، وكأنها لم تبكي يومًا.
قالت هي في خجل حين طالت نظراتهما:
«أنت تعرف كيف تسبح إذًا، من الواضح أني لن أمُت اليوم..»كبرت ابتسامته ثم قال شاردًا بها:
«تنا لستُ عدوًا، أنا حليف للبشرية وسأختار إنقاذها؛ لأنكِ جزءًا منها، لن أترككِ للموت، يمكنكِ محاولة قتل نفسكِ مئات المرات وفي كل مرة سأكون هناك لتنظري بها لعيناي، سأنقذكِ كما أنقذتيني..هيلينا! »تسارعت نبضات قلبها، وكأنه يتحدث من قلبه مباشرةً، لقد رمى قناعه الكاذب، بل حطمه تمامًا في غضون دقيقة، بضعة كلمات جعلته كالملاك في عيناها، لقد كان حقًا ملاكًا ساقطًا، ملاكاً رفضته السماء، وانسانًا رفضته الأرض! لكنهُ سيكون جمالاً تقبل هي بهِ، أنقذته؟ هي لا تظن هذا! هي ستجعله يتخطى هذا الجدار بغض النظر عن أصوله، وإن لم تنجح ستقف تحت النجوم معهُ و تلقى حتفها في سعادة!!
ابتسمت هي..لأنها عثرت توًا على بيتر بان خاصتها الذي سيصطحبها لنيفرلاند!
أجابته هي:
«سأتوقف عن محاولة الموت فقط..إن جعلتني أحلق، تمامًا كما فعل بيتر بان! »قهقه هو:
«لا بأس بهذا، لكن لا تنسي وعدكِ بِتزوجكِ بي»أشاحت هي وجهها في خجل ليقهقه هو مجددًا، لقد نسى لفترة أنه انسان، لقد أحب كونه عدوًا وظن أن هذا هو القرار الصائب؛ لكنها جعلته يدرك حماقة ما فعله، جعلته يدرك بشاعة أن تكون عدوًا، لذا هو سينقذها..لأنها أنقذت الإنسان بداخله!
★★★★★★
770 كلمة.
أنت تقرأ
لوثر بين النجوم✔
Romansa«حُبي لكِ سَيُعوض النجوم..عَن نجمة ثملت وخرقت المألوف عَن قصيدة حُب لم تُرسل للمحبوب..عن أغنية حزينة لم ترى النور عَن نجمتُنا التي هَوت ومحت الوجود! » -إنها نهاية العالم وعدو البشرية الأكبر هو القادر على إنقاذه...فهل سَيُنقِذهُ؟