دخل خادمان آخران في تلك الاثناء يحملان طاولة ووضعاها إلى جانب سرير الماركيز ، ثم خرجا ليدخلا من جديد وكل منهما يحمل صينية فيها كل ما لذ وطاب من المأكولات التي لا يتناولها سوى الميسورين والتي تدل على مدى ذوق الكولونيل في اختيار الاصناف .
فلقد كان الكولونيل بركلي على عكس العديد غيره ، يهتم اهتماماً خاصاً بالطعام والشراب ، حتى أنه كان يأتي بوصفات طعام جديدة من كل أقطار العالم .
فكر الماركيز بينه وبين نفسه وهو ينظر إلى الطعام أمامه : « ساختار هذه الليلة أصنافاً أخرى غير هذه . » قرر ذلك ، لأنه أراد أن يرى بنفسه كيف تكون ردة فعل شخص به جوع شديد أمام أصناف متنوعة من طعام .
فلكم تمنى وهـو فـي البرتغال لو أن لديه مئات من العربات تتىء بالقمـح ليوزعها على الفقراء ! لكن كان ذلك غير متوفر لديه ، وبقي الفقراء يعانون من جوع المميت .
إنما الذي لم يتوقعه ، هو أن يجد اشخاصاً جياع في بريطانيا التي بالرغم من سنوات الحرب الطويلة مع نابليون ، بدت تزخر بشكل هائل بالحليب والعسل .
عادت جيسيلدا إلى الغرفة وقد بدت مختلفة كثيراً عما كانت عليه في الأول .
لقد ارتدت فستاناً بسيطاً أزرق اللون لاحظ الماركيز أنه يتماشى مع الموضة الحديثة ، كما أن نوعية القماش لا ترتديه سوى الخادمات أمثالها .
وقفت قرب الباب ثم نظرت إلى الماركيز بعد أن القت نظرة سريعة على الطاولة التي كثرت فيها الاطباق الفضية بمختلف اصناف الطعام .
فقال لها : « انني انتظرك كي تنضمي إلى مائدتي ، لكن أعتقد لو نؤجل الطعام الآن لبعد قليل . »
كما تريد يا سيدي . »
« اريد كوباً من شراب الورد أولاً ، وآمل أن تشاركينني بمثله . "
تقدمت جیسيلدا من الطاولة وسكبت في الكوب الشراب الذي طلبه الماركيز وقدمته إليه ، ثم نظرت بتردد إلى الكوب الآخر الذي جهز لها .
فحثها الماركيز قائلا : « هيا ، سينفعك بعضاً منه . »
« اعتقد يا سيدي ... أن ذلك ليس بالتصرف الحكيم . »
"لماذا ؟ »
ادرك بعد أن سألها بأنه تفوه بسؤال سخيف فبادرها بسؤال آخر : « متی تناولت الطعام لآخر مرة ؟ »
« مساء أمس وقبل أن أخرج من هنا . »
« هل تناولت وجبة جيدة ؟ »
« اعتقدت في البداية بأنني جائعة ، لكنني اكتشفت بعد ذلك بأنني أجد صعوبة في ابتلاع الطعام . » فهم الماركيز أن ذلك عائد لسوء التغذية من الاساس.
فسألها عند ذلك : « اعتقد بأنك أخذت الطعام إلى منزلك بما أنك لم تستطعي تناوله . »
« لم أستطع أن ... أفعل ذلك . »
أنت تقرأ
[مكتملة✓] سر الخادمة
Romanceهل سبق لك أن كنت يائسًا لدرجة أنك ستفعل أي شيء مقابل المال حرفيًا؟ هذا هو الوضع المأساوي الذي تجد جيسيلدا نفسها فيه ، مع عدم وجود مال لإجراء عملية يحتاجها شقيقها الأصغر بشدة لإنقاذ حياته ، ولا أحد تلجأ إليه وبسبب الفقر ، تستجمع شجاعتها لتقدم الشيء...