حين تضيق بك الاماكن ، تذكر أن ركن الله موجود لأجلك .في صباح إحدى الايام الهادئة ، رفعتُ جفنايّ بشيءٍ من التعب بعد أن أرَّق نومي كابوس أخر من كوابيسي التي أصبحتُ أعتاد عليها و أنسى معظمها ، منذ متى؟ .. لم أعد أذكر لأنها أصبحت روتين حياتي الذي يجب الاعتياد عليه .. نهضتُ أتثاءب بقوة لأنظر لتلك الشمس التي أنارت جزء من غرفتي قد أُزيحت عنه الستائر السوداء قليلاً لأغمض عينايْ بضجر ، لست أحب الشمس ولست أحب قوة نورها ، ذلك يرهقني دائماً فأنا أكثر الأوقات أعيش في الظلام ، أحببته! بل أدمنته حتي ما عاد بإمكاني أنْ أجد نوري المسلوب !!
" فارس! فارس هيا إستيقظ لأجل المدرسة!"
بدأ صياح جدتي كما كل صباح دون أن تدخل غرفتي! فأجبتها بصوت عالي قليلاً :
" حاضر جدتي! "نهضت بكسل ، و بدأت بروتيني المعتاد صلاة و إرتداء ملابس المدرسة ثم أنزل للأسفل ، أراهم الآن متجمعين حول تلك المائدة الطويلة التي تتسع لأفراد أسرتي التسعة ، عمي أمجد و زوجته مريم و إبنه الأكبر لؤي صاحب العشرون عاماً و جنَّة صاحبة الثامنة عشر التي بدأت دراستها الجامعية منذ أسبوع فقط ، و عمي الاصغر ماجد و زوجته و إبنه الاصغر الذي يصغرني بعام 'مراد' ، جدي و جدتي و أنا العاشر و ابي و أمي تكتمل الاسرة بإثنى عشر فرداً ، عائلة مكتظة!!
إبتسمت جدتي بخفة حين رأتني بينما تجاهل الباقي وجودي و هي تناديني إلي جانبها :
" تعال حفيدي إلي جانبي."تحركت قدمايّ أنزل الدرج ، أشعر بالانزعاج منذ الصباح ! .. تقدمتُ منها و توسطتُ المقعد الذي يلتصق بمقعدها ، فربتت علي خصلاتي الحالكة و من ثم نظرت إلي عيناي الرمادية و هي تقدم لي أطباق الطعام بلطف :
" تناول إفطارك جيداً قبل أن تغادر صغيري فارس ."رمقتها بهدوء كالمعتاد ، لا رد فعل ، لا حديث ، ولا أي شيء ، مما جعل مراد ينظر لي بسخرية :
" أخرس كعادتُك!! جدتي تحاول إخراجك من وحدتُك لكنك عنيد و أبله ."لم أحدق فيه ، لست غاوي رؤية نظرات الأعين و ما خلفها من كلمات مكتومة أراها ، بل أمسكتُ بملعقتي و شرعت بتناول إفطاري ، فربتت يد جدتي علي رأسي و هي توجه حديثها لمراد :
" مراد تناول طعامك بصمت ، لأجل المدرسة ."لم تناقشه لأجلي ، كعادتها! .. رغم لطفها الا أنها لم تدافع عني ولا مرة واحدة فقط! مرة واحدة تزيد من قوة ثقتي بنفسي التي لم أعد أراها ، لذلك أنا إعتدت أن أكون جبان!!
انتهيت ثم نهضت ، فخاطبني جدي قائلاً :
" فارس ، لم تتناول طعامك بشكل جيد .. "" أنا شبعت ."
همست ، فخاطبني مجدداً مغيراً كلماته :
" حسناً ، سالم و أميمة كانا يريدان سماع صوتك و الاطمئنان عليك ."
أنت تقرأ
نيكتوفيليا "مكتملة"
Fantasy"تعلَّم كيف تكون وحدك ، لأن يومًا ما ستجد نفسك وحيدًا ." كلمات قالها لي متسول مجنون يسير في الشارع مقهقاً ، قبل سنتين من وجودي بهذا المنزل الكبير الذي يخص عائلتي و عائلة والدي ، بعدما تركني والداي و قد سافرا سوياً لإحدى دول انجلترا تاركين إياي وحيد...