لم أكن أدرك حقيقة الأمور التي كنت أقع فيها ، كنت أتحاشى دائماً الحقائق لذلك كان أحياناً وقعها صادماً لي .كنت أجلس أمام أبي ، أحدق بيداي ، حركة يداي المتوترة جعلته يدرك أنني أعلم عن ذلك الأمر ، لم يغضب لإخفائي الحقيقة ، كان هادئاً عكس العادة ، لذلك أخذت نفسًا عميقًا و زفرته بهدوء و أُجيب سؤاله :
" نعم يا أبي ، عامر أخبرني بكل شئ .. لم يكن هو القاتل للعم خالد بل .."سكت للحظات ، هل يجب إظهار السر ؟ .. أم يجب قول الحقيقة ؟
" أكمل .. من كان القاتل ؟ "
سألني بهدوء ، لا يوجد و لو تعبير وجه واحداً فقط! ..فأومأت أقول :
" ج.. جابر الذي قتل عمي خالد رحمه الله."لازال هادئاً ، و كأن بأعماقه كان يدرك الحقيقة ، وجه عيناه لما خارج النافذة ، ثم نهض يتجه إليها ، و وقف يحدق بالسماء يفكر بالأمر حتى سمع شهقة مصدومة من فارس فنظر له ليجده يحدق بالتاريخ قبل أن ينهض ، فاتجه نحوه مستغرباً يسأله :
" ماذا يا فارس؟ "نظر نحوه فارس للحظة لا يستطيع التفكير بشئ ، و كل تفكيره أنه كيف نسى هذا اليوم؟!!
بشئ من التردد و الخوف :
" أبي أريد الذهاب لنادر ."عقد جبينه ، في هذا الوقت؟! .. لذلك نطق برفض :
" الساعة السابعة ، لتذهب غداً ..."قاطعه بقلق شديد و ترجي:
" أرجوك أبي ، أن اليوم هو ذكرى موت والديه ! نادر تكون حالته صعبة جداً بهذا اليوم ، دعني أذهب لأراه! "بعد تردد قليل تنهد :
" حسناً لنذهب سوياً ."لم يكد يكمل الجملة حتى ركض فارس يرتدي معطفه ثم سبقه للسيارة ، خلال ساعة كان فارس يقف أمام باب الشقة بأنفاس متسارعة ، يؤنب نفسه على النسيان! لم يكد ساهر يفتح الباب حتى دلف فارس تحت تفاجؤ ساهر الذي ابتسم بخفة حين رؤيته لسالم .
حين دخلا وجدا فارس يجلس بجانب نادر الذي نهض بابتسامة متعبة لصاحبه الذي يعتذر له بشدة على تركه بمفرده ، و الأخر كان يتجاوب معه مما جعل ساهر يبتسم ، فقد كان بعالم أخر قبل مجئ فارس ، لو يعلم أن فارس سيخرجه من حالته كان سيتصل به يطلب مجيئه أفضل .
" أنا بخير ! "
" أنت تكذب! أنظر لحالتك! "
تنهد نادر بقلة حيلة ، حتى شعر بيد فارس تمسح بقايا دموعه فنظر له وابتسم ، لحظة حتى نطق :
" ما رأيك أن نذاكر ؟ الامتحان بعد عشرين يوماً فقط ."لم يرد فارس بل نهض نحو مكتب نادر ليمسك بالكتاب و دفتر و قلمين ثم عاد له مجدداً ، وضعهم أمامه ثم نزع سترته و شاركه بالسرير
دافعاً إياه للجانب ، لحظة حتى ابتسم فارس و أمسك الكتاب ليخاطبه :
" نبدأ؟ "" نبدأ."
عقب نادر و الابتسامة تعلو شفتيه ، رؤية فارس كانت كفيلة بتهدئة قلبه المشتعل ، كان دائماً كالمهدئ له ، كان بلسماً!
أنت تقرأ
نيكتوفيليا "مكتملة"
Fantasy"تعلَّم كيف تكون وحدك ، لأن يومًا ما ستجد نفسك وحيدًا ." كلمات قالها لي متسول مجنون يسير في الشارع مقهقاً ، قبل سنتين من وجودي بهذا المنزل الكبير الذي يخص عائلتي و عائلة والدي ، بعدما تركني والداي و قد سافرا سوياً لإحدى دول انجلترا تاركين إياي وحيد...