الفصل الثاني عشر
.........................الصوت القادم من الأسفل كان يزداد اكثر واكثر..لم يكن الوقت مناسب ابداً خاصة بالنسبة له وهو يكتوي بالنظر للمرأة الفاتنة زوجته..تطلعت لأيمن بحيرة لتشعر بيده تدفعها في اتجاه الباب قائلاً بثبات
- " لن نهرب..نحن الاثنان لم نخطئ بشيء.."
من النادر أن يكون واثق أنهُ لم يخطئ..نظر لجسدها يتجاوز الباب لتسير امامه ليداهمه احساس مختلف..رغبة بإعلانها ملكه رغماً عن انف الجميع يحميها ليشعر بالغرور..توقفت خطواتها عن المشي في اعلى السلالم الطويلة تنظر للأسفل بعينين جامدة سرعان ما حطت عليها العينين الزرقاء الغاضبة نزلت السلالم بخطوات ثابتة تخفي رجفة قلبها ليحل الهدوء لثوان فقط قبل أن يعلو صوت السيدة صارخاً
- " أيتها العاقة..تتزوجين دون اخباري..أنا يا ياسمين امك.."
اكملت النزول لتحط قدميها على الأرضية بعينين لامعة قالت محاولة أن يخرج صوتها طبيعياً
- " لقد تزوجت و انتهى الأمر.."
لا تعرف لماذا كلما نظرت لأمها هكذا تشعر بقلبها ينقبض وتتذكر كل المآسي التي عاشتها كانت ستتكلم قبل أن يأتي صوت رزين جاء ليقطع تلك الأجواء
- " يا سيدة جيهان..لا داعي للفوضى تفضلي لنتفاهم.."
اشتعلت عينيها لتنظر للسيد حلمي بكبرياء قالت باستحقار
- " أنا لن اخرج من هنا من دون ابنتيّ.."
" ابنتك الآن لم تعد تحت امرتك..لقد وقعنا على وثيقة الزواج و انتهى الأمر.."
بحدة حركت عينيها في اتجاه أيمن لتقول بتحذير خرج من بين اسنانها
- " لتخرس أنت يا من تدعي نفسك زوج ابنتي.."
اقتربت لتقف مقابلة له لينظر لها و كأنهُ ينظر لنار ياسمين..ارتفعت اصبعيها تشير له بتصغير لتقول مستصغرة
- " سيأتي اليوم الذي تبكي به على هذا التوقيع..أنت لم تتزوج ابنة عمك فقط أنت تزوجت من ابنة جيهان يا عزيزي.."
اكملت كلماتها ساخرة لتضيف له
- " و أنا لدي ابنتان أريد ندى الآن..اعرف أنكم اخفيتموها عني..ندى.."
- " أمي هذا يكفي.."
صوتها كان معترضاً لتقف مقابلة أمها ..بتعصب اكملت
- "ندى لن تأخذيها ..كانت لأعوام كثيرة في منزل أبي و لم تفكري حتى بأخذها.."
أنور جاء منقذاً للوضع ملاحظاً أن اعصاب ياسمين على المحك..قال مخاطباً أيمن
- " اذهب مع ياسمين إلى الأعلى ..يمكننا ان نتفاهم مع السيدة جيهان.."
قبل ان تلامس يد أيمن يدها كانت تصعد السلالم و شعور القهر يغلبها..لا يمكن لأم أن تكون هكذا ..فكرت بطريقة قاسية لتصل إلى غرفتها مغلقة الباب خلفها بتعصب..اطلقت صرخة مدوية لترمي المخدة على الأرض بعنف..رفعت عينيها إلى الأعلى لتقع فوراً على عينيه السوداء.." اخرج من هنا.." قالتها والشر يتطاير من عينيها و حين لم يستجيب سحبت اول شيء امامها رامية زجاجة العطر عليه..اتسعت عينيه بصدمة و هو يجفل من زجاجة العطر التي حتى لم تصل إليه..رائحة العطر كانت قوية بعد أن تهشم زجاجها على الأرض..خطوة خطتها و هي تنوي افراغ غضبها عليه..إلا أن وخزة ألم اوقفتها لتتأوه مكشرة اندفع مسرعاً ليتجاوز قطع الزجاج قبل أن يرفع جسدها محكماً بيديه على خصرها..احس بضربات يديها عليه لكنها توقفت حين فهمت أنهُ يحاول ابعادها من الزجاج ..احست بجسدها يستقر على السرير من الجانب الآخر ..لتستغرب هذا الاهتمام و هو ينحني بقلق اتجاه قدميها..
- " ما الذي تفعله أيمن..؟.."
سألته باعتراض فنظر لعينيها بقلق
- " هل تمتلكين مطهر للجروح و لاصق طبي...؟.."
انحنى رأسها في اتجاه جسده الجاثي على الأرض لتقول بصدق وقد بدت تتعب
- " اخرج ..احتاج ان ابقى لوحدي."
اغمض عينيه بنفاذ صبر فرؤيته للدماء اصبحت تقلقه بشده..قال بعد أن عد لثلاثة بسره..
- " إن كنت لا تملكين ما قلته لك سأحضر لك من غرفتي.."
شعرت بالإنهاك فاستسلمت له لتمد يدها في اتجاه الدرج بجانب سريرها فتحته مخرجة مطهر للجروح مع لاصق طبي وقطن..نزعت قدمها من بين يديه لتضعها على السرير..بتململ حدقت بعينيه المهتمة وهو ينتزع المطهر من يديها والقطن الأبيض داساً القطن في المطهر..لم ينظر لها وهو ينطق
- "هل تشعرين بقطعة الزجاج داخلك..؟.."
حركت قدمها دون أن تهتم فالجرح صغير جداً إلا أن قطرات من الدم سالت منه..هزت رأسها بالنفي لتقول
- " لقد جرحت فقط..لا اشعر بشيء بداخله.."
ارتفعت حاجبيها لتنظر لاهتمامه الشديد ويديه ترتجف بخفة فوق قدمها هل هذا الشاب يميل لها الآن..؟..احست بالضحك من تلك الفكرة لتشعر بالغرابة من كلماته المحذرة
- " لا اريد أن أرى نقطة دم تخرج من جسدك ياسمين هل كلامي واضح ..؟.."
اكمل كلامه ملصقاً اللاصق الطبي ليعتدل من جلسته جالساً على السرير..حرك حاجبيه مستفهماً لها فأطلقت ضحكة خفيفة لم تخلو من السخرية و بحركات مستفزة نطقت
- " ..هل نزعت كل حصونك بكل هذه السرعة..؟؟..."
لم يفهم شيء في بداية الأمر إلا أنها اوضحت له و هي تكمل
- " لدرجة أنك تهتم بقطرات من الدماء نزفت مني..!..عصفت عينيها مكملة ..مع انك اجبرتها على النزول من اصابعي قبلها.."
هل بدا حقاً شخص ضعيف و هو يمسح دمائها ..الغبية لا تعرف أن هذه الدماء قد تدمر احدى افراد عائلته لو كان حقاً ما يقوله رعد صحيح..اغمض عينيه بعد أن شعر بالألم بهما ليقول
- " كفاك ثرثرة.."
سحبت قدمها لتقول بتعالي
- " وهل قلت شيء سخيف..؟..في نهاية الأمر أنت ستخضع لي..أم أنك تتخيل أن تقاوم سحر الياسمين.."
فتح عينيه بقوة ليقترب قاطعاً المسافة بينهما تلامس ركبيته ركبتيها لينطق متحملاً
- " لقد نطقتيه يا ياسمين ..أنهُ سحر و السحر يزول في النهاية.."
حركت رأسها بالنفي لتبتسم بتلاعب قائلة ببطء و هي تهمس
- " السحر لا ينتهي إلا اذا اصبح القلب صافاً..و بما أنك الشيطان هنا فهذا يعني.."
مالت برأسها لتهمس عند اذنه
- " يعني أنك ستصبح اسيري إلى الابد.."
ببطء تراجع رأسها إلى الوراء..تنظر لبريق عينيه الغاضب لتقول
- " حاول فعل شيء..حاول ردعي إن استطعت..قريباً سأطردك من القصر و سأكون أنا سيدته..."
لم تعرف لماذا تنطق هذه الكلمات الآن بينما لم يرتكب بحقها شيء كأنها تحاول بلسانها القاسي نفض انقباض قلبها الذي يضعف بوجوده وقد فكرت مراراً عن تهورها بالزواج به ..كم كرهت شعور الضعف بمجرد لحظات كان بها أيمن رجل صافي بعيداً عن العصبية ...بينما كان هو بتلك الاثناء ينظر لتغيرات ملامحها وهي تفكر ..لم يعد يحتمل اكثر و هو ينجذب بعينيه إليها وكأنها قطعة مغناطيس كبيرة لا يعرف لماذا كلما اهتز قلبه أمام روحها كلما جرحته اكثر..هل يخبرها الآن أنهُ مسحور..أتلك العينين الزرقاء من تبعث ذاك السحر..أم أن الدماء التي تسري بعروقها مختلفة..!..اهتزت عينيه ليرمش باضطراب قبل أن ينطق
- " لازال الوقت مبكر..أنا سأصبح رجل ناجح ..هذا وعد مني ياسمين و سنرى إن قدرت على طردي من القصر.."
كان يتحدث و هو يشعر أنهُ يستهلك طاقة ..عروق دمائه تشنجت على ضحكتها لتقول بانتصار
- " بالتالي أنا المنتصرة..فقد وعدت عمي بأني قادرة على تربية طفله المدلل.."
انقضت يديه لتمسك بكتفيها مستشعراً نعومة قماش ملابسها دون أي علامة للضعف و هي تكمل بتواصل
- " بالنهاية أنا من حقق ما اراد..إن اردت اهانتي فمصيرك أن تطرد..و إن اخترت النجاح فهذا خوفاً من شري و بالتالي استطعت التغلب على القذارة في قلبك..و قد حققت مطلبي من هذا الزواج و في فترة قصيرة جداً"
يالله ..يكاد يشعر أن عقله سينفجر و عروقه ستتمزق من ذاك الضغط المسيطر في جسده..صوته خرج خشناً قائلاً
- " ما الذي تخططين له ياسمين ..؟..هل تقطعي كل الطرق أمامي..؟.."
- " سبق وأن اخبرتك بما اريد..اريد ان اصنع منك رجلاً حقيقي لا اكثر..بعيداً عن الانانية التي تسكن بك."
- " لا تتحدثي..هذا يكفي..أن كنت تعتقدين أني طفلاً فالأمر مختلف..لا ياسمين أنا سأصبح رجل ناجح..اكمل بتشفي..سأستعيد منصبي منك بالشركة ..و بعدها سأفكر بمصيرك.."
ابتسم حين لمح الرفض بعينيها و قد هزت كلماته قوتها قليلاً لتقول بتسرع
- " عندها سأكون قد تطلقت منك.."
بحدة اخرسها
- " لا تحلمي..و لا حتى بالحلم.."
اظلمت عينيها بخطورة لتردد بعناد
- " عمي سيطلــ.."
قطعت جملتها على انفتاح الباب بنفس اللحظة ..حركت رأسها معه في اتجاه الباب ليجدا ندى واقفة تنظر لهما بإحراج من منظرهما القريب جاء صوت أيمن هادئ معترض بخفة
- " لماذا لم تطرقي الباب ندى..؟.."
اخفضت رأسها إلى الأرض لتردد بخجل
- " آسفة..فعلت و لكن لم يجيب عليّ احد.."
قطعت ياسمين حوارهما لتقول
- " ما الأمر ندى..؟..اكملت بتحذير ..إياك أن تطلبي مني رؤية أمك..فلتنسي الأمر لأني لن اقبل.."
احس حقاً بشفقة في اتجاه ندى و هو ينظر إلى وميض من الحنين لوالدتها تحاول أن تخفيه بشدة و هي تهز رأسها بالنفي لتقول
- "سارة تبكي ..تريدك.."
اطلقت شهقة و هي تقف من على السرير لتنظر إليه قائلة
- " أين سارة..؟..كانت نائمة هنا.."
- " لقد افاقت و أنت في الأسفل ..فأخذتها لغرفتي لكنها تستمر بالتحدث دون أن افهمها تنادي باسمك.."
خلال لحظات كانت تهب لتغادر الغرفة ليغادرها هو بعد خروجها فوراً..تطلع لجسد ندى و هي تنظر لشقيقتها تسرع نحو الغرفة ..اغلق الباب خلفه ليهتف باسمها " ندى." استدارت لتنظر إليه راسمة ابتسامة حلوة فقال بلطف
- "اريد التحدث معك.."
- " أنا..!.."
ابتسم ليقول
- " مؤكد أنت..تعالي معي لغرفتي لن آخذ من وقتك إلا القليل.."
احس بترددها فقال
- " ما الأمر ..؟..هل تخجلين..أم أنك نسيت أنني احبك بالضبط كشهد.."
اكتفت بأن تقول له بعفوية
- " أنا لا اخجل منك ..تبدو لي كأخي الذي لم احضى به.."
كم يشعر بالعطف تجاه هذه الفتاة التي لم تتجاوز بعد سن السابع عشر..شخصيتها لم تبني بعد إلا أن ياسمين تحاول فرض اوامرها متناسية أن لندى اراء مختلفة..
تبعت خطواته لتدخل غرفته ..سحب لها الكرسي لتجلس امام سريره ليتجه هو جالساً على سريره هاتفاً
- " كيف حالك..؟.."
بخير..قالتها و هي ترسم ابتسامة حلوة فردد
- " لقد اعتقد أنك قلقة بشأن والدتك.."
هزت رأسها بالنفي قائلة
- " لقد اعتدت على الأمر.."
ربت على كتفها ليقول
- " كل شيء سيكون بخير..اكمل بمكر محبب..إذا اردت أي شيء اخبريني أنا ..لا تخبري ياسمين لو احسست أن الأمر قد يسبب لك مشاكل معها..."
احس بالارتباك بعينيها فأكمل ليقول
- " صحيح..أين كنت اليوم..؟.."
اتسعت عينيها لتقول بارتباك
- " كنتُ..أنا.."
نزلت يده من كتفها ليردد
- " كنتِ مع فؤاد.."
الخوف الذي لمع بعينيها كان واضحاً و هي تسرع القول
- " لا تخبر ياسمين أرجوك.."
حاول أن يمدها بثقة ليقول بإصرار
- " لن افعل ..لكن اعرفي أن ما تفعليه خطأ.."
نظرت له بحيرة و كأنها تستغرب أن تسمع كلام كهذا من أيمن..احست بالإحراج حين لمحت ابتسامته لتدرك أنهُ فهم عليها قال لها بصراحة
- " لازلت صغيرة..ثم أن وضعي يختلف عن وضعك أنا رجل.."
- " لكنك تؤذي فتيات الغير و.."
قطعها بأسلوب ناعم ليقول مصحح
- " أنا لا اجبر أي امرأة ندى.."
احس باحمرار خديها ليدرك أن بالغ بالحديث معها بهذا الأمر لم يعرف كيف قال ليغير الأمر
- " فؤاد شاب يسعى للمتعة معك..سوى كان برضاك أو .."
لم يكمل جملته بل تركها معلقة فقالت برفض طفولي
- " أنهُ ليس كذلك هو شاب رائع.."
- " لازلت صغيرة جداً..أنهُ الخداع..بحق الله ماذا يريد ابن تاجر مثله من فتاة جميلة مثلك.."
لمح القلق بعينيها فأكمل
- " اطلب منك أن تكوني حذرة..تلك الحفلات التي يقيمها في حديقة فيلته الضخمة بعيداً عن والديه لا اريدك أن تذهبي إليها.."
اتسعت عينيها برعب فقال محاولاً كسب ثقتها
- " أنا لن اخبر احد..فقط عديني أن لا تكرريها..عديني بصدق.."
الدموع تجمعت بعينيها و هي تهز رأسها بالإيجاب لتشعر بيديه تستقر على كتفيها ليقول لها برفق
- " كوني قوية ندى..اريد أن أراك كياسمين.."
مسحت دموعها باصابعها لتقول باختناق
- " و ماذا عنك أنت و ياسمين..؟.."
حين لم يرد نظرت إليه لتقول
- " أنت مؤكد لم تتزوج أختي من أجل الانتقام..بابتسامة بلهاء رددت..أنت شخص رائع أيمن لا افهم لما الجميع ينظرون إليك بنظرة سيئة.."
كبت ضحكة كادت أن تخرج منه و هو يقول
- " هل أنا حقاً جيد بنظرك..؟.."
- " بل أنت رائع.."
قال ماسحاً على شعرها
- " و لأني رائع هل ستوافقين على عقد اتفاق معي...؟.."
كان يعرف أنها غبية حتى لو كان يحبها بعفوية إلا أنهُ يرغب باستغلالها ايضاً هزت رأسها له بالإيجاب فقال
- " سأخبرك بسر.."
تحمست عينيها و هي تحدق به ليقول
- " أنا احب ياسمين..."
لمح الصدمة بعينيها سرعان ما تحولت لفرح ..أنا امثل ..أنا اكذب..خاطب نفسه بسره ليكمل
- " فقط الأمر أنني لا اريد الاعتراف بذلك..لأنها لا تعترف بي!..ثم أنني لا اقوى امام مشاكلها الكثيرة فأجد نفسي اتشاجر معها كالأطفال..."
لمعت عينيها و هي تقول باندفاع
- " لا عليك...ياسمين هكذا لكنها طيبة جداً.."
برقت عينيه بانتصار ليقول مصراً على احرف كلماته
- " ندى اريدك أن تخبريني عن كل شيء عنها..تساعديني لأجد فرصة بالتحدث معها لعلي استطيع أن ازرع بعض الحب في قلبها.."
ترددت في البداية إلا أنها ابتسمت لتقول
- " سأساعدك أيمن.."
اتسعت ابتسامته ليردد
- " رائع جداً ندى.."
عندها وقفت من مكانها لتقول
- " لا يوجد شيء آخر هل يمكنني الذهاب.؟."
- " يمكنك الذهاب..لندع هذا سر ..سر بيننا..."
- " لا تقلق.."
خرجت لتغلق الباب خلفها لتتركه يرمي نفسه على السرير ناسجاً اكثر من فكرة معاً..
.................................
صباح اليوم التالي
......................
اغلقت هاتف المنزل الارضي بعد أن تحدثت للتو مع ممرضة جدتها..تألم قلبها بعد أن كانت ترجو أن تبشرها الممرضة بأخبار مفرحة لكنها لم تزد منها إلا خوفاً وقلقاً..مسحت دموعها بسرعة على صوت جرس باب الحديقة..من يزورها في هذا الوقت غير الجارة السيدة نجوى قد تكون رأت البارحة رعد مخموراً فجاءت تستفسر على كلام يريح فضولها..فتحت باب البيت لتعبر الحديقة في اتجاه بابها الرئيسي فتحته لتجد امرأة تقف امامها لحظة صمت مرت قبل أن تردد المرأة برسمية "مرحبا.."..صمتت تنظر لها ببنطالها الازرق و بلوزتها الكاشفة عن ذراعيها بخلاف وجهها الذي اخفت اثار ارهاقه بأدوات تجميل إلا أنها لم تنجح كلياً في ذلك..اكملت كلامها بشك " هل هذا منزل السيد رعد..؟.." اومأت برأسها بالإيجاب لتقول .
-." نعم..هل اخدمك بشيء..؟.."..حاولت أن تكون رسمية مع تلك الزائرة التي رددت
- " اريد رؤيته .."
احست بالإحراج و هي تنظر لها ماذا تقول لها ..؟..مخمور و نائم في غرفته ..حركت رأسها بالنفي لتقول بأسف
- " هو نائم الآن..لا استطيع ايقاظه.."
اسرعت لتقول برجاء
- " أرجوك..لا استطيع العودة مرة أخرى..اريد أن اراه.."
لم تستطع الرفض ابداً..ابتعدت عن الباب لتسمح لها بدخول هاتفة
- " تفضلي.."
ابتسمت بأمل و هي تدخل لتشكرها بهدوء..سارت بجوار ملك في الحديقة تحدق بأزهارها و عشبها الأخضر لتتوقف عينيها على ملك مشفقة بسرها على حالتها لتتسائل عن وجود فتاة تبدو هشة في منزل رعد..دخلت المنزل لتسير في ممر قصير مستمعة لكلام ملك تقول
- " تفضلي من هنا.."
خطت اول خطوة داخل الصالة لتهتز عينيها مستشعرة بارتباك ملك و هي ترآه كالشبح امامها ..لا يرتدي إلا سروال من القطن لا يكاد يتجاوز ركبتيه و يديه تمر بين خصلات شعره بتململ ..رفع عينيه بتلك اللحظة لتقع فوراً عليهما لم تعرف كيف تراجعت قدميها إلى الوراء بينما ظلت الزائرة تحدق به بنظرات مكسورة..تجمد خلال ثوان لتندفع قدميه مهرولة في اتجاهها بصدمة ..اكتفت بأن تنظر لهما بحيرة عينيها الرمادية تحركتا نحو المرأة التي تنظر لرعد دون أن تبدو أي ملامح للخجل ..ثم إلى صدمة رعد التي تحولت لدهشة ليهتف بدون تصديق "نيلي".. اندفع جسده نحوها اكثر لتنقض يديه على كتفها و هو يهتف بثورة
- " نيلي ..كيف جئت..؟.."
من نظرة عينيه فهمها كانت تشير له بعينيها في اتجاه ملك ..تطلع لها بدون تركيز ليهتف " ملك..دعينا وحدنا.."..
رفعت حاجبيها بغباء فكرر بحزم
- " تحركي.."
لم تعرف كيف نطقت
- " ألن ترتدي شيء..؟.."
كانت تقصد بلوزة تغطي صلابة صدره إلا أن نظرة عينيه كانت كافية بإخراسها لتنسحب باستسلام في اتجاه المطبخ لعلها تشغل نفسها بإعداد شيء ما..فور ان اغلقت الباب خلفها حتى عضت على شفتيها لتشعر برغبة في استراق السمع ..
عينيه اتسعتا و هو لازال يحدق بنيلي بجواره على الأريكة في غرفة الضيوف ادخلها إليها ليشعر بالاعتزال قليلاً قال فجأة من بين ذهوله
- " كيف خرجت من المستشفى..؟.."
لم ينتظر جوابها حين شعر بلهب يلهب جسده صرخ بإنهاك
-" هل كنت تكذبين علي .؟..أكانت لعبة..؟ .."
اراد حقاً أن تقول نعم و هو يردد بإجهاد يستنشق الهواء بصعوبة
- " أنت لستِ مصابة ..ليس بك شيء ..صحيح..؟.."
انكمشت ملك على نفسها من صوته المرتفع وهي تستند على الباب الخشبة لغرفة الضيوف لتسمع صوت نيلي و هي تهتف بصوت عال
- " لا ..لم اكذب عليك.."
كان غاضباً بشدة إلا أنهُ كان متأملاً أن تكون كاذبة..إذا لم يكن من أجل حياته فمن أجل حياة غيره..اغمض عينيه ليبتسم بمرارة و هي تكمل بخفوت
- " سأعود للمستشفى بعد خروجي من بيتك..أنا فقط ابدو لك بخير من تأثير الأدوية المؤقتة.."
ضرب بكفيه مع بعضهما البعض ليشعر بأن قلبه يعتصر يكاد يموت من ألم قلبه ..الذي يلهب جسده فيجعله حاراً ..قال ساخراً بخفوت
- " كنت احلم أن تكوني كاذبة.."
احس بالعبرة تخنقه و هو يحدق بالأرض مكملاً
- " نهايتي ..لم اتخيل أن تكون بهذه البشاعة..!.."
ببطء اقتربت نحوه لتمرر اصابعها على كتفيه و بخفة اسندت ذقنها على كتفه ..دموع سقطت على وجنتيها لتغمض عينيها مستشعرة باضطراب جسده اختنق صوتها لتردد بهمس
- " ربما أنت لستَ مصاب.."
لم يستوعب شيء كأنهُ يخاف أن يسأل فتنفي..يخاف أن ينظر لها فتخبره مجدداً أنهُ مصاب..احس بأصابعها تمر على عنقه تنطق بغصه
- " لقد اصبت بالفايروس بعد أن قابلتك..من رجل غربي في بريطانيا.."
انقبض قلبها لتشعر بتشنج عضلاته لتكمل
- " لا تعلم أي ندم اعيشه الآن...كانت حياتي مثلك إلا انني في النهاية لم احصل على شيء..أتألم كل يوم حتى الموت ثم انتظر لحظات موتي بخنوع.."
تحشرج صوتها لتنزل دموعها اكثر من سكوته
- " و ماذا جنيت.؟..في النهاية قتلت نفسي.."
شهقة انزلقت منها لتردد ببكاء مرير
- " أنا استحق...لكنك لا تستحق..انتبه لا اريدك أن تنتهي دون أن تكسر جانبك الموحش.."
ارتد جسدها إلى الوراء لتنخرط في بكاء مرير و بتلك اللحظة نظر إليها و قلبه يكاد ينفجر من ضرباته العنيفة مزيج من فرصة النجاة مع ألم يقتله..نظر إليها بإنهاك فقالت من بين بكائها
- " أنا آسفة..لكنني احتجت للكذب عليك..علك تشعر بعاقبة ما تفعله.."
وقفت بتلك اللحظة لتكمل قائلة
- " أنا يجب أن اغادر الآن..اتمنى حقاً أن تزورني بالمستشفى..فأنا لم املك احد سوى خالتي.."
حين هتفت بذاك الكلام اسرعت ملك لتغادر مسرعة في اتجاه غرفتها بعد ان كانت تلتصق في الباب تحاول سماع شيء حتى انها نسيت أنها لم تقدم الضيافة للزائرة دخلت غرفتها لتتنفس براحة ومن دون شعور ابتسمت من اعماق قلبها لتهمس بالحمد..الحمدلله..لم تكن تدرك أن دموعها الساخنة قد بللت وجنتيها وشفتيها لم تتوقف عن الحمد ولا للحظة..
أنت تقرأ
الشيطان حولك لكاتبة سمايل رانيا
Romanceنصبت لك فى قلبى اشواكا قلبا يدعوك للحب يمزقك بحثت عن حلاوة عينك فلم اجد سوى رمادا يحكى قصتك والمثير ان عيناك رات عيناى بحرا يضيئه البرق فيلحقه الرعد يرعبك تنتفضين من الرعد خائفة ونسيت ان الرعد يلازمك اخيرك بين الحياة والعشق ثم افرض عليك العذاب وان ا...