الخامس عشر
.................................قدميها جاهدتا على الصعود نحو الطابق الثاني..يا ألهي هذه العمارة هادئة جداً..لا صوت لبشر فيها..و رغم أنها تقف امام باب الشقة المطلوبة إلا أنها تكاد تموت رعباً..و الآن قررت أنها ابداً لن تتراجع..يدها ارتفعت لتضغط على زر الجرس مرة مرتين ثم تضرب على خشب الباب السميك بضعف يكاد الصوت لا يصل لأذنيها فكيف يصل إلى الداخل..ثوان مرت لتجدها كالسنوات قبل أن يُفتح الباب فجأة فتجده كوحش مرعب متربص للاتهام..تلقائياً وجدت نفسها ترجع خطوة إلى الوراء كردت فعل ناتجة عن خوف خاصة حين نظر لها ليستوعب الأمر ثم يبتسم لها ابتسامة صفراء تكاد تذيب عظامها خوفاً..شعره متناثر بطريقة فوضوية مخيفة أما نظراته كذئب جائع بعيداً عن رعد في آخر لقاء..بعينيه اشار لها بدخول فهزت رأسها رافضة لتقول بتلعثم
- " اسفة..انا لم...."
قطعت كلماتها متلعثة وهي تنوي الفرار لم تكد تغادر حين هتف قائلاً
- " ادخلي ملك لقد جئت بقدميك.."
يكاد قلبها ينفجر من ضرباته و هي تهز رأسها بالنفي لكن يده كانت حازمه مقتربة لتسحبها لداخل تعثرت خطواتها من يده التي جرتها دون مراعاة لأي توازن لجسدها.." دعني رعد.."..صوتها متعثر كخطواتها هامسة برجاء فتركها لتحدق به بصدمة قائلة
- " دعني اذهب.."
تركت الحسرة والندم على خطوة متهورة كذلك و فكرت فقط بالهرب لكن كيف و هو يقترب نحوها بهذه الطريقة مهدداً إياها بجسده..و هي لا تعرف كيف تهرب بهذا الممر الضيق الطويل..احست ببرودة الجدار تسري على ظهرها لتدرك أنهُ يحاصرها الآن و هي تستند على الجدار تضغط عليه بظهرها تتخيله ينشق لتفر هاربة..توقف امامها بالضبط يحدق بملك وكأنه يرآها لأول مرة ..
- " ملابس جديدة ايضاً..!.."
بعينين بريئة نظرت إليه ترجوه أن يحررها فينطق بحزم وقد فهم مغزاها
- " لن تخرجي خطوة واحدة دمتِ قدمت إلي بقدميك الحرة ملك..لا..هذه المرة مختلفة جئت بارداتك وإلى أين..إلى شقتي..!! .."الآن شتمت نفسها بسرها واعية لجنون الخطوة التي خطتها كانت حمقاء حين غارت بمجرد أن نجوى اخبرتها أنهُ يقابل امرأة..وكأن السيد رعد طاهر عفيف..سالت دمعة حرقة منها ليختنق صوتها فيخرج اخيراً..
-.." ما كنت اعرف انك هكذا..لقد اعتقدت."
صمتت و عينيها تضيق عاجزة عن التحدث فتبتسم عينيه قبل شفتيه بتلاعب ..كز على اسنانه فاتحاً شفتيه ليظهر بياضهم وقد تخيلت أسنانه للحظة تبرق لامعة كما يحدث بالاساطير فترتجف اكثر ورائحة سجائره تخنقها..لم تعد تشتم شيء و هو يردد
- " ..لقد اعتقدتِ بسخافة أن الأمر مختلف ..اعتقدتِ أن رعد اصبح مِلكاً لملك فقط..إلا أنها لم تكن سوى كلمات مرهفة خرجت في لحظة ضعف.."
لم يكن ضعيف ابداً لم يكن ..بل كان بكامل قواه العقلية.. ليست مخطئة..لكنها لم تناقشه و هي تقول مندفعة لتنهمر الدموع تسيل على خديها..
- " حسناً كنتُ مخطئة و مغفلة...ارتفع صوتها تكمل..دعني الآن..أنا مخطئة كنت غبية جداً..بل .."انقطعت الكلمات من فمها باصابع يديه تحط كلها على شفتيها و هو يهمس "شششش"..كأن لون عينيه تغير وكفيه تحيطان بخديها برقة تلامس دموعها بأصابع مرتجفة كصوته المرتجف الخشن
- " اصمتي..لستِ مخطئة و مغفلة..ما كنتِ ابداً مغفلة يا ملاكي الرقيق.."يديه تسحبان جسدها إليها بتملك ناعم فترفض و هو يقول مواصلاً بهمس اكثر و خشونه تخالف ذاك الجنون الذي احاطه قبل قليل
- " ملك..أنا أنا..لا استطيع التخلي عنك.."
اطلقت تأوه متألم فركز بعينيها اكثر ليجد الدموع تنهمر اضعافاً مال برأسه مداعباً انفه بانفها مغمضاً عينيه لثوان قائلاً.." ..ما الأمر ملاكي..أيزعجك أن نكون معاً ....أنت تحتاجين إلي كما احتاجك..كل منا يجعل الآخر يحيى حياة مختلفة بطريقة لا افهمها..ملك أنا لا استطيع التعبير..أنا كتوم لدرجة ..الاختنااااق.."
قلبها يعتصر ويديها اصبحت اكثر ضعف و هي تحاول دفع صدره كما تفعل دائماً فتقف عاجزة..كلامه مزق قلبها ببطء للتتألم اكثر و كأنهُ اول مرة يعترف أنه كتوم بل كأنه اول مرة يدرك أنه كتوم و هو يشعر بالاختناق ..عندها نطقت من بين دموعها
- " و كم اريد مساعدتك رعد..إلا أنك مختلف.."
نظرت لعينيه التي تكاد تمتزج مع عينيها و هي تكمل..
- " كل وقت لك شكل آخر مرة اراك وحش و مرة لا اجد منك إلا حنان رجل محب..أنا لا اعرف أي شكل بينهما تكون..يوم خاضعاً رقيق..و يوم قاسي كالحجر مفزع كصوت الرعد..!.."
اغمضت عينيها على آخر كلمة نطقتها فتتخلخل اصابع يديه بين خصلات شعرها بقوة تفك ربطته ليسقط شعرها إلى اسفل ظهرها " دعني رعد.." لكنه واصل اقترابه منه اكثر و جسده يحتك بجسدها دون أن يهتم بمقاومتها الصغيرة يكتفي فقط بالقول بحرارة
- " أنا مهما ما اردتك إلا أنني لا استطيع الوفاء..اه ربما احب وجودك وبنفس اللحظة احتاج غيرك...لا اكتفي بشخص واحد ملك إلا أنني الآن خاضعاً لك فقط..فدعيني اعيش هذه الواقع حالياً..."
شفتيه اخذت تقبل جانبي شفتيها بنعومة و قد بدا غير عابث بالصدمة التي اوقعها على رأسها بكل وقاحة ..قبلاته تزداد حرارة رغم مقاومتها الخافتة شفتيه لجأت لشفتيها فيتوقف متجمداً عند آخر لحظة..
" رعـــــــد.."
لم يستطع مفارقة عينيها إلا أن يديه توقفت على المرور بين خصلات شعرها...شفتيها ترتجفان و عينيها متسعتان و قد انتابتها حالة من الانهيار و اخيراً حرك عينيه جانباً ليجد تلك الأخرى واقفة على نهاية الممر عند الفتحة المؤذية لصالة و احدى يديها تتمسك بالحائط بصلابة تنظر له بعتاب جريح.."نوران.." قالها بخفوت قبل أن تنطلق منه شتيمة خافتة ..بعد أن نسي أن هناك امرأة معه بالشقة..استجاب الآن لتلك اليدين اللتين زادتا ضغطاً على صدره فتراجع وكأنه جسد بلا روح إلى الوراء قليلاً ناقلاً نظراته بفتور بين نوران و ملك..الآن فقط استطاعت أن تترك لنفسها مجال بالتنفس تشعر بالخزي و الغباء مما فعلت عدلت من ركبتيها لتستقيم بعد أن كانت ركبتيها منحنية بضعف..تنظر للمرأة الباقية على بعد من الممر و هي تحدق بهما بحقد واضح و كراهية مقتربة بخطوات متعثرة و وجهها كله قرف واشمئزاز..اغمضت عينيها تكتفي من النظر اكثر لتلك المدعوة نوران..جميلة لدرجة أنها تغاار..و الغبي أنها تغار رغم كل ما فعله رعد..يبدو أن تلك الليلة انستها اشياء كثيرة عن واقعه خاصة انها كانت تحاول أن تبحث عن شيء ينسيها ..اخفضت رأسها إلى الأرض لتفتح عيناها سامحة لدموعها بأن تسيل و الصوت الانثوي يصل إليها باهتزاز
- " هل هذه الصغيرة التي من أجلها ضاقت عينيك فلم تعد ترآني؟.."
بدون مبالاة حدق بها فاكملت بحرقة ساخرة
- " لكنك كنت رائع و أنت تخبرها بالحقيقة..بينما أنا سابقاً دوماً كنت كاذب معي.."
" نوران!.."
اقتربت بتثاقل لتشعر ملك بها تستقر امامها بالضبط ..انفاسها هائجة تخالف صوتها الذي يخرج بمرارة
- " لا مجال للعب مع رعد يا صغيرة..بالله عليك كم عمرك ثمان عشر..!..ام اقل.."
لا مجال حتى أن تعترض تخاف أن تتكلم فيتحول صوتها لأنين ثم لحالة من الانهيار العصبي..تريد اغلاق اذنيها عن السمع و المدعوة نوران تكمل بحرقة
- " كان سابقاً عاشق متيم..إلا أنهُ لئيم و خائن..تعرفين
أننا احببنا بعض لاكثر من اعوام لاكتشف ببساطة أن الذي عشقته كان يخونني كلما ابتعد.."
أنت تقرأ
الشيطان حولك لكاتبة سمايل رانيا
عاطفيةنصبت لك فى قلبى اشواكا قلبا يدعوك للحب يمزقك بحثت عن حلاوة عينك فلم اجد سوى رمادا يحكى قصتك والمثير ان عيناك رات عيناى بحرا يضيئه البرق فيلحقه الرعد يرعبك تنتفضين من الرعد خائفة ونسيت ان الرعد يلازمك اخيرك بين الحياة والعشق ثم افرض عليك العذاب وان ا...