الفصل الحادى والعشرون

162 2 0
                                    

الفصل الحادي والعشرون
...............................
لامست يدها مفرش اعجبها تصميمه بدا لها نادر الشكل بلون مميز ..ابتسمت وهي تتخيل هذا المفرش الصوفي يزين قسم الحسابات في مطعم أيمن..هاهو أسبوع آخر يمر و وقت افتتاح المطعم لم يبقى له إلا القليل..وضعت المفرش في السلة الصغيرة التي تحملها داخل محل الهدايا المذهل قبل أن تلفت انتباهها تلك التحف الصغيرة..لمعت عينيها تنظر لتحفة الصغيرة والتي حوت على طفلة صغيرة بعينين زرقاء جالسة على أرجوحة صنعت من الخزف كما بدا لها ذلك بينما رجل اسود الملابس كان متمسك بحبلي الأرجوحة و ملامحه لا تدل على أي تعبير ..! والاثنين داخل علبة زجاجية لامعة براقة..بدت لها التحفة جميلة خاصة مع العشب الأخضر الاصطناعي الذي كان في أسفلها ..مدت يدها تتلمسها قبل أن تأخذها ولم تعرف كيف تذكرت أيمن وشبهته بهذه الدمية التي تحيط بالطفلة ضحكت بخفة وهي تدخل التحفة إلى داخل السلة وفجأة رن هاتفها النقال لتفهم انه المنبه نعم لكي لا يضيع عنها الوقت حرصت على التنبيه كي لا تتأخر عن موعدها المهم ..تطلعت لسلة فوجدت بها بعض التحف الأنيقة الصغيرة كلها اشترتها من اجل محل أيمن..وبسرعة اتجهت لتحاسب ثم نحو الباب الزجاجي الذي يؤذي للخروج لازالت الساعة على السابعة مساء لكن موعدها مع أيمن في السابعة والنصف وتتمنى أن تصل بالوقت المحدد مع زحمة الطرقات ..اسرعت تفتح الباب لتخرج قبل أن تتجمد عينيها ويتوقف جسدها عن الحركة..
يدها تلقائياً تتمسك بمعطفها الأبيض الخريفي متجاهلة جو الشتاء الذي لا يؤثر عليها كثيراً قبل أن تشتد يدها الأخرى حول الكيس الورقي وهي تحدق بشيماء تقف امامها بكامل أناقتها وكأنها ستخرج لسهرة ..تلك التي نظرت لها من أعلى الى اسفل بغرور قبل أن تقذف كلماتها السامة بميوعة مقززة
- " مسااء الخيررر..انظروا من هنا في محل الهدايا.."
لم تحتمل السخرية في كلامها وهي تحرك رأسها لتتحرك معها خصلات شعرها الحمراء بصبغته الجديدة..اخيراً رفعت رأسها وهي تخطو خطوة اتجاه شيماء تقول من بين أسنانها
- " مساء سيء برؤيتك..."..
وقبل أن تتخطاه كانت شيماء اسرع وهي تعترضها لتقول بوقاحة
- " ما الأمر..؟..ألم نكن صديقتين ..؟.."
تشعر بحمم نارية تحرق جسدها نعم..ازرقت عينيها أكثر فيما تواجه شيماء بقوة لتقول بثقة عمياء بنبرة متقصدة
- " لا اصادق عااااهرات.."
نعم ..اشفت غليلها وهي ترى اتساع عيني شيماء بقوة وببساطة اخذت تحدق بثوبها فتستغرب خروجها إلى هذا المحل بهذا الثوب..لكنها احست بالجنون وهي تتخيل أيمن يلامس هذه الحقيرة..استفاقت على ضحكة انطلقت من فم شيماء كالسم وهي تحرك يدها حول خصلات شعرها تقول بسخرية ببطء
- " يالله..وكم هو زوجك الرجل الشريف..!.."
ابتسمت بتشفي عندما رأت نظرة ياسمين الحارقة فتكمل لاوية شفتيها باستحقار
- " أم أن الرجال مختلفون عن النساء يا صديقتي..؟.."
لم تعرف كيف تحملت كل هذه الجنون لكنها قالت بوعيد
- " أنا احذرك من الاقتراب من أيمن يا شيماء.."
- " هل هذا ما استطعت أن تقوليه..؟.."واصلت كلامها دون ان تفارق السخرية صوتها
- " قولي لي ياسمين أي كذبة اخبرك إياها أيمن لتسامحيه لا بل تتحولي إلى عاشقة لتشتري له الهدايا..هااا..ماذا قال لك ...؟..وبغيظ اكملت ..هل نسي مثلاً أن يخبرك بآخر علاقة أقامها معي ولماذا..؟.."
اهتزت بداخلها من آخر كلام قالته وهي تتذكر الارتباك الذي ظهر على أيمن وهو يخبرها انه لا يكذب بشأن شيماء لكنها حركت رأسها معترضة وهي تقول بقوة
- " لقد اخبرني كل شيء..ولا تحاولي زرع الفتن بيننا لأنك كنت امرأة عابرة كغيرك قبل أن يرآني ويدخلني حياته.."
ارتد رأسها إلى الوراء على الفور بضحك صخب مستهزئ لتقول بعدها وهي تبرم شفتيها لتثير غضب ياسمين
" امرأة عابرة قبل أن تدخلي حياته...!...لا يا عزيزتي فزوجك كان لي ومعي بالضبط بعد عقد قرانكما المشئوم بأيام بسيطة..مرة مرتين.."
هذا ما خافت أن تسمعه خافت بشدة لكنها قالت بجنون وعينين محذرة
- " كاذبة"
فترد بثقة عمياء
- " لا اهتم لو صدقتي أم لا ..فأيمن رجل عابر ايضاً في حياتي..لكن يدهشني الغباء الذي تحيين به تحت مسمى الحب.."
ثم واصلت مستغلة الصدمة على ملامح ياسمين
- " اذا كنت لا تصدقي ما اقول فتذكري ليلة عيد ميلادي كل ذلك لم يكن إلا تمثيلية وأنا وأيمن اتفقنا على كل شيء.."
الكلمات اصبحت تضرب برأسها ولا تعرف ماذا تختار ..صحيح أن شيماء حقيرة إلا أنها لامست في كلامها الصدق وهي اخبر الناس بفهم الكلام الصائب عن الخاطئ فهي الممثلة الأولى ..ورغم ذلك كان قلبها يرفض ذاك الكلام فتتحدث مصممة
- " كاذبة أنت لن تساعديه هكذا ضدي من دون أي سبب
.."
لكن شيماء كانت لها بالمرصاد لتحرق ما تبقى لها من قوة وهي ترد ببرود
- " ومن قال لك أن خدماتي مجانية..فالحقيقة ان الثمن كانتا ليلتين حارتين آخرهما كانت قبل سفرك إلى لندن معه.."
هنا اخذت تربط كل شيء معاً...تتذكر كلام سابق وتحاول أن تستوعب فبدت صدمتها واضحة وهنا بالضبط تراجعت شيماء ضامة ساعديها تحت صدرها ببرود لتقول بمكر
- " لا تلوميني يا زرقاء..فصداقتي لك لم تكن أليفة وصادقة كما تعتقدين..بالمناسبة عاقبي أيمن كما تشائين فأنت قاااسية وهو لا يستحق الرحمة .."
الآن ارتاحت وهي متأكدة أن ياسمين ستعاقب أيمن بطريقة مذهلة خيالية تركتها لتصعد السلالم القصيرة في اتجاه محل الهدايا وهي متأكدة أن الشقراء هي من ستنتقم لها من أيمن على هجرانه لها بطريقتها طبعا..احست باختفاء شيماء فنزلت تجر خطواتها جراً إلى الأسفل لم تميز حتى سيارة السائق إلا عندما بادر هو بالخروج ليفتح لها الباب الخلفي فيدخل جسدها بشحوب..لم تتحدث كلمة واحدة والسائق كان يعلم وجهتها فقاد بصمت بينما تعيش حالة من الذهول طوال الوقت..وعندما اوقف السائق سيارته هناك وفتح لها الباب حتى ترجلت من السيارة لتقف صامتة تحدق بالمحل امامها..قشعريرة مرت بجسدها وهي تراه داخل المحل عبر الزجاج الكاشف يتحرك وهو يحدث صديقه الذي لم تميز انه رعد ..يضحك بفرح فتحرك رأسها بالنفي مستـحيل لن تحتمل جرح من أيمن بعد أن تنازلت عن كبريائها وسامحته ..لماذا كذب لماذا لم يخبرها ..؟..هل لأنه يريد استغفالها أكثر ..نعم لا جواب آخر لقد سألته مباشرة عن شيماء..اقسمت أنها ستعاقبه فلم يقل شيء وهي متأكدة أن شيماء لا تكذب..
- " آنسة ياسمين ..هل أنت بخير..؟.."
بحدة نظرت لسائق الذي تراجع من عينيها لكنها استرخت قليلاً وهي تجيبه
- " أنا بخير..يمكنك الانصراف سأتصل بك لاحقاً.."
الآن استيقظت واصبحت عينيها تلمع وهي تتمسك بالكيس الورقي بين يديها وبخطوات ثابتة سارت قاصدة المحل توقفت تحدق بالعمال الذي كانوا يعملون خارج المحل ببعض الأعمال خطت خطوات متجاوزة الباب المفتوح لتنطق محاولة الهدوء
- " مساء الخير.."
الاثنين في الداخل التفتا لها ..وبصعوبة كتمت شعور الغيظ وهي ترى ذو العينين الزرقاء برفقة ايمن الذي اشرقت ابتسامته وهو يسرع في اتجاهها يرحب بفرح ثم يهمس لها مغازلاً كعادته لم تشعر أنها كانت تدخل المحل لأول مرة فهي تخيلت انها ستكون في قمة سعادتها وهي تدخل محل أيمن ليس بهذه الطريقة الباردة حتى انه أيمن احتار وهو يسألها
- " ما بك صامتة..؟..لا اعتقد أن المحل لا يعجبك.."
هزت رأسها بالنفي وعينيها تتجول على المكان الواسع تخفي ارتجافها..الديكور المتقن الذي جمع بين اللون البني الحارق والفاتح والأبيض معاً والجدران منقوشة بأحرف انجليزية لم تميز ترجمتها إلا أنها كانت بلون الكاكاو ومجسمات لأنواع من الحلوى موزعة في أماكن مختلفة من المحل..يدين صلبتين احاطتا بكتفها فاستدارت لتنظر إليه وهي متأكدة أن عينيها تحكي الكثير لكن رعد تصرف لصالحها وهو يقطع تلك اللحظة قائلاً
- " سأغادر الآن..".
انغاظت من أيمن وهو يتركها ليتجه مع صديقه نحو الباب وقد كرهت الغمزة الخفية التي اعطاها رعد لأيمن بوقاحة معتقداً أنها عمياء ولن ترى شيء..يكفي فقط الضحكة التي انطلقت من أيمن وهو يدفع رعد خارجاً ليغلق المحل بالمفتاح ..!.ألتفت لها الآن مبتسما بمكر يفيض بالشوق معاً يقترب نحوها ببطء قائلاً ..
- " اممم عشر دقائق تتأخرين..كثيرة جداً.."
احس بوجود شيء مختلف وهي تتحرك قليلاً لترفع حاجبيها تقول بتقصد
- " لا تبدو تلكك الدقائق تهمك كثيراً فعلى كل حال كنت مشغولااا مع ذاك الرفيق."
افلتت الكيس الورقي منها ويديه تلتف حول خصرها وهو يُقرِبها إليه هامساً
- " تغارين من رعد يا وردتي.."
حاولت تخليص نفسها منه بهدوء إلا أنه كان متمسك بها وهو يدنو برأسه نحوها فقالت بضيق
- "لماذا جعلته يشاركك هذا المشروع..؟..لماذا لازلت تتمسك بأشباح من الماضي يا أيمن.."
تبسم برفق ويده تمر تمسح خصلات شعرها يقول
- " رعد لم يعد ذاك الرفيق السيئ كما تعتقدين حبيبتي..لقد تغير كثيراً وأنا بحاجة إليه .."
قالت معترضة
- " ليس في العمل أرجوك.."
لا تعرف لماذا لازالت تتدخل في هذه الأمور لكنها كانت تتحدث والقهر يغلبها ولم تكن تركز بكلامه جيداً وهو ينطق
- " لكنني بحاجة إلى شريك في العمل ..فإمكانياتي بمفردي لا تجعلني اقف طويلاً..تعرفين أنني لا املك أصدقاء كثر.."
أنهُ يعترف انه يراضيها فقط لكنه اختار رعد حباً لصديقه لا أكثر لكن الصدمة ألجمته وياسمين ترد
- " ببساطة أنور كان يستطيع أن يكون شريكاً لك.."
كيف لا تفهمه ياسمين..؟.لماذا تصر على ذكر اسم انور بالنصف بينهما لم يعلق على كلمة وهو يتركها تتحرر منه ليقول بهدوء
- " هل اعجبك المحل..؟.."
- " جميل جداً.."
نطقتها بفتور وهي تسير في أرجائه المكان واسع بأرضية خشبية لامعة لكنه كان خالي من أي كراسي وطاولات مما جعلها تسأله
- " متى ستحضر الأثاث..؟.."
اخيراً تفاعلت قطع المسافة الفاصلة بينهما يقف أمامها ينطق بحماس
- " غداً في الصباح..كان الموعد اليوم في العصر لكنه تأجل إلى غدا.."
امسك بكفه ظهرها بخفة ثم مشى معها حتى النافذة المطلة للخارج هناك حيث رأت العمال يعملون على طول المطعم قال وهو يحتضنها اكثر إليه
- " هنا سترص طاولات مميزة وسيزين المكان بأشجار الورد النادر .."
اذهلها المنظر الذي تخيلته وهو يكمل..
- " لم يتبقى سوى القليل على افتتاح المطعم..أنا متفائل به كثيراً.."
حرك عينيه إليها تلتقي مع زرقة عينيها الرائعة لتفيض ملامحه بمشاعر هائجة محدقاً بشفتيها وهي تقول
- " أتعتقد أن المحل سينجح..سيحب الناس حلواك بشدة.."
- " أنا واثق من أن مطعم " وردتي " سيكون مذهل ...أنا اثق بان الله سيكافئني على هذا العمل..لأني ابداً لن اغش فيه ولن اقدم به ما هو ممنوع أو محرم..بالعكس افكر أنا ورعد بتخصيص يوم محدد لتوزيع الحلوى في محل دار الأيتام اعتقد أن الأطفال سيسعدون بشدة.."

الشيطان حولك لكاتبة سمايل رانياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن