الفصل الأول:
تفاصيل انثى تتجاذبها الامواج :
ايمان
نظرت إلى لهَب الشَّمعة وقد اخترق عيونها الرمادية يتراقص بهزاتٍ متمايلة في عمقهما .. قرَّبت رأسها منها ونفختها لتنطفئ ..
ابتعدت خارجة من ظلمة الحمام تخطو خُطواتِها المثقلة نحو غرفة النوم البسيطة التي ازدانت بشموع أخرى تنير ظلامها.. اقتربت من المنضدة حيث وقفت..أجل إنها الحالة التي وصلت لها بعد أن نفِذَت منها النقود ولم يعد لديها شيء لدفعه مقابل رجوع الكهرباء وأبداً لن تتذلَّل لرجل مهما كانت أختها تعرفه... وقفت تنظر إلى شبحهَا في المرآة ..
مررت أصابعها على جديلة شعرها البنية الناعمة فنفضتها خلفها.. راقبت وجهها فمدَّت إصبعها لعيونها التي تعودت شيئاً ما على تلك العدسات اللاصقة.. جذَبت العدسة الرمادية الأولى وأتبعتها الثانية واضعة إياهما في تلك العلبة الدائرية وأقفلتها.. خرجت التنهيدة عميقة مانعة الدمعة من العبور عبر صفحة خدودها الوردية أحنت رأسها وفتحت عينيها فوق المنضدة على ورقة يتيمة وقلم ..
لقد أعدَّتها منذ أيام.. تهيئ نفسها تجلس أمامها وتتزاحم الكلمات التي لها كل المعاني والتي لا معنى لها..! لكنها لا تكتب سوى مجرَّد نقطة في بدايتها لا أقل ولا أكثر ..تعجز عن ترتيب الكلمات في جمل والجمل في أسطر... أمسكت القلم بين أصابعها تطرقه على الطاولة الخشبية وتارة تقضم مؤخرته بين أسنانها وتواجهها صورتها المتوترة وتنظر إلى الساعة لتجد أنها جلست لمدة ربع الساعة وهي تفكر تحدثت " إيمان" بلسان حالها (مجرد كلمات يا فتاة ستظل التعبير الخالص من حياتك المدمرة كلياً... اكتبي.. أعطي نفسك تبريرات وأخبري الحقيقة المرة عبر الكلمات)
شعرت بقوة تدفعها للكتابة فأمسكت صحن الشمعة لتقربه أكثر منها وبدأت
أختي العزيزةبعد معاناتك الطويلة مع المرض وقد تآكلك فلفظت أنفاسك العزيزة الأخيرة.. بعد أن تودعنا و أودعتك الرحمان.. طُمرت تحت التراب, صرْت يمامة بيضاء غادرت أرضي البهية فكنت البقية الباقية.. صرت أنا أيضا شبحاً غريباً جداً عن هذه الأرض..لا الأصدقاء شعرت أنهم أصدقاء ولا أنا عدت كما كنت.. فقدتُك ففقدت كل شيء.. أنا أعيش وأنفذ وصيتك وتدرين أن الغالي لديك هو الأغلى عندي..أردتني زوجة لخطيبك ... عندما كنت تحكين عنه عبر الهاتف كنت أستمع إليك وأبني لك أوهاماً خيالية.. كنت أتمنى أن أراكي في الفستان الأبيض سعيدة رغم أني كنت أحسُده وأغار من كونه استطاع أن يأخذ أختي مني... "تكسر الحبر عند هذه الكلمة" (اعتصرت إيمان القلم بين أناملها فوق ركبتها وانحنت كتفيها النحيفتين ذات التجاويف المتكاملة التكوين وهي تكز على نفسها بعصبية مرتعشة... خانتها دموعها الغادرة متدحرجة بحرقة عبر خديها تحفر الذكرى معبرة بانتحاب صامت...
أنت تقرأ
حب في عتمة الأكاذيب لِـ "Jawhara49" (مكتملة)
Romanceالملخص الهوى يطرق ابوابا مختلفة...يدخل بيت القلوب كنسيم حر طليق يبعث على الاشواق والذوبان...لكن باب إيمــان يخفي وراءه بيتا لقلب مليئ بالجراح مليئ بالغموض والاسرارتحولت حياتها لجحيم وصارت كلمة الزواج في حياتها عقدة لتجد ان اختها لادان قبل ان تموت دب...