الصمت .....
الصمت أنواع شتى ....
صمت يسبق ... العاصفة ....
و صمت الإنتظار .. الممل و المؤلم للغاية ...
و صمت الشوق و اللهفة ... أو بالمعنى الغير المهذب .. صمت الرغبة و التملك ....و صمت خانق .. كاتم .. كابت للمشاعر ... بمعنى أبسط أن يكون قلبك ملكا لشخص و تكون أنت كلك بحياتك .. بمشاعرك ... بجسدك .. ملكا لآخر و الأكثر إيلاما ان يكون ذلك .. الآخر .. عاشقا لكل ذرة بكيانك و يغدق عليك من حنانه و حبه و أيامه بسخاء ....
وقف خلفها يتابع وقفتها اليومية شاردة امام البحر و كأنه بينهما حديث خاص و أسرار لا يعرفها غيرهما ... إبتسم بخفوت و إقترب منها بهدوء و حاوط خصرها بذراعيه و ضمها لصدره و أسند ذقنه على كتفها و قال مداعبا أذنها بأنفاسه :
_ مش سمعانى يا عاليا .. بقالى شوية بنده عليكى .
و كأنها لم تشعر به ... فإستمر حوارها الصامت و المؤلم مع البحر و الذى قد ثار قليلا و بدأت أمواجه فى التلاطم واحدة تلو الآخرى شاعرا بتلك النيران المقتدة بداخل صدرها و حبيبها سيتزوج ممن عشقها ..
أما من عشقها هى يقف خلفها و يضمها لصدره بحنانه المعتاد و صفاء مشاعره و دفئه المطمئن ....تنهدت عاليا مطولا ... فتطلع معها عامر بالبحر و سألها بمداعبة :
_ تعرفى .. بقيت بغير من البحر علشان بياخدك منى كل يوم بالليل و كأنه بينكم أسرار ... يمكن بتقوليله قد إيه بتحبينى صح .
لو يعلم ان كلماته تخترقها كسهام حادة و مؤلمة ... لصمت للأبد ... فهى فى تلك اللحظة أقصى أحلامها أن تمنع زواج رامى بغيرها و تركض إليه وترتمى بصحراء صدره الواسعة و الحارقة و تصبح له و يصبح لها اخيرا ... و لكنها أجابته بنبرة مختنقة :
_ عاوز إيه يا عامر .
إبتعد عنها قليلا و لفها ناحيته فأصبح وجهها مقابلا لوجهه ... فزم شفتيه بضيق و قال لائما :
_ ده بدل ما تقوليلى و لو بالكذب حتى .. أيوة بقوله إنى بحبك يا حبيبى .
كانت نظراتها ذابلة كوجهها و لكنه كعادته يتغاضى عن برودها و يقرر أن يروى تلك الزهرة الجميلة ... بطريقته و التى دائما ما تفلح معها ...
فإقترب منها و لثم ثغرها برقة و تلاها بقبلات ساخنة .. شغوفة ... و يديه تعبث بجسدها الغص بنعومة ...
شعرت بضعفها و إنسياقها و إستسلامها لمشاعره الصادقة و رغباته المشروعة فإبتعدت عنه بهدوء و قالت بعبوس :
_ عامر ... إحنا لازم ننام بدرى علشان هنصحى بدرى ... بطل دلع بقا .
قبل أنفها برقة داعبتها و جعلت جسدها يجفل قليلا و قال هامسا أمام شفتيها :
_ طب أعمل إيه ... ما هو محدش قالك إبقى حلوة قوى كده .
عادت برأسها للخلف أكثر قائلة بضيق :
_ بس يا عامر ....... .لم يمهلها وقتا آخر و جذب رأسها ناحيته و عاد لقبلاته المشاغبة مجددا و تلك المرة سحبها لتياره الجارف كالعاصفة التى أثارت موجات البحر أكثر و زادت سرعتها و تلاطمها و سببت الكثير من الدوامات التى إبتلعتها كاملة و قذفتها داخل أحضانه على فراشهما و المدهش .. أنها تستمتع و بشدة ...
كعادته ... جالسا على كرسيه المتحرك يتطلع للحديقة .. بصمت .. ذلك الصمت المؤلم و الممل ... صمت الإنتظار ...
يعلم جيدا أنها لن تأتى اليوم .. و ستحظى بليلة هانئة من دونه .. ربما وجدت راحتها فى بعدها عنه و عن صراخه المتكرر بوجهها و عن يديه الملعونة و التى تسبق عقله دائما و تذيقها الألم و الوجع فتقرر التمرد على قلبها و تركه للأبد ... هز حمزة رأسه بقوة نافيا فكرة انها تستطيع تركه .. فميناس البريئة له و فقط .. فلو ذلك الشعور المريح يسمى أنانية .. فنعم .. هو أنانى بإمتياز مع مرتبة الشرف .....