وسقطت الصفعة ....
هنا توقف سيل الكلمات ..
و إنطلقت من قلبى الآهات ...
و عادت للخلف الساعات ..
إنتهت ..
نعم إنتهت أحلامى الوردية ..
و تحطمت أمواجى البريئة ..
على صخور قلبك العتية ...
و إغتلت بداخلى تلك القطة البرية ...
إرحل ...
فقط إرحل و إتركنى لعذابى ...
لوحدتى ... لآلامى .. لغربتى ..
أو إتركنى أرحل ..
و أنا سأعتنى بنفسى .. بروحى ..
بعقلى .. بقلبى ..
آآآه .. يا قلبى ..
أميل عليك .. و تضمنى و تواسينى ..
أنقذ لأعماقك الدافئة و تحتوينى ..
فقد آن أوان أن تداوى نفسك و تداوينى ...
ببساطة إنها النهاية ..
النهاية ..إنتفضت واقفة بعدما جذب فارس هاتفها و قال لمحدثها بغضب و عيناه تشع شررا خطيرا :
- ألو ... إنت مين يا حيوان إنت .
لم تتمالك نفسها تلك المرة و جذبت الهاتف منه و قالت بإزدراء من تهكمه على خصوصيتها :
- هات الفون بتاعى .. إنت همجى و متخلف .
كانت إهانتها له الشرارة التى يخرج بها ذلك الغضب الذى ينهشه منذ أيام و هو يهوى بكفه و يصفعها على وجهها بقوة جعلت وجهها يلتف بحدة و ترنحت قليلا .. قبل أن تفطن لما حدث قبل برهة ..
هل صفعها .. تراءت أمام عيناها خيالات لوالدتها و والدها يصفعها حين تعارضه أو تغضبه ...
صرخ قلبها قائلا بألم " أمى .. هل تألمتى هكذا مرارا .. هل شعرتى بذلك الخزى و العجز مرارا .. هل فقدتى جزءا من روحك و كرامتك مع كل صفعة " ...
خرجت من شرودها على صوته الأجش الجاف و هو يهدر بها بعصبية قائلا بشراسة :
- ده إنتى وقحة بشكل .. و لو طولتى لسانك تانى هقصهولك .
و جذب الهاتف من يدها مجددا و هى تنتصب فى وقفتها و قد إرتسم الذهول على وجهها بقوة .. بينما رفع فارس الهاتف على أذنه و قال بصوت مخيف :
- رد يا حيوان .
- مالك بس يا عوو متنرفز ليه .. و ما تزعقش لماما تانى مفهوم .
رفع فارس حاجبيه بتعجب جلى و هو يبتلع ريقه بصعوبة من صدمته بعدما ميزت أذنيه صوت مهاب .. فقال محرجا :
- مهاب ؟!!
أجابه مهاب بمداعبة :
- أيوة يا بابا وحشتنى .
تحولت نظراته لغزل الواقفة و يدها على وجهها و تتحسس مكان صفعته و عيونها تتوعده بقوة و تخبره بأن حسابه قد زاد .. و طفح الكيل .. و قد إمتلأت بحقد يكاد يحرقه ..
أنهى فارس المكالمة مع مهاب قائلا بهدوء :
- و إنت وحشتنى أكتر .. هبقى أكلمك تانى .. سلام يا صاحبى .
- سلام يا بابا .. و بوسيلى ماما .
تنهد فارس مطولا و أجابه بوهن :
- حاضر .
و أغلق الهاتف .. و قذفه على الطاولة و تركها و دلف لغرفتهما هاربا من نظراتها الحادة و الثاقبة كسهم مسموم ... يخترقه بلا توقف ...
إنكمشت ملامح غزل و هى تقاوم ذرف دموعها .. حتى لا ينتبه لضعفها و يتشفى بها ذلك الجلمود الثلجى ..
إنتهى وقت التفكير .. و حان وقت التنفيذ .. لن تتحول لنسخة مجددة من والدتها و تلقى مصيرها المؤلم ..
إنهارت جالسة على أحد الأرائك و هى تسب الرجال أجمعين .. تختلف هيأتهم .. أصواتهم .. شخصياتهم و لكنهم سيظلون صنف همجى متعصب يستغل قوامته فى قهر النساء حتى يزداد شعورهم برجولتهم ...
أخرجها من حقدها و نظراتها الحادة صوت الآذان .. فترائت أمامها صورة والدتها مجددا .. و هى تقوى و تعود لرغبتها بالحياة و المواصلة عن طريق صلاتها .. حاربت أناس أقوى من أى وحش مفترس بصلاتها و جزائها بالنهاية كان الموت .. فقالت غزل بنفسها بتهكم صارخ .. بماذا إستفادت أمى من الصلاة .. و ماذا قدم لها الله مقابلا لإيمانها و حبها له .. إغتالتها آيادى حقيرة و هو يقف ساكنا ...
ليصدح المؤذن قائلا بقوة .. الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله .. فإتسعت عيناها ذعرا و رفعت كفها على فمها بصدمة .. ماذا قالت حتى و لو بينها و بين نفسها ..
وقفت مسرعة و توجهت راكضة للمرحاض لتتوضأ .. و هى تستغفر بدموعها ....