كل الممكن ... و بعض المستحيل ..
هل تخطى جميع حواجزهما بقفزة واحدة .. هل أصبحت ملكه قلبا و قالبا .. هل ذابت بين يديه منذ لحظات .. هل صرح لها بعشقه الذى دفنه بداخله لسنوات و سنوات و خرج أمام شفتيها للنور .. هل .. هل إعترفتله هى أيضا .. بحبها ....
تعمق بنظراته فى محيطى عيناها الفيروزيتين .. و تفرس بملامحها المتوردة .. و عاد لشفتيها مجددا فى إنتظار تأكيدا على ما سمعته أذنيه .. ربما توهم .. ربما ما يحياه كله وهما فى وهم .....
أخرجته غزل من حيرته و قالت بتأكيد .. هامس .. بطئ :
- و أنا.. بموت .. فيك .
لم يعطها وقتا و عاد للإرتواء من شفتيها و التى حلم كثيرا بتذوقها .. لكنها فاقت كل أحلامه .. مذاقها كالشهد و شف و ناعمة كقطعة غزل بنات جعلته يأبى تركها .. و لكنه سيطر على رغبته الجامحة و إبتعد عنها و تطلع داخل عيونها آسرته و قال بحب و عشق لم يشعر بهما قلبه قبلها :
- أخيرا .. مش مصدق إنك معايا و عوزانى .. حاسس إنى بحلم و خايف أصحى .
تنهدت مطولا .. تنهيدة حارة بسخونة قلبها و هى تتأمل نظراته العاشقة .. ثم تسائلت بإبتسامة مشاغبة :
- إنت قولت إنك بتحبنى .. مش كده .
لثم شفتيها برقة و عاد لعينيها و قال بقوة :
- بحبك قوى .. ﻷ.. بعشقك .
لفت ذراعيها حول عنقه و هى تقف على أطراف أصابعها لتصبح بمستوى طوله .. و ضمته إليها و أغمضت عيناها و هى تستشعر دفء مشاعره الصادقة ...
إفتقدت الصدق و الأمان من قبله .. مرت بأيام و أيام و هى منطوية على نفسها بذعر من كل شئ و أى شئ .. فيقدر لها العودة لموطنها .. فموطنها ذاك ليس الوطن الذى يجمعنا جميعا بداخله فقط .. بل له معنى أعمق شعرت به و هو يضمها لصدره .. لموطنها الدافئ .....
و رائحته تغازل أنفها .. ضمها إليه بقوة كادت معها أن يحطم عظامها .. ثم أبعدها عنه و جذبها ورائه و جلس على الأريكة و أجلسها على قدميه و هو لا يقوى على ترك عينيها و لا شفتيها أيضا ....
إبتسمت بخجل و وارت عينيها عنه .. و لكنه لامس ذقنها بأنامله و أدار وجهها ناحيته و عاد لنظراته الشقية التى تلتهم تقاسيم وجهها الساحر .. ثم ظهرت إبتسامة تسلية خطيرة على زوايا فمه و قال بصلابة :
- تتجوزينى يا غزل ؟!!
طالعته بنظرة شقية ألهبت حواسه بقوة و قالت بمكر :
- إتسألت السؤال ده قبل كده .. و وافقت .
فهمس إليها فارس برغبة و هو يرفع ذراعيها و يلفهما حول عنقه :
- يعنى موافقة جوازنا يبقى بجد و نعيش مع بعض .
تغنجت غزل بكتفها و قالت بدلال :
- مش عارفة .
رد عليها بنبرة جادة و لكن نظراته العاشقة هى ما سيطرت على حديثه :
- تحبى أعرفك إنتى موافقة و لا ﻷ .
إبتسمت بخجل بعدما فطنت لغموض عبارته و قالت بصوت متسلى :
- ﻷ مش لازم .. عموما .. أنا موافقة .
قربها منه و هى مازالت جالسة على قدميه و داعب أنفها بأنفه و قال بشوق :
- خلاص يومين و تبقى معايا .. و أنا جهزت جناحنا فى القصر .
إتسعت عينيها بدهشة و قالت بصدمة :
- يومين !
أجابها مسرعا :
- كتير صح .. خلاص بكرة نتجوز .
وقفت و قالت ساخرة بحدة :
- إنت هتهزر .. ده أنا محتاجة شهر على الأقل .
- شهر مش كده .
قالها محذرا و هو يقف أمامها .. ثم جذبها بالقوة من ذراعها لتصطدم بصدره .. ثم طاوع قلبه و مال عليها مجددا و قبلها و لكن هذه المرة بقوة آلمتها .. لحظات و لحظات و هو ينهل منها دون توقف حتى إبتعد عنها و قال هامسا :
- هاه عاوزة شهر برضه .
ردت بتنهيدة متلهفة :
- خلاص إسبوعين .
فقبلها ثانية بقوة أكبر .. و إبتعد عنها قائلا بأنفاس متقطعة :
- و كده بقا لسه عاوزة إسبوعين برضه .
أطرقت رأسها و قد إشتعلت وجنتاها و زاد توردهم .. ثم قالت بإستسلام :
- تمام .. بس مهاب و دنيا هنعمل فيهم إيه .
رد بجدية لأنه قد خطط لكل شئ و كأنه كان يثق فى موافقتها و عشقها :
- دنيا هتعيش مع أمى .. و مهاب هيفضل معاهم فترة قصيرة .. و بعد كده هييجى يعيش معانا .. و أنا جهزت جناحنا و فرشته على أعلى مستوى و إشتريت ليكى كل اللى هتحتاجيه .. من هدوم عرايس و هدوم خروج و عبايات بيت و كل حاجة ممكن تعوزيها .
قطبت حاجبيها وقالت بتعجب :
- عملت كل ده إمتى و إزاى .
ضحك ضحكة عالية و قال مازحا و هو يمرر أنفه على عنقها الظاهر من ما يسمى حجابها :
- ده أنا ورايا مافيا .. بمساعدتهم قدرت أخلص كل حاجة بسرعة و هما اللى ساعدونى علشان أعرف ذوقك فى اللبس و المقاس و كل حاجة ممكن تحتاجيها مهما كانت صغيرة .. حضرتها .
ضحكت و هزت رأسها بعدما فهمت مقصده و إبتعدت عنه لأنه يلعب على أوتار قد تنسيها بأى مكان هما و تنساق وراء نيرانه التى تلسعها برقة و قالت بإبتسامة مرتجفة :
- يا ولاد اللذين .. كل ده من ورايا .. ده ليال و ميناس عقابهم عسير.
مرر أنامله على وجهها برقة و قال بهمس مثير :
- مش هقدر أبعد عنك بعد ما قربت منك تانى .. بعد بكرة دخلتنا تمام .
أومأت برأسها و قد أظلمت عيونها و قالت بحزن :
- بس مش هيبقى فيه أى حاجة .. علشان تيتة رأفة و... .
قاطعها قائلا بضمة غمرتها بين ضلوعه :
- عارف يا حبيبتى .. ما تقلقيش .. بس أوعدك إنى هبقى أعملك حفلة الكل يحكى عنها لما تبقى جاهزة .
غاصت بأنفها فى رقبته تستنشق عطره و قالت بإمتنان :
- شكرا .
إلتفت برأسه قليلا و نثر قبلاته الناعمة على وجنتها و هو يقول بجدية لا تناسب وضعهما الحالى :
- إيه رأيك نقضى اليوم سوا .. و نعمل شوبنج و نجيب بدلتى و فستانك.
فكرت قليلا و إبتعدت عنه قائلة بفضول :
- موافقة .. بس أنا محتاجة أعرف كل حاجة عنك .. و إنت كمان من حقك تعرفنى .
قبل جبينها و قال و هو يتطلع إليها كأنه ينحت لها تمثالا على عرش قلبه :
- تمام خلصى شغلك و هفوت عليكى نخرج سوا .
قبضت على كفيه براحتيها الناعمتين و قالت برقة :
- حاضر .. باى .
و طالعته مطولا قبل أن تلتف قليلا لتغادر .. لم يستطع فجذبها مجددا لصدره و ضمها بقوة و رفعها عن الأرضية و دار بها بسعادة و هو يقول من أعماق قلبه :
- بحبك .. بحبك قوى .
تعالت ضحكاتها العفوية السعيدة و التى لم يسمعها من قبل .. و ضمته إليها أكثر و الدنيا تدور بهما كدوامة كبيرة تبتلعهما بداخلها ....
أصابهما بعض الدوار فسقطا على الأريكة .. يلتقطان أنفاسهما بصعوبة و هو يعتليها و هى مازالت متشبسة بعنقه و نظراتهما تشعل الصورة حولهما .. عاد لعبثه مجددا بشفتيها .. و تمادت يديه قليلا على جسدها .. فإبتعدت عنه بتوجس و قالت بتحذير :
- يا ريت لو تبص حواليك .. إحنا لسه فى المستشفى و لو حد دخل علينا دلوقتى .. هيطلب لنا بوليس قلة الأدب .
ضحك فارس ضحكة عالية و ذكرها بموقف الحمار القديم قائلا بسخرية :
- ده زى مدير عام حقوق الحيوان اللى كنتى هتتصلى بيه علشان الحمار .
ضحكت بخفوت و قالت متصنعة الضيق :
- إنت شرير على فكرة .. و إتفضل إبعد عنى .. عيب كده.
وقف وجذبها معه و عدل من هندامها و قال بضيق :
- إنتى متخيلة هتوحشينى إزاى .
هامت بعينيه و قالت بقوة :
- أيوة .. لأنك هتوحشنى أكتر .
طالت نظراتهما المتلهفة فإبتسمت إليه برقة و إبتعدت عنه و إتجهت ناحية الباب و إبتسامتها المشرقة عنوان سعادتها ..
أغلقت الباب ورائها بعدما منحته نظرة خاطفة أشعلت توقه لها مرة أخرى ..
طالعتها سكرتيرته بإبتسامة خافتة .. فعضت غزل على باطن صدغها بخجل .. فمن المؤكد أن بعض كلماتهما قد تسربت لها ... بغير قصد .. طبعا ..
عادت لمكتبها واجمة و شاردة .. و سعيدة .. ربما لم تجرب السعادة من قبل و لكن سيظل الخوف صديقها الصدوق .. خصوصا بعدما أصبحت تملك ما تخشى عليه ..
و لكنها غلبت خوفها بتذكرها لنظراته التى تلتهمها من شوقه .. و قبلاته المشاغبة و الجامحة أحيانا ...
دلفت لمكتبها و هى تبتسم ببلاهة .. و جلست على مكتبها و إستندت برأسها على ظهر المقعد تسترجع كل ما مرت به قبل قليل ....
طالعتها سالى بقلق .. و إقتربت منها و تفرست فى ملامحها و إبتسمت بخجل و تنحنحت بصوت عالى و قالت لتنبيهها :
- إحممم .. نحن هنا .
إنتفضت غزل بذعر و وبختها قائلة بضيق :
- ما بالراحة يا بنتى .. إيه الفزع ده .
مالت سالى بجسدها على مكتبها و إستندت بمرفقيها عليه و حركت حاجبيها بمكر و تسائلت بفضول وقح :
- إلا يا زولا .. هو الروج بتاعك راح فين .
إعتدلت غزل بجلستها و إبتلعت ريقها بتوتر و عدلت من حجابها و قالت بتلعثم :
- روج .. روج إيه مش .. فاهمة .
غمزت لها سالى بعينها و قالت بمكر عابث :
- الروج اللى كنتى حطاه .. ده نوعه صعب يروح .. راح فين بقا .
فركت غزل أناملها ببعضهما و قالت بقوة مصطنعة :
- و لا راح و لا حاجة .. ما هو موجود أهه .
ضحكت سالى بخفوت و قالت بمشاغبة :
- بلاش الروج .. هى شفايفك مالها كده متغيرة .. ده بوتكس و لا فيلر .
قذفتها غزل بقلم أمامها و قالت بضحكة مكتومة :
- قليلة أدب .. قصدك إيه يا بتاعة إنتى .
تفادت سالى ذلك القلم الطائر و قالت بضحك هيستيرى :
- قصدى كنت إستنوا لما يلمكوا بيت .. مستعجلين على إيه .. أحب أطمنك .. إن كل اللى شافك عرف كنتم بتعملوا إيه .
شهقت غزل بداخلها و لامست شفتيها بأناملها و قالت بخجل :
- oh my god.. بجد يا سالى .
قبضت سالى كفها و سحبت ذراعها للأسفل بإنتصار و قالت :
- yes .. إعترفى بقا بكل جرايمك .. جريمة جريمة .
إبتسمت غزل بخفوت و تنهدت تنهيدة طويلة شغوفة و قالت برقة :
- قالى بحبك يا سالى .
عزفت سالى على كمانجة وهمية و قالت بمزاح :
- تيرا را را را را .. هاه و باعدين يا قطة إدخلى فى المهم باسك إزاى .
بحثت غزل حولها عن شئ لتقذفها به و قالت بضيق :
- آه يا وقحة أنا هوريكى .
ركضت سالى من أمامها و فتحت باب الغرفة و خرجت مسرعة .. ثم أطلت برأسها و هى تحتمى بالباب و قالت بضجر :
- هلف لفة و أرجعلك تكونى هديتى .. على فكرة دكتور أحمد قلب عليكى المستشفى .. و إنتى كنتى .. هاه .
قذفتها غزل بدفتر الوصفات الطبية .. فأغلقت الباب و هربت مسرعة .. هزت غزل رأسها بيأس و عادت لإبتسامتها المشرقة .. و هى تتلمس شفتيها بخجل ....