الفصل السابع عشر

5.6K 173 8
                                    


أول الغيث قطرة .... و آخر الغيث سيل ....
دائما البدايات تكون كقطرة و تتتابع بعد ذلك لتتحول لسيل ...
و نحن ما نسمح بتزايد القطرات و تحولها لسيل .. سيل جارف يأخذ فى طريقه الأخضر و اليابس .. حبنا .. أحلامنا .. و أشخاصا كنا نعتقد أنهم محور حياتنا و التى تدور أيامنا و ليالينا حولهم ...
سنظل نلعب دور المتذاكى دائما .. مهما أخطأنا و مهما دفعنا ثمنا غاليا بالمقابل .. بداخل كلا منا قناعة أنه ذكى و ذكى بالقدر الكافى لتماديه بالأخطاء رغم يقينه أنه ينغرس بالوحل أكتر .. و لكن سيظل الذكى المنتظر ...
يعلم أنه مخطأ و أن ما يدور برأسه مجرد كهن فتيات .. و غيرة و حقد ..
و لكن صورة أحمد لا تفارق عقله .. المتذاكى .. و هو يعترف بحبه لغزل و مع ذلك أبقت على صداقته ..
سحقا .. عن أى صداقة يتحدث لقد إعترف لها بحبه .. و منذ متى يتحول الحب للصداقة ..
إستعاذ بالله من شيطانه و قال بداخله بقوة و كأنه يقنع نفسه و عقله الساخر :
- مش معقول غزل تكون كده .. أنا عارف إن البت دى قالتلى الكلام ده علشان أسيبها زى ما خطيبها سابها .
و قع فى فخ عقله و قلبه و الإثنان يتقاذفانه بمرح .. دون الإعتبار لألمه و تخبطه .. فعقله يأمره بالتريث قبل التقدم للأمام و حساب خطواته كى لا يندم ..
و قلبه المزدهر بحبها يخبره أنه أخيرا دبت به الحياة بعودة أميرته و لا يحق له أن يحرمه من تلك السعادة التى إفتقدها منذ رحيلها و التى عادت معها و عاد معها فارس القديم ...
خرجت من صدره تنهيدة متحشرجة .. و جسده ينتفض إنفعالا ثم حمل هاتفه و هاتف غزل مسرعا .. ربما يعيده صوتها الناعم ببحته القاتلة لتعقله .. غزل .. أميرته الصغيرة .. التى ردت قائلة بصوتها الناعم :
- لحقت وحشتك .
إبتسمت شفتيه براحة و قال بهدوء كأنه يزيح حملا ثقيلا من على كاهله :
- يا ريتنى ما سبتك .. هموت و أشوفك دلوقتى و أخدك فى حضنى لغاية ما أشبع منك .
و صل لأذنيه تلك الضحكة الصافية التى تمتع بها اليوم بعينيه و بأذنيه و بشفتيه أيضا .. ليأتيه ردها ناعما و رقيقا و هى تقول بعاطفية :
- و إنت كمان وحشتنى قوى .
إتسعت إبتسامته التى زاد صفائها و إستند بذراعه على نافذة سيارته و أسند رأسه عليه و قال بمداعبة :
- لو ساعة واحدة مش قادر أبعد عنك فيها .. هستحمل يومين إزاى .
وصله تنهيدتها الملتاعة .. فسألها بنبرة خافتة :
- تعرفى يا أميرتى .
همهمت برقة :
- همم .
سحب نفسا طويلا و قال بجرأة لم يعهدها لسانه من قبل :
- أنا جوايا بركان مشاعر لو جاب آخره .. مش هتطلعى منها سليمة .
كتمت غزل ضحكتها بأناملها .. و هى تهز رأسها بيأس .. بينما تابع هو قائلا بتمنى :
- هو أنا لو جتلك دلوقتى و أخدتك فى حضنى و نفست شوية عن النار اللى جوايا .. دنيا هتطلب لنا شرطة قلة الأدب .
لم تستطع كبت ضحكاتها التى إنطلقت بحرية .. جعلته يفقد تعقله و يتابع كلماته الملتهبة المعبرة عن حاله متناسى ما أقلقه منذ لحظات .. و ذاب فى مشاعرهما الجامحة تاركا شكوكه بداخله و لكنها .. منومة ...
إستمرت محادثتهم و هو يعود لثقته بها مرة أخرى و إشتعلت نيران العشق بقلبه مجددا .. و زاد شوقه إليها و كأنه يخشى فقدانها .. و لن يحدث .

تمرد أسيرة القصر (كاملـــــــــة) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن