مرت أيامهم سريعة على البعض.. و بطيئة على أغلبهم .. فلم تتحسن حالة رأفة .. و ظلت على حالتها و غزل لا تتركها حتى بدأت تذبل من إهمالها لنفسها و هى على أمل أن تتخطى جدتها محنتها و تعود إليها بحنانها و دفء حضنها .. وقف أحمد بجوارها و قال بقلق من شحوب وجهها و الإرهاق البادى على ملامحها الثائرة :
- لازم ترتاحى شوية يا غزل .. حرام عليكى نفسك .
لم تجبه .. ربما لم تعد تمتلك الكلمات أو ربما نفدت طاقتها و هى لا تقوى على تحريك شفتيها لتتحدث .. ربتت سالى أيضا على يدها و قالت بقلق :
- أحمد عنده حق يا غزل لازم ترتاحى شوية بقالك أربع أيام على الحالة دى .
أومأت رأسها نافية و هى تتأمل ذبول جدتها بفراش الموت .. فهى على يقين أنه لم يبقى لها سوى ساعات بهذه الدنيا المؤلمة .. كيف ستتحمل العيش بدونها .. و تحرم من حنانها و إبتسامتها الحالمة ...
نعم هى فترة قصيرة التى جمعتهما سويا .. و لكن حنان جدتها و حبها شملها بدفء غريب كانت فى أشد الإحتياج عليه .شعرت بالملل و هى جالسة بمفردها .. فجلست بجواره على الفراش و حركته قائلة بضيق :
- رامى .. قوم بقا كل ده نوم .. أنا جعت .
تململ فى نومته و تمطأ بكسل و إبتسم و هو يتابع غضبها اللذيذ و الذى يدعوه للإنقضاض عليها و إلتهامها دفعة واحدة .. و لكنه تحكم فى أفكاره الجامحة و قال بإبتسامة عاشق :
- يا صباح العسل والشهد عليكى يا عسلية .
إبتسمت بمكر و هى تقرأ لهفته عليها بعينيه ثم إعتدلت فى جلستها و أشاحت بالغطاء من عليه و قالت بحزم :
- قوم يالا خد شاور علشان ننزل نفطر تحت .
جلس و إستند على وسادته و جذبها من ذراعيها لتستقر فى حضنه .. ثم قال بمداعبة :
- و ننزل ليه بس .. أنا مش عايز أشوف حد غيرك .
إبتعدت عنه و هى ترمقه بنظرات غاضبة .. ثم قالت بضيق :
- أنا زهقت من القعدة فى الأوضة و هننزل نفطر تحت معاهم لو سمحت.
أومأ برأسه موافقا و قال و هو ينهض من الفراش :
- حاضر جهزى نفسك و ننزل سوا .أشرفت ميناس بنفسها على طاولة الإفطار و حرصت على ألا ينقصها شئ .. فهذه أول مرة سيتناولون الإفطار سويا .. و يجب أن يكون كل شئ على ما يرام .
هبطا العاشقين الدرج و هما فى قمة سعادتهما .. إستقبلتهم ميناس بإبتسامتها البريئة و إحتضنت ليال و قالت بفرحة :
- مبروك يا عمرى .
قبلتها ليال فى وجنتها و قالت بخجل :
- الله يبارك فيكى .
جلسا على السفرة و أخبرت الخادمة حمزة فخرج إليهم و إقترب من الطاولة وقال مرحبا :
- إيه ده العرسان مشرفنا على الفطار .
فقال رامى بضيق :
- أيوة يا صاحبى .. ولو إنى ما كنتش عاوز أشوفك قبل إسبوع بس زى بعضه ليال أصرت نفطر سوا .
وجه حمزة حديثه لليال وقال :
- منورة الدنيا يا عروسة .
ردت بخجل :
- شكرا .
بدأوا فى تناول إفطارهم و رامى يطعم ليال بيديه .. و بين الحين و الآخر يميل لأذنها و يقول لها أشياء تزيد من تورد وجنتيها .. و إبتسامتها الخجلة .. كانت ميناس تتابعهم و تتمنى أن يشعر بها هذا الحجر الجالس بجوارها و لكن دون فائدة ..
بعد الإنتهاء من وجبتهم وقف رامى و قال لليال :
- تعالى معايا يا لولو علشان أوريكى جنينة القصر هتعجبك قوى .
وقفت و إتجها للباب المطل على حمام السباحة الكبير و رامى يحاوط كتفيها بذراعه و هى تحاوط خصره بذراعها .. تنهدت ميناس بألم و هى تتطلع إليهما و إلى سعادتهما .
وقفت ميناس فى شرفة غرفتها تتطلع لهما و رامى يداعب ليال فتبتعد عنه فيقرر حملها و الدوران بها .. لتتعالى ضحكاتهم .. ضحكت ميناس و هى تتابع مرحهم .. بينما تنهد حمزة بضيق و هو يتابع نظرات ميناس إليهما ..
يعلم أنها تحتاج من يعشقها و يبادلها عشقها و يعطيها حقوقها الزوجية كأى إمرأة .. و لكنه أضعف من أن يفك قيدها به و يتركها لغيره .