نحن دافع الآخرين للعيش!

1.4K 96 21
                                    

عندما وقفت ناهد على الكرسي و عانق الحبل رقبتها الناعمة الدافئة..ضمت بصدرها الجريح كل ما اثقلها من أفعال و كلمات..و تجهزت لتدفع الكرسي من تحت قدميها..فتلقي بنفسها و كل ما أثقلها في غياهب الموت و السكينة الأبدية..التي لن تسمع و لن ترى فيها ما سمعته و رأته خلال سنوات حياتها..تلك التي تحملت فيها أضعاف ما في وسعها تحمله.

لكن ربما هناك خير قامت به ميادة و قد رد إليها..ربما إلتفتت الدنيا لتنظر بنظرة حانية أول مرة لقلب هذه الأم..و كفاها ما حرمتها فلم تشأ ان تحرمها أغلى ما تملك..إبنتها الوحيدة!

فبدأ فجأة أحدهم يدق دقا لحوحا على زجاج الشرفة من غرفة ناهد..جعلها تتوقف و تنظر بفزع نحو الظلمة و الفراغ في الغرفة..حاولت أن تغمض عينيها و تكمل ما عزمت على فعله متجاهلة كل شيء..لكن الطارق يكاد يكسر الزجاج..و خشيت ناهد أن يجذب ذلك الجيران..فزفرت بقوة و نزلت من عينها دمعة إعتصرتها شدة ضعفها و قلة حيلتها..فمدت يديها المرتجفتين و أرخت الحبل من على عنقها..ثم نزلت من الكرسي بحذر و توجهت إلى غرفتها و هي تقول بصوت متحشرج.."من هناك؟"

لتجد أنها نور..إبنة عادل و الشقيقة التوأم لعاصم..تقف بثياب نومها و خفها الخفيف و قد بدى من ملامحها و كيف تضم ذراعيها أن بدنها نال ما ناله من لسعات البرد..فأسرعت إليها و فتحت باب الشرفة لتقفز الأخرى داخل الغرفة و هي تقول "لما إستغرقتي كل هذا الوقت! كدت تفضحين أمري"

"أليس من المريب ان يدق احدهم باب الشرفة!"

"لا ليس مريبا..فلا السارق و لا المختطف يطلبان إذن الدخول" قالت ذلك و ثم إنتبهت جيدا إلى ملامح ناهد..و كانت سحنتها تنطق عن الرعب و الحزن في آن واحد..فقالت مستغربة "أخفتك لهاته الدرجة؟"

تسرع حينها ناهد و تعانق نور بقوة ثم تشرع في البكاء و هي تقول متحسرة "لم اعد أقدر يا نور..لم أعد أقدر"

"ماذا هناك حبيبتي؟ ماذا حصل؟" ترد عليها بذلك و هي تربت على ظهرها.."تعالي..تعالي لنجلس..خذي نفسا عميقا ثم أخبريني ماذا هناك؟"

"لم أعد أقدر و حسب ذلك كثير" قالت ذلك و هي تتملص بهدوء من حضن نور.

"إسمعي إهدأي الآن..سأحضر لك كوب ماء من المطبخ"

فورما خرجت نور من الغرفة..وجدت الحبل يتدلى من السقف و الكرسي مرميا على الأرض..فأدركت أن خروجها السري البريء من البيت محاولة قضاء ليلة مع صديقتها..قد تحول فجأة لعملية إنقاذ نفس من الهلاك.."ماذا كانت تفعل تلك المجنونة!" صرخت بذلك متعجبة ثم أسرعت إلى المطبخ و عادت من فورها بكوب شبه ممتلىء من الماء البارد..جلست إلى جانب ناهد و قالت "ناهد! أحصل شيء ما؟ شيء فضيع؟"

ناهد و هي تمسك كوب الماء "ما الأفضع من حياتي كلها! لقد ضقت ذرعا من كل ذلك..و لم أعد أريد أن أعيش"

سم الإبرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن