سم الإبرة

ذاك السخط العظيم بقلبها

لقد كان يخنقها بكلتى يديه..و قد برزت عيناه غيضا..تحاول نور تخليصها منه..تجذبه من قميصه و تدفعه بقوة بينما تصرخ طالبة النجدة..سيقضي عليها إن لم ينجدها أحد..كانت ناهد تضرب صدره بقبضتيها بيأس..أما هو فلم يكن يبالي.

فهذا غضب قديم جدا..منذ الطفولة ربما! قد كبر هذا الرجل و هو يبغض كل ما لا يستطيع الحصول عليه..إنه مجرد رجل بسيط..يعمل في ذلك الدكان الضيق..يقف وسط صناديق الفاكهة كل يوم..يطرد عنها الذباب و الحشرات..منتظرا من الأشخاص المحدودي الدخل أن يشتهو بعض الفراولة أو التفاح..كان نحيلا..تفوح منه رائحة السجائر و القهوة..ذلك ما يتغذى عليه تقريبا بعد سقوط أغلب اسنانه.

بالمختصر المفيد ما كانت ميادة لترغب برجل كهذا..ما كانت لتسمح بأن تشارك فراشها مع هذا الحثالة..لاهو جذاب ولا هو قادر على شراء خدماتها ولا هو شخص سوي..لذا تحول إهتمامه ببساطة للنسخة الأصغر و الأضعف من ميادة..إبنتها ناهد..حاول التحرش بها مرة بعد مرة..معتقدا بأن إبنة العاهرة ستجد ذلك عاديا..أو ربما هي عاهرة بالفطرة..و قد عاملها طوال الوقت على اساس ذلك.

لذا لم يتقبل بأن ترفضه هي الاخرى..فما وجد نفسه إلى وهو يقفز من مكانه مسرعا كي يحكم بقبضتيه على عنقها الهزيل..أخرج ذلك الوحش القبيح الذي يسكنه..و أثبت أنه حثالة كما يبدو بالفعل..و بينما هو يخنقها..أول شخص مر على الدكان كان عدنان!

سمع صراخ نور فألقى ببصره إلى الداخل ليجد ذلك المنظر المفزع.."إليك عنها" صرخ بذلك و أسرع إليه..أمسك ذراعه بقوة حتى كاد يكسر عظمه..فتركها احمد على الفور متألما..لتسقط المسكينة أرضا..تلتقط انفاسها بصعوبة و الدموع تنزل من عينيها.

"كيف تفعل ذلك بطفلة؟" قال عدنان هاته الجملة ثم أعقبها بلكمة على وجه أحمد حتى أسقطه.

أسرعت نور إلى ناهد..تعانقها و تمسح بيدها على رأسها.."لا تخافي حبيبتي..لا تقلقي"

نظر عدنان إلى إبنته بأسى لفترة..و ثم سألها بنبرة حانية "هل أنت بخير"

"أجل..أجل..شكرا لك"

"عودي إلى البيت لترتاحي إذا أنا سأتفاهم معه"

تقوم ناهد بمساعدة نور..ثم تمسك يدها بقوة و تخرجان من المحل..فور خروجهما إلتقيتا بعثمان.

"ماذا حصل؟"

"هذا الوغد أحمد تحرش بناهد"

"ماذا؟ لماذا أتيتما إليه!"

"كنا بحاجة لبعض الفاكهة"

"لما لم تتصلي بي؟ نور إتصلي بي إن أردتي شراء أي شيء"

"يجب أن نحبس في البيت إذا بسبب هذا الحثالة و غيره؟"

"عودي إلى البيت الآن و لا تجادليني" تواصل الفتاتان مسيرهما ليدخل هو إلى المحل.