مشنقة العناء و المشقة

1.5K 93 11
                                    

تجمد عدنان محله..و شرد في ذلك المنظر المدمر..الذي هشم فؤاده تهشيما..و لم يعد يستوعب ما يشعر به..ندم و عجز و حب و صدمة..كلها مشاعر إقتحمت كيانه مرة واحدة..و ومضت في رأسه فكرة مريعة..مفادها أن هاتين الأنثيين القابعتين بالسيارة..هما الأسرة التي أدار لها ظهره..الأسرة الأولى بالعطف و العناية..و كره نفسه و أشفق عليها في الآن ذاته.

لكن شروده ذلك كان مثيرا للشكوك و غير مريح بالنسبة لميادة..فجعلته يستفيق ببوق سيارتها مرة أخرى.."أنت تعطلنا يا سيد!"

تقول ناهد مستغربة "ما باله هذا؟"

ليقول عندها و هو يركب سيارته.."أعتذر..أفكر كيف أصلح الموقف" يبعد سيارته عن الطريق فتمر ميادة مسرعة دون قول كلمة..و ماذا ستقول و قد إستنفذت لحظة التجاهل تلك كل طاقتها.

"أمي..من هذا؟ أرى الكثير من الوجوه الجديدة بالحي"

"صاحب الورشة"

"صهر جمال يعني؟"

"تتنصتين علي أنا و زبوني؟"

"كنتما تتحدثان بصوت عالي..أسد أذناي!"

"لا..أنت فقط ركزي في تفاصيل الحديث" تقول ذلك و ثم تصمت..لوقت طويل جدا..فقد كانت صامتة طوال الطريق و صامتة في السوق..و صامتة في المطعم حتى أنها سمحت لإبنتها بأن تطلب لها الطعام.

قالت ناهد و هما جالستان في المطعم تنتظران وصول الطعام "فستان سهرة جميل ذلك الذي إخترته"

"أجل" ترد ميادة بذلك و ثم تخرج هاتفها من الحقيبة لتتفقد الوقت.

"شكرا على القميص الجديد و الحذاء"

"لا شكر على واجب"

"أمي..ما بالك ساكتة منذ خروجنا من البيت؟"

"أليس هذا هو المعتاد؟"

"لا..إنك شاردة..تفكرين في شيء ما..متأكدة أنت أن مشكلتك مع السباك قد تم حلها؟"

"أجل..أجل..لا تقلقي بشأن ذلك..لكن الأمر و ما فيه هو أنني.."

"ماذا؟"

"كأنني لا أريد الذهاب لهذه السهرة!"

"هل أنت مجبرة عليها؟"

"إنه عملي و أنا أتلقى مقابله أجرا"

"و لما لا تريدين الذهاب؟"

"لا سبب محدد..مزاج و فقط"

"متأكدة؟"

"مائة بالمائة..لا تقلقي بشأن ذلك..لقد وصلت طلبيتنا..إستمتعي بطعامك"

"حسنا..و لكن أنا مستعدة لسماعك إن كنت راغبة بالكلام..رغم أنك لا تسمعينني" تقول ذلك ثم تغمس قطعة الخبز المحمصة بالصلصة.

"إن كنت ستنكدين فإذا سأدفع الحساب و أتركك هنا!"

"لا..لا..واصلي تناول طعامك..بماذا يصنعون هذه الصلصة!! تتماشى مع كل شيء حرفيا"

سم الإبرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن