فتحت ناهد الباب لعدنان..و ما إن وقعت عيناه على وجهها حتى إنطلقت إبتسامة عميقة من فؤاده قبل شفتيه..وقفت تنظر إليه و قد هربت شعرات متمردة من رباط شعرها..و مازالت أثار النوم العميق الذي حظيت به بادية على خديها المحمرين و جفنيها المنتفخين..لقد خالجته رغبة لا تقهر في معانقتها لدرجة أنه شبك يديه ببعضيهما كي لا يفعل ذلك..
ردت عليه بإبتسامة بدورها و سألته "تريد شيئا يا عم؟"
"هل والدتك هنا؟"
"لا..ليست هنا"
ظل واقفا عند الباب..صامتا و فقط..يجب ان يرحل لكنه لا يريد و لا يقدر..فقالت ناهد و هي تكسر ذلك الصمت الغريب "شكرا لأنك أنقذتني تلك المرة..أردت ان آتي إليك و أشكرك و لكن أمي لم تعد تسمح لي بالخروج من دونها"
"ذلك كان واجبي فقط"
"لا..لم يكن واجبا بل موقفا بطوليا"
"ذلك أقل ما يمكنني فعله من اجلك" ظلت ناهد واقفة تنظر إليه بإستغراب فصحح موقفه بسرعة "أقصد أنني لن أسمح لأي شخص بالإعتداء على فتاة قاصر مهما كان..أنت بمنزلة إبنتي"
"لديك أولاد بمثل سني؟"
"لا بل أقل..فتاة بعمر السبع سنوات و فتى بعمر الخامسة"
"لابد و أنهما محظوظان"
يصمت عدنان..و تخترق تلك الجملة قلبه كالسكين..يخالجه شعور قوي بالذنب و يحس بأنه قد تخلى عنها فعلا و ما من مبرر يسقط عنه هذا الجرم الشنيع..جرم التخلي عن طفلته..طأطأ رأسه و بقي يحدق في البلاط لفترة.
حتى قاطعت ناهد حلقة اللوم و التقريع التي أدخل فيها نفسه مجددا..فقالت "لأي غرض تحتاج والدتي؟"
"لا عليك سأعود لاحقا"
"أخبرني ربما بإمكاني مساعدتك"
"كنت أود أن أعرض عليها وظيفة"
"وظيفة!؟ أي وظيفة"
"كمديرة لدينا في المشغل"
"مديرة في المشغل!" تنظر إليه ناهد لفترة من الزمن و بعدها تنفجر ضاحكة "أمي مديرة لديك في المشغل؟ لماذا إخترتها يا سيدي! على أي أساس؟"
"لا أدري..بدت لي أنها صارمة..و قادرة على ضبط سلوك العاملات و ربما بهذا س.."
ناهد مقاطعة إياه "ستتوقف عن عملها الحالي! صحيح؟"
"نعم صحيح"
"من الجيد أنك أخبرتني أولا..لأنك يا سيدي رجل محترم ولا أريد منك أن تأخذ نظرة خاطئة عن أمي..فإنها إن شمت رائحة شفقة في عرضك هذا ستطردك من أمامها على الفور..لا تحب أمي تلقي هاته النصائح بالتوقف عن عملها أو إبداء الشفقة عليها..كما أن عروض العمل السخية التي حصلت عليها خلال حياتها كانت كلها عروضا مفخخة..دائما المدير او الرئيس العمل يطلب منها التوقف عن عملها و ثم يحاول الحصول عليها لنفسه..و فضلا عن كل هذا سوف لن تأتي النسوة للعمل لديكم إن كانت أمي المديرة..إنهن يكرهنها"
أنت تقرأ
سم الإبرة
Short Storyحكم عليها الناس بأنها شيطانة. و فرضت عليها الظروف أن تكون عاهرة. لكن هل ستتصرف وفق ذلك!!