الفَصل الأَوَل || تَعيس

189 13 51
                                    


[7 سبتمبر؛ 2021]

كثيرًا ما تقذِف بنا الحياه الى مصائب لم تكُن في الحُسبان تجعلنا نُصارِعُها في حَلبهِ القَدَّر. تَخلِقُ نِزاعاتٍ لا نَعرِفُ لَها نِهايه. و في لَحظِه الهُدنه، تَتجَسد عَلى هيئهِ ذكرياتِ تَستَهدِفنا لَيلهً بَعد لَيله، كَقناصٌ مُحتَرِف يَهُز سُكونَّنا.

قضيتُ سِتة عَشر عامًا مِن حياتي في مَنزِل عَمي، أُجزِم أنها الأتعَس في حياه أيِّ شَخص. فبعد أن توفيَّ والديّ أنتقلتُ للعيشَ في جَحيمِه، مُذ التاسعه و حتى مرت السنوات مرورًا حَثيث وأصبحتُ في الخامِسِ والعِشرون مِن عُمري، بَقى لي عامًا فَقط وأنهي دراستي في كليهِ الطِب البَشَريّ. ما أن أتخرج سأصبحُ مستقلةً بذاتي وأبتَعِدُ عَنه للأبَد. كَونُه أخَذَّ ميراثي مِن والِديَّ قَسرَّا يَمنَعني مِن مُبارَحةِ البَّيت وتَركه يَنعم بِما لَا يَستَحِق. أنا فَتاةٌ إنطوائيه نوعًا ما، فأنا لا أُحَبذ الأختلاط بالبشر. لديَّ صديقٌ واحد يَكفيني ويُغنيني عَن سائِر العالَّم، يُشاطِرني الحياةِ بِحُلوَّها ومُرِها. مُعاناتي وصِراعاتي في الحَياه جَعلَّت مِني فَتاةً هَشه! اصبَحتُ عَاطفيه وحَساسه، كلما شاهدتُ فِيلمًا يَحوي لقطاتٍ مؤثره هَطلَّت سَحَبتايِّ وَّدقٍ وابِل. أملِكُ مِن بَحرِ الأُنوثه نَفَحاتٍ. خُصلاتي بَنفسَجيه الَتي توازي ظَهري، بالطَبعِ هذا ليس لونهُ الطبيعي؛ فقد قمتُ بصبغهِ دواليك حَتى أعتَنقتُ البنَفسجيّ لِفترةٍ طَويله. ملامحي لا بَأس بِها وقوامي يُشفقُ عَليه! جَسدي يُنثَّر عَليه ندوب خطتُها بنفسي، أُعاقِبُ ذاتِي عَلى مَظهَرِها البائِس والمُؤذي للبَصَّر .. في الواقع، هذا يُقلِل مِن غَضبي ويُشعرني بٍالهُدوء في كُل مرهٍ
تَعرضتُ فيها للتَنمُر البَدنيّ واللفظي.

المَنزل وكالعادَه مُكتَظ بِأصدقاءِ عمي، هو وبِشكلٍ مُتكرر يقومُ بِدعوتِهم في هَذا البَيتِ الصَغير، يُقامرون ويَملؤون أجوافِهِم بالخُمور، في كل ليلهٍ يأتون بها أكونُ أسرَةَ نَفسي في غرفتي الصَغيره خِشيةً أن يَأذونِي، وفَورَّ رَحيلَّهم أخرُج وأُنظِف الفَوضى الَتي تَعُم الأرض مِن زجاجاتٍ وأعقاب سَجائر.
لطالما كانَ الوضعُ في المَنزل لا يُحتَمل، عَمي يَدفع الكَثير علي القِمار حتى أصبَحت الدُيون تَفوقُ مَقدِرتنا..
صوتَ صَرير الباب أعَلن رَحيل الرِجال المَخمورين. خرجتُ من زِنزانَتي أحتَجُ وأنهَال على عمي بكلماتِ الِعتاب ككُل ليله.

"إلى متى سيستمرُ الوضع هَكذا؟! إلى متى سأحبِسُ نَفسي كُل لَيله في غرفتي؟! "

كان يسيرُ بِترَّنُح لِغيابُه عَن وَعيه، يُهرتِل بكلامٍ غير مفهوم! أثر الشراب الذي أبتلعه. كلمهٌ واحِده تَوغلَت الى أعمَقُ مَحطه في أُذُنيّ، سَمِعتُها و أدرَّكتُها، بغضبٍ أسندتهُ ونظَراتي تَحوي مِن السُخطِ ما يَكفي. ورفعتُ طَبقه صَوتي عَليه لِأوَّلِ مَرةٍ..

Shackles| A Past's Sin حيث تعيش القصص. اكتشف الآن