~الفصل الأول ~

548 9 5
                                    

كريستال

إنه الليل المعروف بهدوءه و سكينته التي يجد فيها معظم الناس راحتهم و تزيد فيه رغبتهم في أخذ قسط من الراحة ، حيث لا ضجيج ولا إزعاج فقط شوارع خلت منها أبسط مظاهر الحياة و ينتشر فيها ضوء القمر الذي ينير المكان فوق المنزل التي يعم الظلام أغلبها ، فهناك من زار الأرق أجفانهم حارماً إياهم من تذوق طعم النوم سواء كانوا فرحين أو مكتئبين

و أنا كبعضهم ، اشتاق جفناي لبعضهما فلم يزرني النعاس أو التعب منذ أن تم استدعائي للعمل مع واحدة من أكبر الشركات الرائدة في مجال الأعمال و الاقتصاد .
فبعد أن قدمت إستقالتي من العمل في شركة عائلة واتسن اعتقدت أنَّ بدأ العمل من جديد سيستغرق مدة أطول من ثلاثة أيام حين اتصل بي السيد توماس شخصياً يطلب قدومي إلى الشركة من أجل توظيفي بدون إجراء أيِّ مقابلات .

حسنا لا أشعر بالراحة التامة من أجل هذا فكيفما كان الحال لا يمكن توظيف شخص جديد بدون التأكد من خبراته أو حتى إلتقاءه مباشرة سوى بضع مرات التقينا فيها السيد توماس في اجتماعات مشتركة . لكن مع ذلك لا أنكر فرحتي و حماسي الذي يسيطر على خوالجي مما أفقدني الشعور بالنعاس أو حتى التعب . فهذه الشركة لطالما سمعت عنها الكثير من المدح حول صفقاتهم الناجحة و تاريخهم الحافل بالانجازات.

لذلك فضلت النهوض حين اقتربت الساعة لتشير إلى السادسة صباحاً لاجهز نفسي جيداً فدائماً يبقى اللقاء الأول مترسخاً في الذهن لوقت طويل ...

وقع الاختيار على طقم رسمي باللون الأزرق الداكن مكون من سروال و سترة ارتديت تحتها قميصا أبيض بياقة مرتفعة راقني منظرها حين نظرت إلى المرآة .

بعدها شرعت في تزيين ملامحي بمساحيق التجميل، ولأني لا أحبها فقد إكتفيت بكحل يبرز لون عيناي و ملمع شفاه وردي .

فأنا كما هو الحال مع والدي أملك عيوناً زرقاء مع شعر أسود غرابي و بشرة بيضاء حليبية تختلف عن باقي أفراد عائلتنا الذين يتميزون بالعيون العسلية و البنية مع البشرة التي تختلف ألوانها حسب تدرجات السُمرَة.

أطلقت العنان لشعري كي يصل إلى آخر ظهري مع تموجاته الهادئة . و بعد آخر نظرة نحو المرآة إرتديت حذائي ذو الكعب العالي و اللون الأبيض، ثم ذهبت إلى غرفة أليكس أخي الذي يصغرني بخمسة سنوات و الذي يكبُرُ كريس بثلاثة دقائق فهما توأم قُلِبت حياتي منذ ولادتهما .
فأليكس رغم أنه الأكبر لكنه يملك من التهور و الطيش ما يجعلك تَجزُمُ بأنه يصغر كريس بأربعة سنوات ، في حين يتصف كريس بالهدوء و الرزانة ما يجعله يبدو كعجوز ختم صفحات الحياة بعد أن اطلع على كل ما تحمله طياتها من دروس و عبر .

و ذلك يمكن أن أستنتجه فقط من أثاث غرفتهما فغرفة كريس تتصف بالهدوء نظراً لألوانها المتدرجة بين الأزرق و البنفسجي و القليل من الأبيض ، حيث بمجرد الدخول إلى غرفته تحيطك هالة من الاسترخاء تدفعك إلى اغماض عيناك شئت أن أبيت ، أما غرفة أليكس فهي كما حالتها الآن تعمها الفوضى

you and me ... different  ~  أَناَ وَ أَنْتَ ... مُخْتَلِفَانِحيث تعيش القصص. اكتشف الآن