1- عشية العيد الحزين

847 32 28
                                    

وقف السنجاب البندقي مترددًا أمام الفتحة الضيقة بين ألواح القرميد الضخمة الرمادية الباهتة للمعبد. مط رأسه ليلقي نظرة نحو الشق المظلم متوجسًا من وجود أفعى هناك، ثم إلتفت للخلف ليصرح هلعًا:
« لا أستطيع الدخول يا ديو! المكان مظلم جدًا و أنا أخاف الأماكن المظلمة الضيقة... »

« إنني أحب لحم السناجب المشوية. يجب أن أقتلك و أسلخك أولاً، أليس كذلك؟ »

أجاب ديو مهددًا موجهًا قضيبًا أسود رفيعًا نحو السنجاب لينكمش الحيوان الصغير محدقًا نحو قمة الصولجان المتوهجة بالأخضر، مدركًا بأن ديو لم يكن يمزح و أن ذلك كان لون تعويذة الموت. تجمعت الدموع في عيني السنجاب الصغير و رفع رأسه مستجديًا بألطف وجه يستطيعه، و لم يبد أن تلك الحيلة قد نجحت مع رفيقه الذي رمقه بجمود بعينين رماديتين قاسيتين، و بدا ضخمًا مظلمًا تحت جنح الظلام الذي بدده بعض من ضوء القمر المحاقي.

حار السنجاب بين الخيارين ثم تحرك نحو الشق ليجرب أن يحشر رأسه حين خمن بأن خيار الحفرة المظلمة يظل أفضل من أن يصير وجبة عشاء، ثم دفع نفسه مرتجفًا ليدخل بكل جسده، و لم ينس أن يصيح حين ابتعد من مدخل الحفرة و في نطاق لا يمكن لتعاويذ ديو ان تصله.

« أيها المجرم المختل منعدم الضمير! فقط إنتظر لنعود للمنزل! سوف أخبر بيليزييه بكل شيء و سوف يحطم عظامك و يريك الويل!»

إرتجف السنجاب حين جاءه صدى ضحكة ديو المجلجلة من الخارج، و تردد صوت ديو الهامس خلفه مجيبًا:
« هذا إذا خرجت من هنا حيًا! يجب أن تحترس في الداخل؛ سمعت بأن ثمة لعنة على الأرض تحرق أي شيء يلمسها.»

إبتلع السنجاب ريقه، و واصل طريقه بصعوبة في الفتحة الضيقة متخيلاً بأنه سيختنق و يموت في أية لحظة. توقفت خطواته لوهلة حين شعر بتيار الهواء، ثم أسرع ليخرج رأسه من حافة الشق محدقًا بفضول نحو المبنى المغلق من الداخل، كان الظلام دامسًا لكنه بعد دقائق تمكن من رؤية العمود الحجري القصير الذي حمل نقوشًا معينة في المدخل أمام البوابة. تردد السنجاب ثم دفع بحجر صغير على الأرض ليتدحرج و يضيع بين الظلام. قفز الحيوان بخفة على الأرض ثم ركض ليتسلق العمود محدقًا نحو الرمز المنقوش حافظًا منحنياته، ثم قفز من العمود القصير ليتسلق القرميد بخفة عائدًا للشق شاقًا طريقه للخارج. اخرج السنجاب رأسه متنفسًا الصعداء حين خرج لبر الأمان مجددًا، ثم قفز للخارج و لم يضيع لحظة منهمكًا في رسم النقش بأصابعه الصغيرة على التراب قبل أن ينساه.

جلس ديو على أمشاط قدميه خلف السنجاب ثم أضاء قمة صولجانه لتنير بوهج أبيض. إنحنى ليحدق مليًا نحو العين الكبيرة التي توسطت دائرتين متداخلتين حدتهما خطوط متعرجة رسمهما السنجاب بمهارة. تسلق الحيوان الصغير بنطال رفيقه ليصعد له على كتفه، ثم تجهم حين سأله ديو متشككًا:
«هل كان الرمز بسيطًا هكذا؟ ألم تنس شيئًا؟ »

لعنة دراغوسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن