27- الرجل الأخضر

153 15 28
                                    

جلست مونيكا على كرسي خشبي مريح، وطفقت تراقب انعكاسها على زجاج غرفة ماكس في المشفى التي وقعت في الطابق الثامن.
بدا وجهها ذابلا دون المكياج، وتطايرت خصلات عسلية من تسريحة ذيل الحصان. لم تبدل ثيابها منذ يومين، ولأول مرة لم تهتم بجمالها. شعرت بنفسها خاوية وكأن شيئًا فيها انكسر تلك الليلة.
ربما لأنها الساحرة الوحيدة التي دخلت الامتحان وخرجت منه سليمة معافاة.

وصلت الشرطة بعد فوات الأوان، كالعادة.
كان طلاب كثر قد ماتوا وتم أخذ جثثهم لمكان مجهول. وآخرون تم خطفهم أحياء مثل فينا، والبقية الضئيلة المحظوظة الذين لم يخطفوهم أحياء أو أموات، كان جلهم بإصابات خطيرة، سواء كانت جسدية أو نفسية، عدا هي وباسكال.

إلتفتت مونيكا حين شعرت بحركة ماكس في سريره. كانت خصلاته النحاسية ومعالم وجهه قد غابت خلف الضمادات التي لفت رأسه ووجهه، وتورمت ذراعه برضوخ في غير موضع. بدا أنه نجا بالكاد واستطاعوا إصلاح عظام وجهه التي تحطمت بسبب الشيطان صديق ديو.

نهضت مونيكا حين أبصرته قد تحرك بهلع مظنة أنه لا يزال في المعركة، واقتربت ثم ضغطت على الجرس لاستدعاء الممرضة.
دنت ومالت نحوه متفحصة، ثم سألته متوجسة أن الضربة قد أثرت على عقله.
« هاي، ماكس. هل تعرفني؟»

مكث ماكس قليلاً حين شعر بضوء مصباح الفلورسنت المشع قد آلم عينيه. رمش بضعة مرات ليحدق نحو مونيكا متفرسًا، وسأل همسًا:
« مونيكا... أين نحن الآن؟»

حررت مونيكا نفسًا كانت تكتمه، وسحبت الكرسي لتجلس مجاورة له. وضعت رجلا على رجل، وأجابت متنهدة:
« في المشفى، كما ترى. نحن لسنا في غرفتك.
لقد أخذونا جميعًا لهنا.»

جاهد ماكس للجلوس ثم توقف واسترخى على وسادته حين عجز عن النهوض، وسألها بلهفة:
« هل الجميع بخير؟»

وجمت مونيكا قليلاً، ثم انفجرت مقهقهة ليرمقها باستغراب.
هل يبدو حالها كحال شخص بخير؟ هل البقية بخير؟

هزت مونيكا رأسها حين شعرت بأنها بدأت تفقد عقلها، وأجابته بينما مسحت عينيها:
« آسفة، شعرت بسؤالك مضحكًا. كلا، لسنا بخير.
أو على الأقل البقية ليسوا بخير.
روز قد أصيبت أسوأ منك، وفقدت ضرسًا أيضًا، لكن علاجها كان أسهل بسبب أن جنيًا قد عالجها في الغابة وقتئذ، فاستيقظت قبل يومين.
فينا قد خطفوها مع جملة من خطفوهم، وكوني في قسم الطب النفسي؛ إنها صحيحة جسديًا لكنها لا تزال تصرخ حتى الآن، دون توقف. ليسيوس في قسم علاج الإصابات السحرية، مثل آلن، استيقظ قبل أربعة أيام وخرج.
آلن بخير، لقد صحا لكنه تحت المراقبة، لكنه يبدو بخير.»

صمتت مونيكا قليلاً شاردة، وجاهد ماكس لتحريك يده ثم اطمأن حين استطاع تحريك يمناه، وسألها قلقًا:
« ماذا عن ديو وباسكال؟ ماذا حل بهما؟»

مطت مونيكا شفتيها، وتنهدت ثم أجابت:
« ديو كان الأسوأ حالا.
لقد تم علاج إصاباته الخطرة وتم تغليفه بالجبص، أما باسكال، فقد كان صحيحًا واقتادوه للقسم لأنه حاول قتلك، وتم إخراجه بكفالة ولم أره منذ ذلك الحين.»

لعنة دراغوسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن