28- قلعة مصاصي الدماء

157 15 12
                                    

راقب ديو زرقة السماء الصحوة عبر نافذته المشرعة. كانت جدته قد غادرت لقضاء بعض شؤونها، فمكث وحيدًا في حجرته، وبعد أن تحسنت كسوره، بات بمقدوره الجلوس لكرسي متحرك بدلاً من الرقود طيلة النهار.

دفع ديو عجلات الكرسي بتؤدة، وفتح باب حجرته ثم غادر، واتجه صوب آلة بيع العصير التي كانت في ردهة عنبر المرضى. دقق بصره بين المشروبات، ووضع القطعة النقدية، ثم استطال ليرفع نفسه للوصول لزر مشروب حليب الشوكولاتة.
قطب جبينه عابسًا حين امتدت يد من خلفه وضغطت على الزر، وسقط المشروب ليلتقطه وحدق للخلف ليرى الوغد الذي لم يطلب مساعدته، واحتدت نظراته أكثر حين أبصر ماكس بزي المشفى، لكنه بدا أفضل حالاً وكان يسير دون مساعدة.

« تراجع أيها الوغد! أنا لم أطلب مساعدتك!
إذا لم تكن جدتي معي هنا وأراعي مشاعرها، كنت لألعنك، فقد تحسنت صحتي ويمكنني أن أستخدم سحري لأجعلك تمرض على الأقل.»

زجره ديو بعنف، وصمت ماكس بينما حدق في صنوف المشروبات، ووضع عملة نقدية ثم اختار مشروبًا، وانحى ليلتقط عبوة عصير برتقال. اعتصرها في قبضته هنيهة، ثم قال بصوت أجش خافت:
« ديو، أرجوك.
أريد الحديث معك قليلاً؛ خمس دقائق فقط، اسمعني فيها.
بعدها يمكنك شتمي كما تريد.»

صمت ديو متوجسًا عابسًا، ثم أجاب:
« دقيقتان فحسب.»

أومأ ماكس بيسر، ودس علبة عصير البرتقال في جيب قميصه، بينما دفع الكرسي المتحرك بديو، واتجه صوب المصعد، ثم غادرا نحو حديقة المشفى التي كانت شبه خالية في الصباح، يؤمها عدد قليل من المرضى.

جلس ماكس وأسند ظهره للمقعد الخشبي، بينما غاص ديو في كرسيه المتحرك، وسحب القشة ثم غرزها في عبوة الحليب بالشوكولاتة، وشرب منه مستذكرًا الوقت الذي جاء فيه هنا برفقة طالب المؤسسة؛ الغراب جوداس، صديق كارلوس المقرب، وصديقه الجديد.

تنشق ديو بعمق رائحة الشوكولاتة التي شعر بأنها تشفيه، واخفى بسمته بتنهيدة عميقة؛ رغم أنه عرفه منذ بضعة أشهر خلت، لكنه صار في المرتبة الثالثة بعد جدته وفينا؛ صار للشاب مكانة خاصة لديه؛ يحترمه ويحبه. هكذا يكون الأصدقاء المخلصون؛ أقوى منك، يمكنك الاستفادة منه وتبادل المنافع معه، لا يظن بك السوء ويرمي كل مصيبة عليك لأنك مشعوذ، يساعدك ويدعمك ويحترمك، ويدفك لمنافسته.

تذكر ديو رفيقه الوغد الذي جلس بجانبه، وذكره:
« تبقت لك دقيقة.»

ضحك ماكس وفتح علبة العصير، وتجرع نصفها في دفعة واحدة ثم أنزلها. مكث لحظات صامتًا لترتيب حديثه في رأسه، وقال متنهدًا:
« حين التقيتك أول مرة، كنت في نظري لصًا ومجرمًا. خطفت روز، وضايقتنا، لذلك منذ وقت طويل وأنا أنازع بين ما وضعته عنك مسبقًا، وما عرفته عنك بعد أن صرت قريبًا منك.
لكنني بصدق، لا أراك شخصًا سيئًا، وأشعر بندم كبير لأنني تسرعت حينها ودفعت فينا من جانبك، وشككت فيك.
أنا حقاً آسف... لا أعلم كيف يمكنني تعويضك، لكنني أعدك بالبحث معك عن فينا والعمل على استعادتها ولو كلفني ذلك حياتي.»

لعنة دراغوسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن