33- مطبخ الأشباح

125 8 33
                                    

استقام ديو فجأة جالسًا وحدق في الظلام حين صحا عطشانًا، وحين أجال بصره في عتمة الغرفة الهادئة والسكون المحيط خمن أن الصباح لم يحل بعد بما أن ماكس أو باسكال لم يوقظاه.
سحب اللحاف وضجع متغطيًا بينما بحث بيده عن هاتفه ليتفقد الساعة، واصطدمت يده بشيء ما ليساوره بعض من استغراب وسحبها، وحين مدها مجددًا خمن أن هذا ليس الجدار بل ظهر أحد ما بما أن هذا قميص. بدا من بنيته قريبًا من ماكس، لكنه كان أهزل، وحين انقلب، جحظت عينا ديو رعبًا حين علقت يده تحت مؤخرة صديقه، فناضل لسحب يده عنوة وعبثًا استطاع، فصاح.
«اللعنة عليك، فالتبتعد عني! النجدة! ابتعد عني! لا تلمسني!
قم وانهض من سريري أيها السافل الضخم!»

إلتفت ديو نحو الضوء ورفع يده الحرة ليقي عينيه من ضوء المصباح الساطع حين فتح داريوس المفتاح بما أنه كان أقرب لسريره، وأزاح ديو يده متأملاً الحجرة ولحظ سجادتها الزرقاء ليدرك أنها ليست حجرته، وأن هذا ليس ماكس.
«السافل الضخم؟»

سمع ديو صوت جوداس من خلفه ناعسًا مستفسرًا، فعض شفته السفلى ثم أغمض عينيه بقوة حين استعاد ذكريات مجيئه لغرفة شباب السنة الخامسة، واستدار ببطء ثم استعاد يده لحجره حين جلس جوداس وهرش رأسه متثائبًا بطقم نومه الأزرق قصير الكم، وضاقت عيناه حين حدجه متفحصًا وكأنه يحاول رؤيته دون نظارته، وسأله معاتبًا:
«ألا يكفي أنك كنت تركلني في نومي، لتشتمني أيضًا؟
إهدأ؛ هذا ليس سريرك، بل سريري. لقد عثرت عليك هنا بالأمس، لكنك بدوت متعبًا فلم أقم بإيقاظك.»

كما تدين تدان. فكر ديو بأن السماء قد انتقمت لروز حين أحرجها أمام صديقه، وها قد أحرج نفسه أمام ذات الشاب، وأمام بقية الشباب الكبار أيضًا.
كان يخطط للنهوض بعد ساعة لكن النوم أخذه، و الآن لن يعتقد صاحبه أنه لئيم فحسب، بل متحرش مزعج، وطفل صغير أيضًا، بعدما بات يلتصق به كثيرًا منذ مجيئه لهنا قبل يومين فحسب.
«أنا آسف، لقد ظننته سريري، وظننتك ماكس، فهو يزعجني.
لم أقصد أن أنام هنا، لم أقصد، كنت سأغادر قبل أن تأتي. أنا لم أقصد مضايقك في سريرك، ولا أقصد أن ألتصق بك كطفل صغير أو أن أزعجك، أنا فقط أردت أخذ غفوة هنا قبل مجيئكم وكنت مغادرًا، فبعدما رأى الطلاب الأكبر سنًا إصابتي لدينيس، باتوا يحدقون نحوي كوحش وخشيت أن يتعرض لي أحد أثناء نومي، واعتقدت بأنه لا أحد سيعثر علي هنا. أنا...»

«هش، لا بأس.»

قاطعه جوداس وربت له على رأسه لما سمع نبرته المهتزة فأدرك أنه قد أخافه، وطمأنه:
«أنا لا أراك طفلاً، لا أنزعج من مشاركه سريري معك فلستَ ضخمًا كهؤلاء. لو كنت متضايقًا لأيقظتك وأمرتك بالنهوض فحسب، فلا تبك بسببي أيضًا كما بكت الفتاة في الصباح، فقد بدأتم تشعرونني أنني وحش.
هيا، ارفع رأسك وانظر لي.»

«تلك العينان يا صديقي؛ لك عينا وغد بامتياز.»

علق كاهان ضاحكًا من السرير العلوي المقابل، ورفع ديو رأسه ليطالع جوداس، الذي هز رأسه راضيًا حين أبصره هادئًا، ثم بحث تحت الوسادة وسحب نظارته، وخاطبه:
«ما فعلته في القاعة كان مريعًا وأحمقًا.
بالطبع أنا لست قلقًا على دينيس أليستيار، بل اسعدني أنك قمت بإصابته بدلا من الولد الصغير الآخر، فهو بالجملة لا يروقني.
لكن من المستحسن أن تحكم ضبط نفسك، فحتى لو خرجت بعقوبة أو إنذار، يتذكر المعلمون تصرفك وقد يضعون انطباعًا سيئا عنك، وهذا ليس من صالحك إذا كنت تود قضاء سبعة سنين كاملة هنا.»

لعنة دراغوسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن