الفصل السادس عشر

118 3 1
                                    


صباح اليوم التالي ..
ملامحها قاتمة ،تُفكر بذعر و خوف بأشياء كثيرة أولها ..كيف اتى ذلك الرجل الى هُنا !..من أين عرف منزلي !..وهل يعيش في قريتنا منذ الان !..افكار كثيرة لم تخرج من عقلها منذ أن استيقظت من النوم ،لم تنم جيدًا من الاساس ..لقد كانت ليلة مثل الكابوس بين النظر الى السقف و الى السلة التي تحوي اوراقه ..اوراقه المجنونه الغير منطقيه ..شيفرة !..هل يعبث بي ؟
فتحت باب المجلس بهدوء،لتتقدم بالفطور الى صالح الذي استيقظ منذ لحظات ،استند جالسًا بصعوبة و هو يشعر بألم حاد ،نطق بعد أن تثاوب :صباح الخير ..
وضعت صينية الفطور امامه ،لتجلس وقد نصبة إحدى قدميها حتى تربط يديها عليها ،حينها غسل يديه و وجهه بسطل الماء الذي جلبته ،سحب الخبز و بدأ الاكل تحت صمت غريب منها ،حينها اردف وهو يحشر الخبز في فمه :ما بتأكلين؟
نظرت إليه في شرود ،و حينها تنهدت :ما لي نفس
ارتفع حاجبه :فيك شي؟..اساسا وجهك مب عاجبني من دخلتي علي ..تهاوشتي مع العيال مره ثانيه ؟
ارتفع حاجبها :تهاوشت !..انا!
اعتدلت بجلستها لتبتسم بضيق و تهديد:صالح افطر وانت ساكت اخلاقي بخشمي
غرّق الخُبز في صحن الفول ،ليضعه في فمه ،حينها تحدث:طيب ممكن نعرف ليه اخلاقك وصلت لخشمك !..يعني الواحد وده يقوم الصبح يصبح على وجيه تفتح النفس ،فوق ما اني مطعون أشوف مناظر تسد النفس !!
زاد ارتفاع حاجبها ..لتنظر اليه فتره طويله بعينان احتدت تُهدد في كل لحظه بقتله ..حينها بلع رمقه و الخُبزه قد جرحت حلقه ليردف :طيب ما حنا متكلمين ..سكتنا
طاف صمت هادئ بينهما حتى أردفت بفضول:صالح..مين جاء للعشاء ؟
نظر اليها فتره وجيزه حينها اردف:اهل الديره ،و المدرس حسام و محمد
انعقد حاجبها :متأكد ؟..مافي احد غريب غير المدرس و صاحبه ؟
صالح بشك:ليه تسألين !
شعرت بضيق شديد :قلت لي من اول إن مُدرس اللغه العربيه اسمه حسام على ما اذكر
كشر لِذكره :ليه تطرينه وتسدين نفسي ..ايه هو مدرس اللغه العربيه
غزل ولا زالت تشك بينهما :والثاني  وش يدرس؟
صالح بتعجب من سؤالها :وش ذي الاسئله !
غزل بإصرار:جاوب!
تنهد:لغة انقليزية
شعرت بضيق شديد في التنفس ،و خديها بداء في الاحمرار ..نظرت اليه بعدم تركيز بخوف من الحقيقه نفسها و بكذب :صالح انا قد شفت واحد منهم بالسوق
ارتفع حاجبه ،تعلم أنهُ حار و غيور ،و تُدرك جيدًا بانه يكره مدرسيه الاثنان !..و الان تُخبره بأنها رأت واحدًا منهم ..مما جعل نار بارده بدأت في الاحتراق بصدره حينما بدأت أسئلتها تُشككه ،رمى الخُبزه الصغيره من يده لتقع على الصحن ،حينها نظر إليها نظرات حاره و رغم نظراته المشتعله ،إلا ان صوتهُ البارد طمأنها لحظيًا :ليه تسألين و تلفين و تدورين ..قولي لي من الاخر (غمز بعينيه اليُسرى )..شعندك ؟
دلكت ما بين حاجبيها مُدة طويله ،لن تعرف الان من منهما صاحب الرموش الكثيفه ..نهضت من مكانها :ولا شيء ..مجرد فضول انسى ..
صالح :قِلتِ انك شفتيهم بالسوق
غزل بضيق :كان عندي فضول اعرف شكل مدرسك الي غاثك بس ..تبي شي
تنهد :لا
خرجت من الغرفه بضيق شديد ،إلا انها ابتسمت بمجاملة حينما نظرت تلقائيًا الى ابوعبيد الذي يفطر مع إخوتها بالحوش ..مرت تنوي الذهاب الى غرفتها ،حتى قاطع سيرها صوته الكهل :غزل !
رفعت راسها ببط وعقلها لا يكاد يستجمع هول الصدف :هلا
اشار بعصاته ان تجلس جانبه :تعالي
وضاح :اي والله .. انه نشمي دبر لنا سيارة اسعاف تلقتنا على طريق البر واخوه الي بالمستشفى تكفل صالح الله يقدرني و اردها له
تنهدت بضيق اكبر،ليت حُسام ذا لا يكون صاحب الرموش الكثيفه ،على الاقل كُنت أهتم لواجباته و ما فعله مع اخي من النشامة لا استطيع أن اجمع هذا الانسان مع المجنون ذاك
،
بعد أن انتهى الفطور و انتهت ايضًا من جمع الاطباق ،
ابو عبيد :تقبلين التحدي لو تحديتس ؟
صفر سلمان لينظر الى غزل :محاوره !!..نبي محاوره !
سلطان و تجلس بجانبه غزل ،ابتسم بلطف:عليك فيه ..
نظرت إليه قليلاً ..ثم نظرت إلى ابو عبيد الذي ينتظر ردها ..حينها تنهدت ،تحتاج أن تُشتت عقلها عنه :قِبلت التحدي
صفق الكُل تعزيزًا لها ..بينما انقسمت الاطراف ،
تنهدت ،لا ضير في ارتجال الموقف وإلقاء بعض القصائد التي لا تكشف عُرِي قلبها .
اشار بعصاته إليها :
وش يقول الملهوف لعيون الغزال
ارتفع حاجبها :
يقول امسيت اسامر و اعد النجوم
و اخاف تخفيها مرات الغيوم
ابو عبيد بتحدي ليخرج غصاتها بطريقه ملتويه :
بنت من؟ يالي تبرقين اشعار
من عالي القوم ولا سافلن غدار ؟
استفزها بالكلام :
رجل عن كل الرجاجيل يوم ذا الزمن ما به رجال
استفزها اكثر :
استغفري يا بنت عن زين الاقوال
و اذكر اسمه  و الافعال
غضبت بشده كيف يستفزها بالكلام عن والدها؟!!!وهو اكثر شخص يعرفه  :
رجال لا قال كلمه هز الانام
لا خطى في ارض برقت سلام
نظرت إليه بعينان قاسيه تُضيء الدمع ،ترثيه بحُزن تجمع في صدرها طويلاً ،و قد يطرحها الان :
شاعر جزل ترثيه الايام
ترثيه الشوارع
و اصوات الحمام
تبكيه المدينه ..
مبانيها و الخيام
شعرت بدوار يفتك بمقدمة راسها ،لم تُدرك بأن خيط دم نزف من انفها ..ترثيه دماها حتى:
من بعده عتم
و غيوم وغمام
و لباس من حزن ضمني..
فستان اسود باكمام
لم تستطع ان تُكمل حينما هطل الدم كثيفًا من انفها،وضعت كفها على انفها لينحني راسها نحو حضنها وقد غرقت احداقها بالدموع ..ل تشهق بعدما رص البُكاء حلقها حتى جعلها تبكي ب علنيه..
سلطان قست عينيه بحُزن كابر على أن يخرج ليسحبها الى صدره وقد بللت ثوبه بالدموع و الدم
اغمضت عينيها وقد خبأها في صدره ،و رغم انها سكنت إلا ان جسدها لا زال يرتجف بشده
نظر وضاح بضيق امتزج بغضب صريح عرف بان ابو عبيد كان يريدها أن تُخرج غصاتها التي اختبأت طويلا ،جاعلها تبكي بعد مرور اعوام عديده على موته ..
سحبها من حُضن سلطان بهدوء و بطء حتى ظهر له وجهها المحمر بحُزنه ابعد خصلات شعرها المتمرده على وجهها ،هامسًا بحنان لطيف يُشبه النسيم :غزل..
زمت شفتيها حتى لا تبكي ..لتنظر اليه بعينان محمره تلفظ البكاء
كان والدها شي عظيم بالنسبه لها
يعرف الكُل بأنها تُعاني من متلازمة ذِكره ..فعندما يُذكر تبدأ في الارتجاف و انفها لا يكف عن النزيف حتى تهدأ من حالة الانهيار التي تُعايشها ..
سلمان بنظرات حارقه لابو عبيد:انت تدري بحالتها ليه كل ذا
نطق ببرود حكيم :الدمع ينظف العين و القلب
وقف بعكازه:مرني العصر يا وضاح ..
،
منزل أبو عبيد
وضعت اقراص البندول ،على الطاولة ثم التفتت بجسدها إلى الراقد على السرير بعينان مُغمضه ،و حاجبيه الرماديين مرتخيين فوق جفنه ..حينها تنهدت قائله :ليه تفتق جروحها ..الي سويته الصبح ما له لزمه يا ابو عبيد
لم يفتح عينيه ،إلا انه تحدث:لزوم عودها يشتد ..مهب قادره تعيش مع ذا القلب الضَعيّف ،لزوم تحكم عقلها و تتخطى موت ابوها ،باكر بتواجه هموم و مصايب ..بتقعد تندب !
ام عبيد و تكره فِراسته ..تصوره للاحداث ..احلامه التي تتحقق ..و توقعاته التي لا تخيب ابدًا :وش تقصد
ضحك ببحة امتزجت مع صوته الكهل وهو يحرك حاجبيه الكثيفين :
هالبنيه قدرها انكتب عليه المصايب من كل صوب ...
تغيرت ملامحها لضيق شديد:حلمت فيها؟
لم يرد وهو يسحب دواء الضغط حتى يشربه ،حينها ادركت بأنهُ فعلا قد حلُمَ بِها ذاك الرجل يُعرف بالفراسه وفراسته حقا مخيفه
و كأنه من عصر الجاهلية او قبلها، مخيف حقًا ..قِلةُ من يملكون الفراسه ولكنه قضى على تلك القِله ...فراسته تعدت الترمومتر الحراري،اعتدلت بجلستها :اصدقني يا رجال ..وش شفت
تمدد على السرير ليعود لإغماض عينيه ..و بعد بُرهه من الصمت أردف :خلي الحلم بالحاله ،الي كاتبه الله بيصير
ردت في ضيق وغضب،عدم رده دليل واضح على صدق رؤياه :لذا الحد كايد حلمك فيها؟
استلقى على السرير وقد اغمض عينيه:خيل اسود وخيل ابيض يدورون حوليها
ام عبيد بمحاوله لفهم حُلمه:الوكاد ان واحد منهم بدر!..
تمتم قبل ان ينام :بتضيع بينهم
ادركت بانها لن تعرف حلمه بالضبط لذا قالت حانقه :عويذ الله من احلامك
افجعها برده:عويذ الله من خيولها
-
اصابع وضاح تعبث بخصلات شعرها..لا زالت صامته بعد نوبة البُكاء التي جعلتها مُثيرة للشفقه ،و ها هى تُسند راسها على صدر وضاح الذي بدأ القلق عليها ..صمتها لدقائق طويله يُشعرهُ بأنها ليست بخيرٍ بعد ..تنهدت لتنظر الى السماء المليئة بالنجوم ..و
صوت صرير صراصيل الليل يبعث صوت موسيقى هادئ أشعرها بالسكينه ،قليلٌ من الفراشات منعدمة اللون تحوم حول الإنارة بشكل كثيف و رياحٌ عليله خفيفه تلاطف الفؤاد و تطبطب عليها
يمرر اصابعه بشعرها الكثيف و بهدوء راجي :غزل...
عند البكاء المفرط تأتي مرحلة الصمت المخيف هى لا تود الحديث حقًا.. تشعر بالكسل من أن تنطق حرفًا واحدًا للتو انتهت من نوبة بكاء عارمه استنفذت طاقتها ..كُل ما تُريده الان هو النوم فحسب .
ابتعد عنها حتى رفعت راسها من صدره ل تعتدل بجلستها
حينها أخذ نفسًا كثيفًا قبل أن ينطق:بتظلين ساكته؟
رمشت عِدة مرات ،تحاول إخفاء دمعه تتعلق فوق اهدابها تُهددها بالسقوط:مابي اتكلم بشي
حينها تنهد من جديد لينظر إليها عميقًا ..يُخبرها بعينيه بأنهُ يُريد إزاحة الحِمل عن صدرها ..يرجوها بأن تنطق بأي شيء حتى لو شتيمه واحده تُخبره بأنها بخير ،إلا انها قطعت رجاء نظراته حينما توقفت ،تاركتهُ خلف ظهرها ..تسير بخطوات ميته نحو غُرفتها المُطله على الحوش ..لتغلق الباب الحديدي خلفها ..رمت نفسها على السرير بعنف لتنظر بعدم تركيز الى اللا شيء..وقع بصرها نحو سلة المهملات،كشرت بشده لتُخفي وجهها بالوساده تحاول النوم
-
صباح اليوم التالي..
أطل براسه من باب المطبخ هامسًا :خلصتوا!!
ابتلع سلطان رمقه في ضيق شديد وهو يُقلب البيض بعدما ذابت قطع الطماطم :يا قلب سلطان من هالحياه ..ما بعد خلصنا !
ينظر صالح الذي يستند على العصا ناحية الشاي الذي وضع بداخله الحليب،ينتظره بصبر وعيناه لا ترمش عن الابريق ..حاجبه يرتفع لحظه وينخفض لحظه اخرى واعصابه تبدو وكأنها ستثور في أي لحظه ،اردف بتركيز :اصبر ما بعد فار الشاهي
وضاح الذي يضع كاسات الشاي في الصينية ،بتحذير :انتبه يفور ويعدم علينا الفرن ..
صالح ويشير بكفه ناحية وضاح و عينه لا تكف عن النظر الى الابريق :لا توصي حريص ..يا انا يا ذا الشاهي ..
ابتعد سلمان عن الباب لينظر بخوف نحو غرفة غزل المغلقه ليردف بهمس:ما بعد قامت ..اخلصوا علينا
مال صالح برقبته ناحية سلطان :ليه ما نركب مكيف بالمطبخ
نظر الى وضاح الذي نظر اليه :احتريت وحنا ما بعد خلصنا الشتاء ،لو حنا بالحر امداني فطست ..
وضاح و يحرك راسهُ بتفهم :هالحين فهمت غزل يوم تشكي من حر المطبخ ،لازم نركب مروحه ولا مكيف مع الصيف
سلطان و انتهى من صنع الشكشوكه اردف بضيق شديد :سلمان يا حمار واقف هنا !..قلت لك اهرس الفول!
كشر ليغسل يديه ،فتح علبة الفول و افرغها في الخلاط ..وبعد لحظات من الخلط اوقف الخلاط ليضع الفول المهروس في طبق ..
سار الى البصل الذي بدأ وضاح بتقليبه بالملعقه :هرسته وش باقي !
وضاح و يبدو بأنه يفكر :جيب فلفل ..هات فلفل كثير ثنتين ولا ثلاث و هات ثوم و افرم الطماط ..واذا في صلصة جيب معك
تنهد ليسير نحو الثلاجه ..
بعد دقائق ..صالح :وضاح سو فول مبخر
وضاح و يُقلب الفول :ذا الي ناقص بعد اسوي لكم مبخر..هات صحن بس
سار بهدوء و بيده العصا الى سلطان الذي ناوله صحن مجوف ..
حينها اردف :واحد منكم يمد السفره
وضعوا الشكشوكه بالمنتصف ..طبق الفول على الجانب و الليمون الاصفر موضوع على السفره ..بجانبه حلوى طحينية و جُبن مالح و قطع زيتون اسود ..وضع سلطان التميس الساخن الذي جلبه منذ لحظات من المخبز ،و اخيرًا شاي صالح الذي يتفاخر بهِ منذ ساعه مضت ..يحلف لهم بأنهم لن يذوقوا ألذ من الشاي الذي أعده ..واصفًا نفسهُ بالمعلم .
توقف الاربع بجانب بعضهم بفخر ..حينها استداروا ناحية الباب الحديدي السماوي الذي فُتح ..لتخرج غزل وكفها راقدٌ فوق جبينها الذي عصبته بطرحه سوداء ويبدو بأن الصداع يفتك مُقدمةَ راسها ..لم تستشعر وجودهم بمنتصف الحوش وهى تسير بـ تملل و تعب ناحية المطبخ حتى تُعِدَ الفطور ..إلا انها وفي اثناء سيرها حانة منها نظره ناحية ظلالهم لتقف ..رفعت حاجبها لتنظر إليهم في هدوء و ببحة ظهرت في صوتها بسبب النوم :يا صباح الخير .وش مصحيكم هالحين ؟
صالح و يحاول الجلوس :تعالي..
لم تفهم طلبه ..حينها اكملت سيرها ناحية المطبخ :دامكم صاحيين ..بسوي فطور ..صالح بعدين اجيـ..ـك
علقت الكلمه في حُنجرتها حالما لمحتهم واقفين بصوره غريبه ،استطاعت ان تلمح السُفره التي خلفهم واطباق لم تُميز ماهيتها بعد ،حينها اتسعت احداقها بصدمه لتبتسم وجوههم في سرور إلا ان ملامحهم اجفلت ما إن صرخت بشده :الـمواعينن!!!!!!
سارت بخطوات راكضه نحو المطبخ الذي اصبح كارثه كونيه ..الصحون الملقاه في كل مكان ،وباقيا قشور الطماط والبصل ..ذيول الفلفل ،واشياء كثيره جعلتها تشعر بالغثيان ،اشتعلت في عينيها نار غاضبه لتنظر اليهم بصمت متوعد ،تصلبت ظهورهم وقد شعروا بعمق الخطأ الذي وقعوا به ..حينها تراجع سلمان الى الخلف اثناء تقدمها محاولاً تلطيف الجو :استهدي بالله ..الغايه تبرر الوسيله
ارتفع حاجبها لتضحك بقهر :دام ذا عذرك قسم بالله ما يفكك مني الا الموت ..
لتسير بغضب نحو سلمان الذي جنى على نفسه بالحديث حينها رفع كفيه باستسلام :طيب لا تعصبين انت وعيونك ذي الي كنها ثور هايج ..بدل ما تشكرينا على التعب ما بتخلين فينا عظم صاحي
كمشت عينيها لتنظر بطرفها الى الفطور المرتب على السفره ،فكرت قليلاً و كأنها تستعيد توازنها و حينها تنهدت بهدوء وقد وضعت كفيها على خاصرتها ، اشارت بعينها الى طبق الفول :مين سواه
جلس وضاح وقد ابتسم ويبدو بانها ستتخطى امر المطبخ :أنا
ارتفع حاجبها بأعجاب وقد همست بصوت مسموع  :شكله يشهي ..
ابتسم صالح بشده ليجلس بعجالة مُتناسي الجرح الذي يحرق جمبه مردفًا بلهفه :الشاهي قسم بالله ان يعجـ... (صرخ بشده واضعًا كفه مكان الجُرح وقد انحنى بألم )
تصلبت ملامحهم بضيق شديد عليه ،وضاح الذي كان يجلس بجانبه ساعده على الجلوس هامسًا بغضب :حلفت اجيب راسه بالطيب او بالغصب يا صالح و سكوتك عليه زادني عناد
شتت ملامحه متجاهلاً الموضوع ،حينها ابتسم لأشقائه الواقفين في ضيق :علامكم!..لا برد الشاهي معاد بيكون له طعم
جلست غزل بجانبه لتهمس:باقي يألمك ؟..انت قلت انك معاد تحس فيه
سحب الخُبز ليحشره في فمه جافً وبضيق وهو ياكله :ايه ما يألمني ..بس اذا شديت عليه وبعديـ..
اردف سلطان في غضب :كل بعدين تكلم يا مال العافيه
ابتسم ليسكت ،حينها سحبت ابريق الشاي حتى تسكبه مغيره الموضوع قائله:عساه تمام يا صالح
بلع اللقمه :افا عليتس ..
-
المدرسة ..
ارتفع حاجبه ليردف بسخريه :أحد عنده اعتراض؟؟
صمت يعوم حول المكان ،والغضب والاستنفار واضح في عيون الاربعه عن غيرهم من طلاب الفصل ،اردف زياد بدون صبر :يطلع من هِنا قبل لا تصير مذبحه انت سببها
حرك حُسام راسهُ وقد عقد يديه على صدره ليردف:حلو اعتراض ثاني ؟
يكاد الكُل يفقد عقله هُنا !..منذ دخوله الصباح عليهم و معه بشار الذي نقلهُ فجأة الى فصلهم !..فصلهم الذي يعرفون جيدًا بأنهُ الفاعل !!!..هل يُريد رؤية الدماء من جديد هُنا !؟؟؟
ضحك عمار ليقف :ما انت بصاحي !..لا والله ما انت بصاحي ..اقسم بالله لو يجلس بذا الفصل ان تشوف الدم للركب !!..طلعه من هنا
حرك راسهُ بهدوء ليسند ظهره على الجدار و بروقان أزعجهم بشده :حلو ،اعتراض ثاني عشان نقفل الموضوع ؟
صمت طاف اركان الفصل !..حينها احتدت عينيه :كل اعتراضاتكم ذي هي والجدار واحد..ادخل يا بشار
بشار المنزعج من وجوده هُنا ،اردف بمحاولة فاشله :ما ابي اجلس هِنا ..برجع فصلنا ،
صرخ بشده :قلت اجلس !!
شتم في ضيق ليسير وفي حضنه الشنطه الذي تكاسل عن حملها خلف ظهره لينظر الى حسام بحقد :وين اجلس
حينها ابتسم بشده :عزام غير مكانك واجلس ورى ،بشار اجلس مكان عزام .
اتسعت احداق الكُل بمن فيهم عزام الذي صُدم !..مكان جلوسه بجانب صالح !..بجانب صالح !!!!!!!!
"يالله بديت اصدق ان ذا المُدرس يبي يصقعنا ببعض !!!!"
فرقع رقبته ،ليصفق بيديه :اليوم باخذكم من اول حصه لاخر حصه ..او بالمختصر بدرسكم يا ذا الفصل كل المواد عدا الانقلش لذي الفتره ..طبعًا واضح ليه بتكبد ذا العنى ..عشان قليلين العقل المتكاثرين بذا الفصل ..(نظر الى مكان صالح الخالي ،فتره شبه طويله ليبتسم)..تذكرت
سحب من ملف اخضر بلاستيكي اوراق البحث الفلسفي الذي قد طلبها منهم :صححت الاوراق ،من خذا فيكم درجه اقل من ثلاثه يعيد البحث (التمعت عينه بخبث)..والي جاب صفر يكتب لي ثلاث ابحاث فلسفيه غير عن البحث الي بيعدله ،والي خذا خمسه بتجاوز عن الواجبات الي ما يحلها لاسبوع كامل .
وزع الاوراق ..وحينما وصل الى عزام ناوله ورقتان :عط صالح ورقته ،يحلها بالبيت و جبها معك بعد بكره
ارتفع حاجب عزام في ضيق و بعدم إعجاب:صالح تعبان ،ما له حيله يمسك القلم ..ارحمه شوي من اذاك
انحنى حسام نحوه :شكلك ما شفت درجتك ؟..
نظر عزام الى ورقته ..٣ من خمسه لم يُعلق ،حينها تحدث حسام:عيده و عط صالح الورقه بلا كثرة حكي ..
في ظل نظراتهم الحاقد و الغاضبه عليه قابلها بإبتسامه لاذعه تسخر منهم جميعًا ..غضبهم ذا يعرف كيف يروضه و أول خطوه نحو ترويضهم هو إحداث عاصفه من المشاعر المتضادة في هذا الفصل ،فصل ثاني ادبي ..أنا اعرف جيدًا كيف أُروضكم ..
-
"صالح"
-
ارتفع حاجب غزل الجالسه بينهما ومن ملامح صالح الغاضبه أدركت ان المُدرس بدأ بلعبة الاعصاب ،
عزام بعد أن ناول صالح الورقه :ويبيك تعيد البحث ..
صالح وملامحه مُحمره بضيق وغضب ،مالذي يُفكر به حُسام ذاك!..الواضح بأنه عرف بأمر بشار معي ،لذا وضع الزيت على النار بوضعنا معًا في فصل واحد !!..عض صالح شفته السفليه بتفكير .."ما هو كل شيء بيوقف بصالحك يا حسام ،انت حطيت الوزير برقعة الشطرنج حقتي ،بفصلي وبين جنودي !،لا تفكر إنك راح تقدر تسوي الي براسك ،انت فعلا صبيت الزيت على النار ،وانا بزيدها حطب !"
اعادهُ من شروده صوت غزل الحانق والغاضب وفي يدها الورقه :صفر!!!!...(ضحكت بشده ساخره )..اعطاك صفر بالبحث واه احس اني ودي اقطع احد من القهر !..
حرك عزام كتفيه بعدم معرفه :منجد ،بحثك الفلسفي افضل بحث بالفصل ،ما ادري لي عطاك صفر
ابتسمت بشده ساخره وهى تتفحص الخطوط الحمراء التي وضعها على معضم الجُمل ،ويبدو بأنه يحاول السخريه منها !،لم يغب عن عينيها الشيفره الموضوع اسفل الصفحه هو فعلا يريد العبث معي بكامل الرغبه و الأسف لي ..ولانها كتبت البحث بدم قلبها أثار حفيظتها درجته اللئيمه والمجحفة في حقها !..لتقف من عندهم بثورة غضبها وحنقها ..لتسير نحو الغرفه الى سلة المهملات بالذات ..لتسحب جميع الاوراق بكف غاضبه محاوله فك الشيفرة التي كتبها لها ..إذن حُسام هو ذا الرموش الكثيفه ،الطيب الشرير الوقح ،وضعت الاوراق على السرير لتجلس ،سحبت القلم لتفتح المُجلد محاوله فك اول شفره وقعت عينها عليها بمساعدة اوراقه التي رمتها سلفًا في سلة النفايات ،
إن كُنت تُريد حرب الفلاسفه فأنا ابنة محمود درويش
سأريك اللؤم الشديد الان !
__
صباح اليوم التالي..
المدرسه ..غرفة المعلمين
نظر إليه في ذهول اخفاه ببرود ملامحه ،بعدما ناوله بحث صالح الفلسفي ،نظر الى الورقه ليبتسم لعزام الواقف امامه :عطيته يومين وحله بيوم واحد دايم يثير فضولي (قصدها حرفيًا)
لم يهتم عزام ليبتعد عنه بعيدا ..وحينها اتسعت حدقة حسام في شده و ذهول ظهر على ملامحه ،اردف بجملة مختصره و حازمه:محمد لازم أقابلها !..
محمد ويشعر بالصداع وضع كفه على جبينه ليغمض عينيه :لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
___
انتهى 🦋♥️
تفاعل ؟..انزل فصل جديد بأقرب وقت ممكن 🙈🤍🤍
-

بوح تحت سقفِ القلم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن