الفصل الثاني عشر

4 0 0
                                    

(الفصل الثاني عشر )

لم أعرف قبل وعد أي شيء عن قصص الحب كنت كالورقة البيضاء في الدنيا طفلة لا تريد أن تكبر أبدا تعرفت من خلال وعد على حياة مختلفة عن حياتي حياة لم تخطر لنا أنا وأسيل على بال أبدا ولم أتصور أن هناك من في نفس سني ويعيشها وحين كنت أقص على أسيل كل هذا كانت تصدني دوما وتخبرني أنه لا ينبغي على أن أفكر في هذا الشيء الآن وتحذرني من عواقبه وأنني حتى لو حدث وتعلق قلبي بشخص ما فينبغي على أن أكتم ما أشعر به تجاهه حتى يجمعنا الله في حلاله أو يصرف قلبي عن عشقه فتكون الفرحة عظيمة لو اجتمعنا والضرر قليل لو حدث عكس ذلك مع الوقت صرت أخفي معظم حكاياتي عن أسيل حتى لا تضجرني بمثل هذا الحديث وصرت لا أعبأ إلا بما تقوله وعد أو تنصحني به وكنت بالفعل تلميذة مطيعة لها لأقصى  درجة إلا فيما تعلق بفادي كان الأمر حينها مختلفا وبشدة فقد نصحتني وعد أن أصرف نظري في البداية  عن قصته لكنني لم أستطع أبدا منذ رأيته و أنا مع وعد في محاضرة لنا في السنة الأولى من الجامعة يجلس في نفس صفي بالمدرج غمزتني وعد حينها لأراه وقع إعجابي به في قلبي من النظرة الأولى واكتشفت فيما بعد أنه يسكن في مكان ليس بالبعيد عن بيتي لكنني لم أنتبه له إلا وأنا في الجامعة  وكان هو أوسم شخص في دفعتي يمتلك حضورا عاليا وطريقة حديث جذابة تلتف الكثيرات من  فتيات دفعتي حوله كنت أرقبه بعيون حذرة كي لا يعرف أني مثلهن أتمنى لو لفت انتباهه لكني في نفس الوقت كنت أود في كل لحظة لو أدرك بأنني موجودة كان فارسا لأحلامي لعديد من سنوات الجامعة حتى جاءت فرصتي في مشروع تخرجي من الجامعة وصرنا فريق عمل واحد من هنا بدأت الدنيا تبتسم لي فقد كنت أذوب عشقا فيه ، تلك الشهور القليلة جدا وطدت علاقتنا ببعضنا البعض حتى اعترف لي بحبه وأنه كان يشعر بالاعجاب ناحيتي منذ فترة ليست بالقليلة لكنه كان ينتظر الوقت المناسب الذي يصارحني فيه  وقتها فقط عارضتني وعد وأخبرتني أنه غير مناسب لي فهى تشعر أنه شاب طائش يبدو أنه من النوع الذي يحب التسلية بالإناث ولا يعرف طريق الدخول من الأبواب أبدا لكني شعرت حينها أن الوضع مختلف وأن فادي يحبني بشكل حقيقي وأن نظرة وعد هذه المرة في غير محلها فلم آبه لها ونشأت وقتها بيننا قصة حب استمرت بعد الجامعة بسنتين حتى حينما سافر إلى الخارج وعدته أنني سأقوم بانتظاره حتى يعود وفَّى هو بوعده ولم أفِ أنا .

ربما أربكني قليلا ما حدث بيني وبين أسيل فقد صعبت الأمور جدا كان أكثر من أخت لي لكنها دوما كانت كالجرس الذي يرن ساعة الخطر في عقلي وهذا كان يضايقني كثيرا لكني في ذات الوقت لا أستغنى عنه وأشعر أن حياتي ناقصة بدونه لهذا ورغم كل ذلك التعقيد الذي تنتهجه أسيل حرصت على استمرار صداقتنا كل هذا الوقت لم أفرط فيها إلا حينما شعرت أن الأمر زاد وصار الجرس يرن بدون أسباب حقيقية مجرد أن تخالف وعد في الرأي فقط
في ذلك الوقت تذكرت ذلك الصندوق الذي جمعت به ذكرياتي مع فادي وخبأتها لكي لا تقع عيني عليها ثانية قمت مسرعة أبحث عنها في مكانها تقبع وسط ماض حاولت طيه بكل الأشكال في وقت كنت فيه سعيدة أخرجته من خزانتي ومسحت ذلك الغبار الذي تراكم عليه بفعل مرور السنين احتضنته بفرحة أم رأت صغيرها مرة أخرى في أحضانها بعد غياب سنين طويلة فتحته وبدأت في رؤية ذكرياتي به صورا كثيرة كانت تجمعنا ورسائل طويلة تأتيني منه بشكل مستمر ورود مجففة في كراستي أكتب عليها مناسبتها وتاريخها هدايا تلقيتها منه على مدار عدة أعوام كل هذا الأمر أشعل حنينا كامنا بقلبي ناحيته فوجدت نفسي أمسك هاتفي أبث له كل ما كنت اكتمه طوال عشر سنوات وما شجعني على ذلك إلا أنه فتح أبواب قلبي على مصرعيه حين أخبرني أن زواجه من يارا في طريقه إلى الانهيار فهو لا يشعر معها بأي حب ولكنه أكمل حياته رغم إرادته بسبب الأولاد وحاول كثيرا في إصلاح علاقتهم إلا أن كل محاولاته باءت بالفشل الذريع ووصل إلى قرار نهائي أنه ولا بد من إنهاء تلك العلاقة التي تستنزف روحه وقلبه دون أي داع رقص قلبي فرحا حينها شعرت أن الدنيا عادت من جديد تبتسم لي فأهديته الخبر الذي أخفيته عنه في بادئ الأمر وطمأنت قلبه بأنني لم أفرط في حبه ولا في نفسي وأنني ظللت طوال تلك الفترة أعيش مع أكرم تحت سقف واحد زوجة على الورق فقط ......(يتبع )
سديم
رواية
منى وهبه

سديم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن