الجزء العاشر: مفاجأة... ولكن...

370 32 2
                                    

بقي واقفًا عند الباب يشدّ على مقبضه وعلى روحه التي ارتجفت من صقيع المشهد، تتقاذفه مشاعر تختلط بين سحر المفاجأة وهول القادم تُخرس لسانه الذي لطالما جاد في البيان بحضرة ملكة القلب، ألم يتمنَّ لقاءها منذ لحظات؟ ألم تتحقّق أمنية حديثة العهد؟ فكيف يبقى ساكتًا مشدوهًا لا يجرؤ على الكلام لا يرحّب بأغلى الغوالي؟ خطوة أولى نحو الداخل أجفلت وقفة الحسناء ترفع يدًا مرتعشة تهتزّ بين أصابعها سطور الرسالة ووجهًا وشّحته قسوة الانفعال حبست دمعًا في زمرّد المقلتين، إشارة صارمة حازمة قطعت سبيل الاقتراب فتجمّد الرئيس مكانه راضخًا لقسوة الأمر. وبصوت تخنقه غصّات من ألم الخيبات سألت غير آبهة بالجواب، فملامحها الثائرة قد أطلقت مسبقًا حكم الإعدام:

-ماذا تفعل هذه الرسالة في غرفة سيادتك؟

ما قد خشيه عند رؤيتها أطلقه سهم سؤالها المصوَّب، من حقّها معرفة إجابته لكن ألا تبدو ردّة فعلها متسرّعة في الحكم؟ خطا خطوته الثانية يحاول كسر الحاجز الذي فرضته حدّة الاستجواب لكنّها صدّته بنبرة قاسية متراجعة إلى الوراء:

-كيف تخفيها عنّي؟

سهمٌ آخرُ أصابه بالمقتل فهبّ مدافعًا عن النفس:

-أنا لم أخفها عنك... أنتِ أخفيتِ الأمر عنّي... لماذا؟ لماذا لم تصارحيني بالحكاية؟ لماذا تركتِ الصدفة تمعن في تعذيبي؟

إنتفضت ترفع الرسالة تفجّر بركانًا من الغضب:

-أيّ حكاية وأيّ صدفة؟ أنا لم أطّلع على الرسالة إلّا الآن... لم أكن أعرف هويّة المرسل ولم أقرأها... لكن يبدو أنّ سيادتك تمعّنت بكلّ حروفها... أتعلم بما تتّهمني بهذا الكلام؟ لاااااا... لا سيادة الرئيس، لا أسمح لك بهذا الاتّهام... أنا لم أخفِ شيئًا عنك...

ردّ معترفًا:

-لم أستطع منع نفسي من قراءتها... لكن كيف لم تقرئيها؟ كان الظرف مفتوحًا عندما وصلني

-وصلك؟؟؟ متى وصلك؟

-وجده السائق في السيّارة مع مشبك شعرك وزجاجة عطرك... وقعت من حقيبتك حين أقلّك مساء من "بيت الجنّة"

-ألهذا اخترت لي النوع نفسه؟ وأنا كالحمقاء فرحت به... لمَ لم تخبرني بالأمر؟ لمَ كلّ هذا الكتمان؟ لمَ تصرّفت وكأنّ شيئًا لم يكن؟

بلع ريقه متنهّدًا ثم باح بشيء من الانزعاج:

-كنتُ آمل أن تصارحيني بها... الرسالة أشعلت فيّ الغيرة... وكيف لا أغار وبين يديّ رسالة غرام من شابّ إلى المرأة التي أعشقها؟

أكملت على الفور:

-والتي اعترفت لك هي أيضًا بحبّها...

هزّت رأسها نفيًا تواجهه بشعور أدمى قلبها:

-سيادتك شككت بي... شككت بشعوري... أعمتك الغيرة فجلدتني بظنونك...

-لااااااااا، لم أشكّ بك لحظة... لكن آلمني إخفاؤك الموضوع... كيف لي أن أعرف أنّك لم تقرئيها؟؟ أرجوك ضعي نفسك مكاني... قبل ساعات قليلة اعترفت لي أنّني الحبّ الأوّل في حياتك... وإذ بالرسالة تكشف عن وجود شخص آخر... أردت أن أعرف منك حقيقة الأمر...

سيادة الرئيس الموسم الأوّلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن