27- دعوة عشاء

10K 925 85
                                    

Enjoy ^^

__

"أراكِ غدا" هتفت روبي تلوح لي بعدما نزلت من سيارتها ولوحتُ لها بالمقابل مع إبتسامة متسعة أحمل في يدي علبة المايونيز وبعض المشتريات الأخرى. كانت قد أوصلتني للتو إلى منزلي بعدما حلّ المساء ولم تشأ أن أسير لوحدي. "أراكُ غدا روب" شغلت سيارتها تقود مبتعدة بعدما أرسلت لي قبلة في الهواء إلتقطتها واضعة إياها على خدي أهزّ كتفاي.

تنهدت أستدير وأسير ناحية الباب، على الأرجح أمي ستكون قد عادت من العمل بهذا الوقت. فتحتُ الباب أتقدم بهدوء للداخل وصحتُ:"لقد عدت"

"أوليفيا" ناداني صوت أمي القادم من المطبخ وإتجهت مباشرة إلى هناك، أملتُ جسدي ألقي نظرة خاطفة وإرتفع حاجبي بتعجب وعدم تصديق، أرى أمي مثل ربة بيت حقيقية ترتدي فستان أبيض على جسدها وتلف مريلة حول خصرها، كانت تطبخ ورائحة الطعام كانت منتشرة في الجوّ جعلت شهيتي تُفتح مباشرة. أمي تطبخ؟

"ماذا-" لم تدعني أنهي جملتي وإلتفتت تحدق بي، هزّت رأسها وتحدثت بنبرة أكثر هدوءا ورقة:"والدكِ هنا" إرتفعت شفتيها في إبتسامة صافية عند نهاية كلامها، تجعل عيناي تتوسعان بغير تصديق. أبي هنا؟

"هل إشتقتِ لأحدهم؟" إلتفتتُ مباشرة بجسدي أطالع هيئة والدي، كان يعقد ذراعيه على صدره العريض بينما يستند على إطار باب المطبخ، وإبتسامة واسعة للغاية ترتسم بحرفية على شفتيه. شهقة تسللت من بين شفاهي وإشتدّ إتساع عيناي، بطريقة لا إرادية سقط كيس المشتريات ثم حقيبتي من فوق كتفي يصطدمان بالأرض. فتح أبي ذراعيه وفي الثانية التالية كنتُ أركض ناحية بسرعة البرق أرتمي في أحضانه، دفنت وجهي في صدره وشدد هو من إحتضاني بذراعيه حولي.

"أبي" خرج صوتي خافتا متزعزعا، أكافح لمنع دموعي من الخروج. "أنا هنا عزيزتي" همس يمسح على كتفي بيد بينما الأخرى تربّت على شعري بلطف. "أنا هنا" كرّر. وذلك فقط جعلني أتشبث به أكثر فأكثر.

"لقد إشتقتُ إليكَ أبي، كثيرا" لم أعد أقوى على حبس دموعي وخرجت رغما عني تفيض من عيناي وتبلل قميص أبي الذي إستمر في إحتضاني والتربيت عليّ بحنان شديد، بدأ جسدي يهتزّ إثر شهقاتي وأبي يقبل فروة رأسي بلطف يهدئني من حين لآخر.

أبعدني قليلا عنه يضع يديه على كتفاي وينظر إلى وجهي بإبتسامة مشعة، عيناه ذاتا اللون البني الفاتح تطالعانني بحبّ حقيقي، ومدّ أصابعه ليمسح عيناي ينحني بجذعه قليلا لينظر إليّ. "أين هي الفتاة القوية التي لا تبكي؟ أنا لا أراها" صوته خرج محبا ونظراته سقطت عليّ، مسلطة على وجهي وتبعث بداخلي الدفئ.

"أنا لا أصدق فقط" بصوت خافت ومبحوح تكلمت أهزّ رأسي يمينا ويسارا ببطئ شديد، آبى إستوعاب ما أراه. كيف يعود أبي؟

عاد ليلفّ ذراعيه حول كتفاي يضمني إليه ونطق بصوت خفيض مملوء بالعاطفة:"أعلم أوليف، عزيزتي أنا هنا" طبع قبلة على فروة رأسي يجعلني فقط أغرق كثيرا وسط دموعي، أوليف...الإسم طالما ناداني به في صغري. "لا ترحل مرة أخرى أبي" دفنت وجهي في صدره مثل طفل صغير، لتوه أشرق عليه الصباح بعد ليلة مليئة بالكوابيس. "لن أفعل" صوته جاء ضعيفا هو الآخر، مملوء بالذنب كذلك.

عيب ومثالية حيث تعيش القصص. اكتشف الآن