34- على السطح

9.5K 806 92
                                    

خرجت من الحمام ألفّ منشفة حول جسدي بينما أجفف شعري بواحدة صغيرة أدندن لحن أغنية 'لا تقولي ليلة سعيدة' إستعدادا ليوم دراسي جديد، أسبوع جديد؛ إتجهت ناحية خزانتي أبحث بين ملابسي عندما طُرق الباب برفق قبل أن يفتح بعدها وتدخل أمي الغرفة مغلقة الباب وراءها بهدوء، نظراتها المغلفة بالبرود كانت تنذر بشيء غير جيد أبدا، "صباح الخير؟" جاءت نبرتي المتوترة متسائلة أراها تسير وتتجه للجلوس على الكرسي أمام مكتبي تضع ساقا فوق الأخرى وتعقد ذراعيها ترميني بنظرات حارقة جعلتني أبتلع ببطئ "أنا--أبدل ملابسي" قلتُ بخفوت أحاول الحصول على بعض الخصوصية، لكن لا يبدو أن أمي تأثرت بذلك، حركت ذقنها تلوي شفتيها قبل أن تردف بهدوء "والدك غادر البارحة" جلست على طرف السرير أحدق بها أنتظر منها إنهاء حديثها "سيعود بعد ثلاثة أيام" إستدارت تنظر إلى الكتب على سطح مكتبي وعاودت النظر إليّ "أين كنتِ ليلة أمس؟ لماذا عدتِ الخامسة صباحا؟" إبتلعت ببطئ وشعرت بالحرارة في أطرافي، لم أجد بد من الحديث بصدق، لذلك أخذت نفسا ونطقت بصوت جاهدت لأخرجه بشكل هادئ "ذهبتُ للتخييم مع أصدقائي"

"تقصدين حتى الشباب منهم" قالت ترفع حاجبا وإنخفض بصري للنظر إلى الأرض أشعر بالهواء البارد على كتفاي العاريين، "لماذا لم تأخذي إذني أولا؟" قالت بصرامة وهذا جعلني أعضّ شفتي بتوتر، "ٱنظري إليّ عندما أحدثك أوليفيا" اسمي خرج مرتفع من بين شفتيها تجعلني أرفع بصري مباشرة ناحيتها وتابعت هي بينما تقف "أنتِ معاقبة" إتسعت عيناي بعدم تصديق أراها تغمض عينيها وتتنهد بثقل "لا خروج ولا تسوق ولا تأخر في العودة إلى المنزل، أنا من سأوصلك وأرجعك من الثانوية" سارت بإتجاه الباب دون أن تضيق أية كلمة لكن قبل أن تضع يدها على المقبض إستوقفتها برجاء "لكن أمي أنا--"

"لا لكن أوليفيا، أنتِ فتاة جيدة وأريدك أن تبقي كذلك" كانت حازمة في كلامها لذا تنهدتُ بخفوت ولم أزد حرفا واحدا.

"بالمناسبة، من هو إيثان بلاك؟" سألتني قبل أن تخرج تجعلني أحدق بها بقلق وتشوش، رفعت حاجبها تنتظر إجابتي، "إنه صديق"

"يبدو أن صداقتك معه قوية من خلال ملاحظات الأستاذ كونر" ماذا؟ إنه الأستاذ كونر مجددا! "إهتمي بدراستك أكثر أوليفيا، أنتِ لا تريدين مني أن أغير لكِ الثانوية وأسجلك في أخرى، خاصة بعد هذه المدة" هززت رأسي مباشرة بنفي أحبس أنفاسي ورأيتها تومئ بهدوء "إذا فكري جيدا، أنا بإنتظارك بالأسفل كي أقلك إلى المدرسة" أنهت أمي جملتها ثم خرجت من غرفتي تغلق الباب وراءها بهدوء تجعلني أزفر بقلة حيلة، تبا! كل الأشياء تحصل تباعا.

إتجهت لآخذ ملابسي مرة أخرى وبدأت بتجهيز نفسي لأجل الثانوية.

__

توقفت سيارة أمي أمام مبنى الثانوية ودون أن أنتظر ثانية أخرى أخذتُ حقيبتي أمسك بالمقبض لأخرج "سأكون بإنتظارك بمجرد إنتهاء الدوام" قالت جملتها بهدوء شديد وأطلقت تنهيدة قصيرة غير مسموعة أهزّ رأسي دون أن ألتفت "حسنا" كان ذلك كل ما تفوهت قبل أن أترجل من السيارة؛ أمي ألقت عليّ نظرة سريعة تتفحص من مظهري من أعلى لأسفل، خلال ثانيتان فقط، كان ذلك قبل أن تقلع مبتعدة عن المكان؛ إلتفتّ أرى السيارة تبتعد عن مرمى بصري وتصغر شيئا فشيئا، لم أعلم مالذي دهاني حينها أو حتى فيما كنتُ أفكر، إلاّ أن شعوري في تلك اللحظة كان العُريّ! شعرت أني عارية، مجردة من كل شيء يخص العائلة وليس هناك شيء سيخفيني عن العالم، وحينها فقط تساءلت؛ لماذا؟ لماذا تسير الأمور وفق هذا النمط المقيت؟ أريد دفئ عائلة كالآخرين، قشعريرة سرت على عمودي الفقري عندما خالجني شعور الحسد فجأة للجميع، جايك ووالدته، روبي ووالديها، تامارا وراين؛ حتى إيثان والده سأل عنه وكان قلق، شقيقه كذلك يفعل...، هذا يؤلمني.

عيب ومثالية حيث تعيش القصص. اكتشف الآن