37- ابتعد

7.2K 760 190
                                    

الهي!

بدأت الأرض تدور من حولي، قلبي على وشك التوقف من سرعته التي تسابق البرق، ضرباته كانت تدق في أذناي وأشعر بها في أطرافي أرى أمي واقفة أمامي وعيناها تتوهجان من الشرر، كنت على وشك الإنفجار.

جايك عاد للوراء يقف ويحمحم، عينيه تطالعان أمي بنظرات مشوشة تارة وتارة أخرى يحدق بالأرض؛ ووقفتُ أنا الأخرى أعتدل في جلستي، وجهي كالفرن من شدة الحرارة.

"مالذي يحصل هنا بحق الجحيم؟" أمي إندفعت بغضب تطالع كلانا بسخط شديد، رفعت وجهي لتقابل عيناي، إبتلعت وبقلق وقفت محاولة تصحيح ما تفكر به "أرجوكِ أمي، الأمر ليس كما تظنين––" لم تدعني أكمل جملتي، دفعت بيدها جايك ليعود خطوة للوراء، اوه لا! ليس جايك، ليس جايك.

"مالذي كنتَ تفعله مع إبنتي؟ كيف إستطعت السيطرة عليها؟" كانت تتفجر حرفيا من شدة الغضب؛ جايك لم يتحدث، بلل شفتيه ينظر إلى الأرض، يحاول الحفاظ على هدوئه، ورفعت أمي صوتها أكثر تصكّ أسنانها "كان هذا واضحا منذ البداية، هذا ما تريده"

"أمي"هتفتُ أقترب منها، أمنعها من التفوه بالكلمات السامة الموجهة إليه، "أوليفيا، لا تتفوهي بحرف واحد، لأني حينها لا أعلم مالذي ستدفعيني لفعله" وجهت سبابتها لي بتهديد تجعلني أقف مكاني، متصلبة وأنظر إليها برعب.

"سيدتي، الأمر حقا ليس كما تظنين؛ أنا––" نبرة الذنب كانت واضحة في صوته، كان يعلم في صميم نفسه أنه أفسد الأمور، أنه سبّب مشكلة؛ ضميره يؤنبه، لكن أمي لم تسمح له بمواصلة كلامه "اسمع جيدا يا فتى، لقد تحملتكَ كثيرا في الآونة، لم أحبك منذ البداية لكن كون أوليفيا كانت مصرّة على رؤية الجانب الجيد فيك فقد اضطررت لتحملك عن مضض، الآن وقد أصبح كل شيء ظاهر––"

"مالذي يحصل هنا؟" دلف أبي فجأة إلى الغرفة وتحولت ملامحه مباشرة إلى الدهشة، حاجباه إرتفعا بعدم فهم "جايك؟" تمتم إسمه بإستغراب شديد وهذا جعل أمي تلتفت ناحيته "هذا الوغد هنا تسلل إلى غرفة إبنتنا وكانا في––" لكني لم أتحمل أن تقوم بإحراجي أمام أبي بهذه الطريقة، يكفي ما أشعر به من إحراج الآن بالفعل، هتفت مقاطعة إياها "أمي"

"ماذا؟" صوتها صاخب، يحمل خيبة أمل كبيرة وغضب عارم، يؤلمني بشدة ويجعلني أكره نفسي؛ ها قد بدأ الأمر وأود الإختفاء حالا، أود أن يتوقف الزمن. بصري إنتقل إلى جايك أراه يبلل شفاهه ويحدق بي بأسف شديد، كرهتُ كونه يشعر بذلك، الذنب ليس خاصته، نحن كنا––اه يا الهي!

"مالذي يجري دامي؟ أخبريني" نبرة أبي كانت هادئة يحاول تفهم الموقف لكن أمي كانت ساخطة، للغاية؛ تغلي بشدة كأن حمما بركانية تتفجر منها.

"آسف سيد مورفي، لكنه حقا سوء فهم وأرجوك دعني أشرح لكَ الأمر" تدخل جايك يحاول هو الآخر إمتصاص الغضب، لكن كيف سيقدر مع شخص مثل أمي؟ هي حدجته بنظرات قاتلة، بصرها يخترقه "مالذي ستشرحه؟ رأيتُ ما يحصل وعلمتُ معدنك الحقيقي حقا" نبرتها بدت ساخرة وإشتدت عظمة فكّه، جايك شعر بالإهانة وهذا واضح، إبتلع ببطئ يسيطر على ردود فعله، "أنتِ مخطئة سيدتي" كان هادئا وملامح أمي أصبحت أكثر قسوة، "أجل أمي، الأمر حقا ليس كما تظنين، دعيني أشرح ل––" إلتفاتتها والصفعة التي هوت بها على خدي جعلتني أخرس، أتراجع للوراء أضح يدي على خدي الذي يحرقني، عيناي اتسعت وتشكلت غصة في حلقي، عيناي حرقتاني بسبب الدموع التي تجمعت، أمي لم تضربني قط في حياتي كلها، والآن....؛ إنعقد حاجبيّ جايك واندفع ناحيتي "لماذا فعلتِ هذا؟ ليس ذنب أوليفيا" بدى منزعجا وغاضبا هو الآن "ٱخرج" تمتمت أمي ببرود وعينا جايك اتسعتا، أنا أيضا فعلت، جميعنا فعل.

عيب ومثالية حيث تعيش القصص. اكتشف الآن