الفصل الرابع عشر : أحجار

707 109 798
                                    

أرك شعب البداية والنهاية
الفصل الثاني من الأرك
عدد الكلمات : 8503 كلمة

ينظرُ جميعُ الموجودين برعبٍ إلى ذلكَ المخلوقِ الواقفِ على منصّةِ المسرح ، الجميعُ جامدون بلا حراك ، الرّجالُ والنّساءُ والأطفال ، الطبيبُ والحرّاس ، الطلّابُ والباحثون ، حتّى المستشارون يحدّقون فيه وقد تجمّدت اللقمةُ والشرابُ في إياديهم وأفواههم ، الجميعُ ينظرُ إلى هذا العملاقِ ولسانُ حالهم يقول ؛ " ما هذا الشيءُ الذي ظهرَ فجأةً من العدمٍ بحقِّ السّماء ؟! "

ينظرُ العملاقُ إليهم قليلاً بصمت ، ثمَّ يتحدّثُ بصوتٍ مخيفٍ بصعوبة : لا ..... تخافوا ..... لقد ..... جئتكم ..... بسلام ! .....

كلامُ العملاقِ هذا يقطعُ سلسلةَ الجمودِ والصّمتِ بين الناسِ فيبدأُ بعضهم بالصّراخِ وآخرون يهربون وتحلُّ فوضى في المكان وتتعالى الأحاديثُ والنظراتُ المذعورةُ بين الناس .

" ما هو هذا المخلوق ؟! "

" شيطان ! لقد أرسلوا إلينا شيطاناً ! "

" إنفذوا بجلدكم ! سوفَ تموتون إذا بقيتم في مكانكم ! "

ويسودُ الذّعرُ والجلبةُ بينَ الجميع حتّى بين المستشارين باستثناءِ أحدِهم وهي مارينا حيثُ تقفُ عن جلستِها وتبدأُ بالهمسِ بكلماتٍ تبدو وكأنّها شِعر ، ثمَّ تبدأُ بالاتّجاهِ نحو العملاق .

المستشار فيليب : مارينا ! إلى أينَ أنتِ ذاهبة ؟!

مارينا : " حتّى لو حاربكم العالمُ أجمع ، حتى لو ذُبحتم وقُتلتم وصُلبتم ونُكِّلَ بكم ، حتّى لو خانكم الجميعُ وظلمكم الكون كلّه ؛ سأجدكم ! "

المستشار رودريك : مارينا ! لا تقومي بفعلِ أيِّ شيءٍ غبي فقد يلتهمكِ هذا الشّيء !

تقفُ مارينا أمامَ العملاقِ أسفلَ المسرحِ وترفعُ صوتَها وهي تتلفّظُ ذلكَ الشِّعر : " أنا لستُ إلهاً ولا شيطاناً ، أنا أمُّكم وابنتكُم ، أنا مخلّصتكم وأنتم خلاصي ، إنّي كلُّكم فثقوا بي وآمنوا بي ".

ينظرُ الجميعُ إلى مارينا باستغرابٍ من تصرُّفِها وانبهارٍ بسببٍ شجاعتِها الكبيرة لوقوفِها بجانبِ العملاق .

تبقى مارينا صامتةً قليلاً ثم تبدأُ بالحديث : ألا ترون جميعاً ؟! لقد جاءَ خلاصُنا أخيراً ! إنَّ هذه الفتاة هي إحدى الإلديانِ القدامى وهي قادرةٌ على التحوّلِ لعملاقٍ مثلهم وقد جاءت لتخليصِنا من معاناتِنا الأزليّة !

رودريك : وكيفَ نعرفُ أنّه لم يأتِ هذا الشيءُ إلى هنا لالتهامِنا فقط ؟!

مارينا : ألا تعرفُ الأمر ؟ لقد جاءت هذه الفتاةُ بسببِ نبوءة !

رودريك : نبوءة ؟

مارينا : أجل ، ولقد كنتُ دائماً انتظرُ تحقُّقَ هذه النبوءة ! وأنا محظوظةٌ جدّاً كونَها قد تحقَّقَت في فترةِ حياتي ! إسمعوني جميعاً ؛ ثقوا بهذه الفتاة فهي أملُنا الوحيد لإنقاذِنا من هذا الجحيم !

العملاق المهاجم : فجر إمبر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن