الفصل التاسع عشر "عناق"

3.3K 187 40
                                    

لا تذْكُري الأمْسَ إنّي عِشتُ أُخفِيه إنْ يَغفر القَلبُ جُرحي من يُدَاوِيه؟

كانت تقف أمامه لتمنعه من الخروج، تنظر إليه بعينان تجمع بهم الدمع حتي نطقت بما يزيح تعب روحها:
بس أنا عايزة أتكلم دلوقتي يا سليم.

زفر بضيق ثم تحدث بضجر و هو ينظر في إتجاه آخر:
عايزة إيه يا داليدا؟

أردفت و هي مازالت تنظر إلي عيناه بصوت مرتجف و أذن تخشي الإجابة:
-مين نور يا سليم؟.. إنت كنت متجوز قبل كده؟.

لم يكن مجرد سؤال بل كان كدلو ماء بارد سكبته عليه و لكنه أجاد التحدث ببرود اصطنعه بمهارة:
أنا مش هسألك عرفتي نور منين ولا هسألك يهمك في إيه تعرفي إجابة السؤال بس هقولك حاجة واحده و ياريت تفهميها كويس..
أنا من يوم ما قابلتك مسألتكيش في أي حاجة تخصك و ده بظبط إلي عايزة منك يا داليدا..
الفترة إلي بينا قربت تخلص و لحد ما ده يحصل بلاش تشغلي بالك بأي حاجة تخصني.

وضع يده علي مؤخرة رأسه و قال آخر ما يريد:
و أظن ده أريح لينا إحنا الأتنين.

تحرر الدَمع من عيناها و هي تردف بحزن:
يمكن عندك حق .. بس ليه عينيك بتكدبك؟

-أنا تعبان يا داليدا.. تعبان عشان مبقتش عارف عايز إيه و عشان حاسس إني بجرحك..

تنفس بثقل ثم نظر إليها:
أنا مش عايز أجرحك يا داليدا.

أخذت يداه بين يديها و أردفت من بين دموعها:
أنا من أول مرة شوفتك فيها و أنا شايفه في عيونك حزن كبير يا سليم.. بس أنا مش عارفة أخفف عنك.. إنت مش راضي حتي تديني الفرصة دي..

رفعت عيناها إليه لتقابل عيناه و هي تردف:
بس أنا حابة أكون جمبك يا سليم.

في تلك الحظة بتحديد كان يريد أن يحكي لها ما انهك روحه و لكن لم يساعدة فمه على الحديث، لذا أكتفي بنظرة حملت ما به من توهه و تعب ثم سحب يده من بين يداها و غادر الغرفة بصمت، صمت قتلهم معًا.

"أريد أن أجد بعدك من أضع في يديه الرقيقتين هذه الجروح الدامية النابضة التي أسمّيها قلبي، أريد أن أجد ملجئي المؤَمَن حين تطاردني أفكاري، أريدك بجواري فـ أنا في أمس الحاجة ليداكِ و لكنكِ لست هنا!. "

_أنا مش عارف أعمل إيه يا نور، إنتِ إلي بتوجهيني و تنصحيني دائما دلوقتي إنتِ مش هنا، أنا تايه أوي و مش عارف أنا بهبب إيه..
أوعي تكوني زعلانة مني بس مش بإيدي يا نور.. والله يا حبيبتي يا بإيدي.. دليني يا نور.. أعمل إيه؟.
قال آخر كلماته و هو يعيد تلك الصورة الفوتوغرافية إلي صندوق السيارة من جديد بعدما قبلها بلطف،
نزل من سيارته امام المكان الذي أخبر "حمزة" أن يأتي إليه؛
جلس بهدوء بجواره ليستدير له "حمزة" علي الفور و هو يتحدث بمزاح:
طب أرمي سلام ربنا حتي.. أنا مرات أبوك ياض ولا إيه؟

للقدر رأي آخر.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن