الفصل الثالث و الثلاثون"بداية جديدة"

3.1K 163 30
                                    

‏كيفَ تغيبُ مِنَّا الأشيَاء
‏التي آمنَّا
‏بأنهَا سَتظل للأبد؟

وقفت أمام منزلها و هي فأقصى حالات إنهيارها، تجر قدامها التي تأبى التقدم كما لو إنها تسير نحو الجحيم، طرقت بابها بيد مرتجفة، فور وقوع نظرها عليها أردات أن تركض بعيد، كطفلة غاضبة من والدتها التي لم تسمح لها بالعب تحت الأمطار، ياليت الحاحها على الهروب الآن كان لأنها لم تتركها تلهو فقط!

-كاميليا!
قالتها "زينب" والدتها و هي ترفع يداها و تلمس وجهها بشوق، أبتعدت عنها بعنف لتصيح في وجهها و دموع عيناها تسيل:
متقربيش مني.

أستدارت على الفور لتغادر و لكن وقفت أمامها "زينب" مانعه إيها و هي تردف بخوف يبدو حقيقي و لكن لمن تقف أمامها الآن لا يمثل له سوى إجادة في التمثيل:
هتمشي فين بحالتك دي.. مالك يا كاميليا مين مزعلك؟

-إنتِ.. إنتِ مزعلاني من الدنيا كلها..

أنهمرت دموعها كالشلال الذي لا يتوقف و هي تردف بإنكسار لأول مرة تظهره:
ليه سيبتيني؟.. طيب هو أنا موحشتكيش طول الفترة دي يا ماما؟

هزت رأسها بالنفي و هي تجيبها:
أنا آسفه.. بس أنا جيتلك.. جيتلك و كنت عايزة أشوفك و إنتِ إلي رفضتِ.

إبتسمت ساخرة:
بعد عشرين سنه؟.. رجعالي بعد عشرين سنه؟
كان المفروض اترمي في حضنك و أنسى إنك سبتيني بنت تلات سنين عشان تتجوزي إلي بتحبيه؟

تابعت و هي تنظر داخل عيناها:
تتجوزي و تهاجري و تخلفي و ترجعي و ياريت إنك كنتِ رجعالي ولا ضميرك أنبك ولا حتى وحشتك.. ده إنتِ كنتِ راجعه عشان تستغليني و أديكِ الفلوس إلي جوزك مديون بيها.. كنتِ عايزة تضغطي بيا على جدو و بابا عشان تخلصي ديون جوزك؟

-محصلش.. أكيد وصلولك كده عشان تكرهيني والله..

قطعتها بحدة:
إلي بتتهميهم دلوقتي هما إلي خبوا عليا عشان صورتك متدمرش أكتر ما هي متدمرة.. بس أنا إلي عرفت.. عرفت لما شوفتك قدامي بعد العمر ده كله.. أصلي واحده ذيك أكيد مش هترجع عشان سواد عيوني.

كادت أن تتفوه و لكن لم تعطِ لها المجال لتردف بألم:
صدقيني وقت طويل أوي فات على أي حاجه ممكن تقوليها.. بس أنا عمري ما هسامحك لأني مكنتش أتمنى أبقى إنسانه وحشه بشكل ده.

غادرت و هي تركض نحو سيارتها، لا شئ يستطيع هدم الإنسان سوى عائلته، سواء رفض أمها أو دلال أبيها و جدها المُفرط، كلاهما السبب في خلق شخصية مضطربه مثلها،
فحقا يجب أن كل ما يقدم للأبناء يكن بمقدر  و بمقدر محسوس.

وقفت أمام الباب الوحيد التي تعلم و بكل تأكيد إنه لن يرفضها مهما حدث.

-حازم.. أنا أسفه هبقى أعدي عليك في وقت تاني.
قالتها فور رؤيته و بجانبه "دينا" خطيبته، أوقفها بحزم:
أستني يا كاميليا.. دي دينا كانت جايه تشوف إيه إلي يتغير في الشقه و خلاص كانت هتروح.

للقدر رأي آخر.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن