Part : 6

836 108 23
                                    


-----

أَلِفتُ أن أعاشِر نوباتْ الوجَع و أخبئُهَا في دهاليزْ صدرْي لهذَا لا يغرّهم قناعُ صمتِي المتَواصلْ .
سايرتُ ديمومَة أيامِي حتَى تشبتتُ بسورِ نصفِ عقدِي  الثانِي في صرْحِ هذهِ الحيَاة ، عملتُ فيه جاهدًا  على أن أحضنَ حزنَ الأرضِ و أنقِّي أشواكَ الألمِ منِّي و أرمِي بهَا في أقاصِي كهوفِي السريَّة دون منْ أن يمدَ لي أحدهمْ سندًا معنويَّا .

جرعتُ من الدْهر عقاقيرَ سقمٍ مختلفَة ، و بتّ أطالبُ إستعادَة تلكَ الايامَ حيتُ كنتُ طفْلا بدَأ بقلبٍ بريئٍ يرسمُ حلمَه و ينقشُ زخاريفَ الأمَل بيدْه ، بدَل أن يكابرَ حياة دهشرَها وغلُ الاسَى ، تكابرَت و كبرتُ
على ضفافِها حتَى أصبحَ وجعِي عصيَّ الفهمُ .وقلبِي الذي كلمَا فتحت صفحَة  من صفحَاته وجدْتُها أسوءَ من التِي  قبلِها

أمَا الآن ، فكُلَّما لح عليَّ الزمنُ بالإمتثَال أعصيهْ ، و كلمَا سَخرَ منِّي الوجعْ بادرتُ في تأنيسِ سخرِه ، و كلمَا تشبتَ الشجنُ بتلابيبِي ، أنفضُ بهِ ، تلفظَت حياتِي الخشونَة  ، و تلائمتْ شخصيتِي على الحدَّة ، حتَّى أصبحتُ ما أنَا عليهِ الآنْ ،ماعادتَ تشقينِي قوارعِ الدهرْ و ما عادتْ تغرينِي مباسِم الأيامٍ.

من نواةِ الألمِ فُلقتُ مجددًا كالوغَى ،و لم أكن لأخلقَ على تلكَ الشاكِلة ، لكنْ إنشطرْت على يد  الزمنِ ببطءٍ ليزحفَ مني جزءُ الطيبَة بعيدًا ، ما عترثِ على أطلالهِ ولا بحتثُ عنهُ حتَى ، فلا أحدَ يستحقُ أن يعاشرَ ذلك الجزءَ مني .

عقبٌ ثانٍ أنهيتُه و هممتُ بـ دسِّ حافَته المحروقَة
في مطفَأة السجائر ، بطَبعي مولهٌ بحرقِ السجائرِ علنِّي أستطيع حرقَ ما بجعبتِي من همٍّ و غمْ ، كنتُ أتنغمُ بهفواتٓ السكِينة في مكتبِي بعد أنْ
خاصمنِي الجُهد و الجِدُّ في مراجعَة بعضِ الملفاتْ التي تطلبَ منِّي التحققُ بخصوصِها .

إلا أن حرمَة خلوتِي إنتهكتْ بدخولِ أحدهم ، و فورَ
معاينتِي لطيفِ الدخيل الذِي عتبَ فجوَة البابْ
إتضحَ أنَّها مينَا ، صرفتُ نظرِي للملفْ ثنائهَا أتدَاعى
الانشِغال ، علَّها تمتطي عودتَها حيثُ أتت فلا مجَال
أو رغبَة لي في الدخُول بعركَة جديدَة معهَا .

عتابُها عن إهمَالي أصبحَ يثيرُ ضجرِي ، و أنا رجُل
في كنفِه بصيصُ صبر ، وفورَ أن ينجلِي هذَا
الصبرْ قد ينقلبُ الوضعُ إلى ما لا يحمدُ عقباهْ .

تريثتْ بخطاهَا صوبِي ،و أنا لازلتُ أطول نظرِي على سطُور الملفْ ، شعرتُ بالكرسِي ينزاحُ خلافًا بالمهلِ
بعدَ سحبِها لَه ، و تحتَ مناخَ الإستغرابْ الذِي لطمَ محيَاي بعدَ فعلتِها ، لازمتِ الصمت و أتمتِ
تعقفُ العودَ و تستغلُ خواءَ حجرِي مكانًا لجلسَتها .

𝐓𝐡𝐞 𝐋𝐢𝐤𝐞𝐧𝐞𝐬𝐬حيث تعيش القصص. اكتشف الآن