الفصل 21

9 24 25
                                    

       _حتـى وإن كانتـا مـن المسـتوى العاشـر فسـتبقيان مجـرد خيـال أسـاطير، ... أنـا حقيقـي أيهـا المعلـم، ... أنـا الأقـوى.
_حسنا إذا، سيرافقك «السندباد» لمقر الجرايات الثلاثـة واللائـي سـيخبرنك بمقـر الأختيـن «سـثينو» و«يوريـال» وفـي الطريق إلى هناك سيخبرك «السندباد» بكل التفاصيل ربحا للوقت .
_نعم يا معلم، اعتمد علي سأكون عند حسن ظنكم.
_هذا أملنا ورجائنا فيك يا «سامي»

     يخـرج الفتـى مـن الكهـف بعـد أن أخـذ السـيف الأسـطوري والـرداء السّـحري مـن فـوق الطاولـة الكبيـرة، وفـي الخـارج يجـد «السـندباد» فـي انتظـاره رفقـة الأفتـار ..

« هيـا بنـا إلـى مقـر الجرايـات الثلاثة أيها «السـندباد» » يجيبه « حبا وكرامة يا «سـامي»، اصعد»

   يرتفـع البسـاط قبـل أن ينطلـق بقـوة قاطعـا عبـاب السـحاب، والفتى يفكر بهذه المهمة ويحاول إسترجاع كل ما آعتقد أنه يعرفه حول قصة «بيريسيوس» و «ميدوسـا» وكيف قضى عليها، فيسأله «السـندباد» بقوله « ألا تريد أن تسألني حول أي شيء يخص الجرايات الثلاثة ؟ فنحن على مشارف مكان إقامتهن » .

   ينتبه الفتى أنه أضاع وقتا طويلا في التفكير ، ليبادر قائلا  « بلى، أخبرنـي عـن أخْتَـيْ «ميدوسـا» يـا صديقـي، مـن هُمـا وماهـي قصتهمـا »
 
  يجيبه « فـي الحقيقـة يـا «سـامي» فـإن أخْتَـيْ «ميدوسـا» أكثـر رعبـا وشـرا وبشـاعة مما تتصور، لأن «ميدوسـا» على الأقل حافظت على ملامح وجههـا الجميـل، أمـا هاتـان الشـريرتان فـلا يمكـن تصـور بشـاعتهما وشـرهما، ... وفـوق هـذا جلدهـما منيـع مـن الاختـراق ومخالبهـما مـن نحـاس وقـد أقسـمت كلتاهمـا أن لا تنـام أو ترتـاح حتـى الانتقـام لمـوت أختهمـا، ... والآن جهـز نفسـك فقـد اقتربنـا مـن جبـل الجرايـات الثلاثـة وتذكـر أنهـن بشـعات للغايـة ، ولديهـن عيـن واحـدة يتشـاركنها للرؤيـة ، وهـذه نقطـة ضعفهـن الوحيـدة، ..  إذا حصلـت علـى تلـك العيـن البغيضـة سـتحصل منهـن مقابلهـا علـى مـا تريـد مـن معلومـات حـول من تريد، ... وتذكر أنه لا أحد يعلم بمكان إقامة الأختين إلا الجرايات البشـعات ...   
                                  
  يحـط البسـاط عنـد سـفح جبـل عظيـم يغطي الضباب قمته،  ينـزل «السـندباد» ثـم يشير بيده للفتى قائلا « والآن عليك تسلق هذا الجبل الكبير وستجد الكهف في آخر هذا الممر، وكن حذرا وأنت تتسلق، فالضباب كثيف فـي الأعلـى والرؤيـة شـبه منعدمـة »

    ينـزل الفتـى بـدوره عـن البسـاط وينظـر إلـى حيـث أشـار «السـندباد»  ثـم يجيبـه قائـلا « حسـنا يـا صديقـي، شـكرا لـك ولا تنسـى أن تنتظرنـي هنـا رفقـة أفتـار أبـي، وأنـا سـأتكفل بالباقـي، اعتمـدا علـي فـي ذلـك »
 
      يتسـلق «سـامي» الجبـل صعـودا بهمـة كبيـرة حتـى يصـل إلـى الكهـف السّـري، ... يرتـدي غطـاء رأسـه فيختفـي تمامـا ويتسـلل ببـطء لمقر الجرايات الثلاثة، فيجدهن ملتفات حول نار مشتعلة عليها قدر كبيرة بداخلها شـيء يُطبخ يُحضرنه للعشـاء، ولا يجد بُدًّا من تطبيق خطـة سَـلَفه «بيريسـيوس» فـي الاختبـاء والانتظـار حتـى يتبادلـن تلـك العين الواحدة التي يستعملنها في الإبصار، قبل أن يتذكر أنه يرتدي الرداء السّحري وأنه مخفي عنهن تماما، فيقف أمامهن مباشرة بكل هـدوء وبعـد مـدة ليسـت بطويلـة و أثنـاء تبادلهـن لتلـك العيـن يقـوم بخطفهـا منهـن بـكل خفـة .
_حسـنا أيتهـا الجرايـات القبيحـات، والآن اسـمعنني جيـدا، إمـا أن تخبرننـي بمـا أريـد أو أقـوم بطبـخ هـذه العيـن البشـعة فـي تلـك القـدر السـاخنة، فمـا قولكـن ؟
        _من أنت ؟ وماذا تريد أيها الفتى الغريب ؟
_لا يهمكن من أكون، ... بل ما أريد ...
       _وماذا تريد أيها الغريب ؟
_أريـد معرفـة مـكان إقامـة أُخْتَـي «ميدوسـا»، وكيفيـة القضـاء عليهمـا أو علـى إحداهمـا علـى الأقـل .
      _لا يمكنك ذلك، ... فقد تعلمتا أن لا تنخدعا بالدرع العاكس ... لن تقعا في نفس غلطة أختهما .
      _وأين أحصل على درع مشابهة ؟
_لا توجد إلا تلك الدرع، وبالمناسبة هي لا تزال في مكانها داخل مدينة الحجارة .
      _ومـن أيـن أحصـل علـى حقيبـة لإِخفـاء رأس إحداهمـا بمجـرد قطعـه ؟
_لدينـا قربـة مـاء مصنوعـة مـن جلـد الخنزيـر البـرّي الـذي قضـى عليه «هرقل» سابقا، وهي تصلح تماما لحمل رأس إحداهما، خذها فلا حاجة لنا بها .
      _وأيـن تقـع مدينـة الحجـارة والتماثيـل ؟ وهـل مـن أفخـاخ داخلهـا ؟
_خلـف الجبـل الأول فـي مـا وراء حافـة العالـم حيـث الشـمس والقمـر لا يصـلان، ... هـي مدينـة كبيـرة متراميـة الأطـراف لهـا مدخـلان فقـط البوابـة الشـمالية والبوابـة الجنوبيـة، والـدرع العاكـس موجـود هنـاك ومرمـي عنـد مدخـل القصـر الملكـي، وإذا اختفـى أو تحـرك مـن مكانـه فسـتعلم الأختـان فـورا أن هنـاك مـن يحـاول القضـاء عليهمـا فأحـذر، ... وأيضـا فقـد تعلمتـا أن مـن سـيقضي عليهمـا سيسـتعمل زاويـة معينـة للاختبـاء وتحديـد مكانهمـا باسـتعمال تلـك الـدرع، أي أنهمـا إذا شـاهدتا الـدرع فـي مـكان أخـر غيـر مكانـه فإنهمـا سـتحددان مـكان اختبائـك بدقـة ولـن ينفعـك بعدهـا أي سـلاح .
_إذا كان الأمر كما تصفن فقد قضيت عليهما.
_كيف ستفعل ذلك ؟
_لا يهمكـن كيـف سـأفعل ذلـك، ستسـمعن لاحقـا،  خُـذنَ عينكـن اللعينـة، وبالمناسـبة أنتـن بشـعات جـدا ورائحتكـن كريهـة.

بداية الملحمةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن