الفصل السادس

234 10 0
                                    

الفصل السادس

هناك في قلب الصحراء كان علي يدرب مجموعة من الشبان المبتدئين ،تحت لهيب الشمس الحارق كان يصرخ بهم، كان صوته يعلو ويرتفع ، وهو بين اللحظة واللحظة يمسح العرق المتصبب على جبينه ،الغضب لم يكن سببه الشبان المساكين لكنهم كانوا من يتحمل تبعاته ،من طلوع الشمس الى غروبها وهم تحت لهيبها يركضون ويتمرغون في الرمال ،كان تعذيبا وقهرا لهم اكثر من تدريب ،كان بطريقة ما يعاقبهم لانهم كانوا عقابه ،في الليل كان ياكل ما وجد في طبقه من طعام يشك في مدى صلاحيته للاستهلاك البشري ،كانت اللحظات الوحيدة التى يتمتع بها هي لحظات قراءته لمقالات بثينة ،كلما تمعن اكثر في تلك المقالات كان يقينه يزداد ان وراءها رجل ذو نفود كبير ،تساءل اكثر من مرة ،من هو لماذا حمته بتلك الطريقة ،لماذا ضحت بحياتها ومستقبلها من اجله ،انها تحبه هذه هي النتيجة المرة التى كان يتوصل اليها كلما ابحر عقله في اتجاه الرجل المجهول ،وكان كرهه له يزداد يوما بعد يوم ،لقد وضعها في الواجهة كانت درعا بشريا له ،لكنه فهم انها لم تعارض بل وتحملت عنه كل التبعات ،تساءل وهو يخرج صورتها من الحقيبة عن شكل علاقتها به،شعر بعظيم شوقه لها ،انه يريد رؤيتها اكثر من اي امر اخر ،عندما اعاد المقال الى الحقيبة ادرك انه المقال الاخير ،لقد انهى كل المقالات كان اعجابه بها يزداد ،كانت كلماتها تنطبع في عقله ،كان اسلوبها مؤثرا ومقنعا ،ووجد نفسه يتساءل "كيف لم يفكر يوما بهذه الامور ،كيف قام باذية فتاة فقط لانها كانت تظهر الحقيقة ،هل وظيفته تخول له حماية الفساد ؟"،اعاد الصورة وهو يفكر كيف يمضي بقية الايام هنا ،ما كان يصبره كانت مقالات بثينة ،والان لقد انهاها ،اغلق حقيبته واستلقى في سريره ،واستسلم لنوم عميق ،يومه التالي كان اسوء ايامه كان مزاجه عكرا ،كان ينفجر في كل من حوله ،اخيرا وفي منتصف الليل اتخذ قراره ،فليذهب المجندون للجحيم،لقد اتخد قراره اخيرا ......

في منزلها كانت بثينة تنتظر لحظة انجابها بفارغ الصبر ،تثاقلت ايامها كما ثقل وزنها ،لم تكن في مزاج جيد ،لم تتلقى خبرا عن خالها ،يوما بعد يوم كان املها يخبو ،مع ان احمد كان يحاول جهده جعلها تبتسم ،لكنها لم تفعل كانت شديدة الحزن والالم كان ما يبقيها في شقة احمد فقط هو حملها ،يوما عن يوم كان حقدها على الضابط يزداد ،رغبتها في الانتقام كانت تغذيها بالامها ،فقط الانتقام هو ما كان يبقيها متمسكة بالحياة ،غافلة عن تلك الحياة الصغيرة التى تغذيها هي بدمائها والتى تنمو باحشائها ......

عندما وصل علي الى مدينته قصد مباشرة مكتب معاد الذي كان مكتبه في يوم ما ،رفض سكرتيره السماح له بالدخول ،الا ان علي اصر في الاخير استسلم له ،دخل علي الى مكتب معاد وجده جالسا على كرسيه،يراجع اوراقا ،رفع راسه عندما دخل علي ،قال متفاجئا "الا يفترض بك الان ان تكون في الصحراء ؟" تقدم علي وجلس على الكرسي وقال "حسن انتظرت التحاقك بي لكنك لم تفعل لذا جئت اليك "ابتسم معاد بمكر وقال "الا يعني هذا لك شيءا "سال "ماذا؟"رد معاد "عدم التحاقي بك الم تخمن السبب ؟"فكر علي وقال باضطراب "هل افهم انك ...." رد معاد "اجل لقد اتممت القضية" وقف علي متفاجئاوقال "هل قتلت الصحفية "كان العالم حوله ينهار ،كان يرتجف وهو ينتظر ما سيقوله معاد ،قال معاد "لا لقد قمت بما هو افضل "نفذ صبر علي وقال "تكلم هيا اسرع "قال معاد وهو يقف "لقد تمكنت من ممول الصحفية ذلك الذي كان يجلب لها المعلومات لم يعد للصحفية اي دور الان نفذ مصدرها " زادت حيرة علي وزاد غضبه من معاد الذي كان بتلاعب باعصابه ونجح في ذلك بدون اي صعوبة ،تابع معاد "تبين ان مصدر معلوماتها هو نضال انه عميل من الدرجة الاولى لمنظمة اجنبية"رد علي "نضال هل هذا هو اسمه ؟ماهي علاقته بالصحفية ؟"رد معاد وقد بدا يضجر من اسئلة علي "انه خالها " صدم علي من هذه المعلومات ،وفكر اذن لقد كانت تحمي خالها ،ساله وهو يرمي بكرامته عرض الحائط "والصحفية هل عثرت عليها ؟"رد معاد "لا لقد تبخرت ،عبثا بحثت عنها ...."ساله "وكيف "تمكنت من العميل ؟"كان علي يعلم ان معاد متواضع الذكاء لذا لابد ان الظروف من ساعدته ،رد معاد "لقد كان يبحث عنك ،عندها نصبنا له فخا ،ولم نجد صعوبات في فك شفرة لسانه واعترف بكل شيء ،وانتهى برصاصة في الراس "فكر علي وهو يترك معاد دون كلمة وداع ،لقد ضحى نضال بنفسه ليحمي ابنة اخته ،كان يريدني ولما فشل حماها بالطريقة الوحيدة التى وجدها ،تصفيته تعني نهاية عملية للصحفية بثينة ،ما يعني توقف البحث عنها وانهاء العملية ،اخذ نفسا عميقا ذلك الغبي معاد لن يدرك ذلك،لكني سابدا من حيث انتهى هو وساجد الصحفية ،لم يخبر علي اهله بعودته ،وقصد شقته الصغيرة التى لا يعلمها عنها احد غيره،لم يكن له وقت لعائلته او لاحد اخر عليه ان يجدها هكذا كان يفكر وهو يدخل شقته ،لكن من اين يجب ان يبدا البحث ،الامر لم يكن سهلا فهي لاتزال ذات الصحفية التى ضربته وتمكنت من الافلات ،لاتزال ذات المراة التى هزمته ............

رواية قلب واحد لكاتبة مريم نجمةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن