الفصل الرابع
في مكانه في القطار كان علي ينظر من النافذة ،لم يكن يتابع المناظر خلف النافذة كان ذهنه مشغولا بامر اخر ، كان يفكر فقط اين هي الصحفية ،رغم كل محاولاته لم يستطع محو تلك النظرات القوية التى كانت توجهها له بعناد تحملت كل تعذيبه ،كل ضرباته ولم يستطع فك عقدة لسانها لقد هزمته ،تذكر لحظات اغتصابها ،رفضت وصارعت ثم اغمي عليها ،لم يمنعه اغماؤها من المواصلة ،كل شيء كان يناديه للمتابعة ،كان يعلم ان اغتصابها لم يكن لقصد تعذيبها بقدر ما كان ارضاءا لنزوته ،عدم اعترافه بفشله كان الذريعة الاكبر ،لا يزال يتذكر كل شيء عنها ،صورتها كانت مطبوعة في عقله ،رفض الاعتراف انه احب الامر ،اراد رؤيتها رغم ان عمله في المهمة قد انتهى ،لذا فور سماع خبر وفاة والدها قرر تاجيل سفره ،كان متاكدا انها ستذهب للدفن ،وكان ليعرفها حتى وان تنكرت ،لذا لم يسافر بالطائرة ،وقصد المقبرة،تذكر ركنه للسيارة غير بعيد عن مكان دفن والد الصحفية ،دقق في جميع الحضور ولم يستطع رؤيتها ،راى بدلا منها قريبه احمد ،كانت بثينة تعمل في نفس الجريدة التى يعمل فيها احمد ،ركز نظره على قريبه قليلا ،لاحظ انه كان الاكثر حزنا بين الجميع ،كان يكبح دموعه بصعوبة ،انتظر علي حتى غادر الجميع ،كان املا ان تاتي بطريقة ما ،لكنها لم تاتي ،غادر المقبرة بعد ساعتين كاملتين من الانتظار ،انه حتى اللحظة وهو جالس في مكانه في القطار لا يعلم لما كان يريد العثور عليها ،هل ليحصل على المعلومات ،ربما كان بحاجة لهزم اول امراة هزمته ،ربما اراد سؤالها "لماذا تحملت كل ذلك الالم ولمن ؟،انه لا يعلم حتى ان وجدها ما سيفعل بها ومعها ،فكر في كل ذلك وهو في القطار فقط الان عندما فقد كل امل في العثور عليها ،فقط في هذه اللحظات التى يبتعد عنها باميال واميال ،كانت كل مقالات بثينة معه موضوعة بعناية على الكرسي جانبه في حقيبة جلدية فخمة،قرر ان يقرا كل ما كتبته لذا بعد مغادرته المقبرة اشترى الجرائد القديمة للجريدة التى كتبت فيها ،حين لم يكن يعلم بوجود صحفية متمردة عنيدة وجريئة كاللبؤة ،بدل كل ما في وسعه للحصول على المقالات ،اخيرا وقبل متصف الليل بدقائق كانت معه كل المقالات التى كتبتها ،مد يده الى الحقيبة واخرج اول مقال كان قد رتبها حسب التواريخ ،كانه اراد التعرف عليها خطوة خطوة ومقال بمقال ،قرا المقال واعاده مرة اخرى ،فكر انه سينهي قراءة كل ما كتبته في ساعات قليلة ،لم يكن يريد قطع وسيلة اتصاله بها ،كانت المقالات بطريقة ما طريقة تواصل معها ،لذا اراد اطالة الامر اكثر ،قرا المقال بحماس لثالث مرة ،كان متحمسا لمعرفة كيف تفكر كيف تكتب لما تكتب ولمن ،كانت طريقتها في الكتابة حلوة وشيقة رغم كل المعلومات السوداء التى تحتويها الا ان لها طريقة محببة ومرحة في الكتابة ،تدفعك للقراءة رغم كل ما تحمله المعلومات من حقائق خطيرة ومثيرة للغضب ،تدفعك للابتسام لذلك الامل الذي كان يبدو ظاهرا في كلماتها ،كان اخر ما كتبته في المقال "اني اكره ما وصلت اليه من معلومات اكره هذا الفساد المختبا خلف الوجوه المبتسمة الضاحكة اكره تلك الاقنعة التى يضعونها ،اكره ان اعلم وان تعلمون اننا ضحية خداع ومؤامرة اننا ضحية عبث مرضى ومهووسين بالسلطة والمال ،لكني ساكتب من اجل ان ياتي يوم لن احتاج فيه للكتابة عن الفساد لذلك اليوم الذي ينتهي فيه الفساد"،تاثر كثيرا بهذه الكلمات القليلة التى تعكس تماما ما يدور في خلدها ،شعر وانها كانت تكلمه هو تلك الكلمات وكانها موجهة اليه فقط دون البقية ،واحب هذا الشعور ،اعاد المقال الى الحقيبة ،واغمض عينيه متاكا براسه على المقعد ،فكر انه سيصاب بالجنون ان استمر في التفكير فيها على هذا الشكل وبهذه الطريقة ،لكنه سيجدها وعد نفسه بهذا وهو يستسلم للنوم ........
أنت تقرأ
رواية قلب واحد لكاتبة مريم نجمة
Romanceدخلت بثينة تحمل اوراق مقالها لرئيس التحرير ،رفع السيد صالح راسه ببطا ،تنهد وهو يرى الاوراق التى تحملها بيدها ،قالت "صباح الخير "رد بدون ابتسامة "صباح الخير ماذا تحملين في يدك ؟" ،شعرت بثينة ان رده ليس مشجعا البتة ،قالت بدون ان تبتسم "اوراق المقال ال...