نيران وقودها المشاعر الجزء الثالث لرواية ثلاثتهم بين حب و جحيم

الفصل الرابع

نيران وقودها المشاعر

كتابة رؤى صباح مهدي

الفصل الرابع

لم تظهر الشمس بعد، حين استيقظ عادل يتطلع من حوله غير مصدق انه نام في غرفة الجلوس. هذه الايام ليست سهلة على اي احد يعمل في مجاله، ويعترف لنفسه بين الحين والآخر ان التعب ينهكه الى درجة: ينام وهو جالس على الكرسي، او في السيارة، او حينما يشاهد شيئا في التلفاز، لكن ما جعله يفكر قليلا انه اغلب أوقاته في بيت مريم، ينام رغم حماسه لتلك الليلة معها.

رغم انه يخفي الامر لكنه عاشق لمريم. نعم القلب وما يريد، ومريم لديها شخصية قوية رغم الضعف وتحت كل المشاكل التي تعاني منها، يوجد امراة صلبة قادرة على تطويع ظروفها، والتكيف معها، وهذا امر هو شخصيا يحبه كثيرا. لا يقارن كثيرا بين زوجاته، وحينما يفعل مريم تظل في المرتبة الاولى، وهذا الحب الذي يشعره تجاهها لا يمكن ان يظهر لها جليا، لانها تحت مسمى عدوته، ويعرف جيدا انها لا تحبه رغم محاولاته لمعاملتها بهدوء، وإعطائها بعض ما تطلب، لكن الثقة -التي هي اهم من الحب- بينهما مفقودة.

نهض متلكئا، اغتسل فصنع لنفسه بعض الشاي، لان الخادمة هي الاخرى لازالت نائمة. نظر من خلال الشباك والنجوم رأها واضحة، والقمر ينافس الشمس كلاهما يريد مكانا في السماء، كما يريد هو مكانا بين الاقوياء. تنفس قليلا بينما يرتب شعره المشعث، ويتذكر كل ما مر عليه في حياته وكيف كان واصبح. على الثلاجة شاهد رسمة لابنه رسمها فعلقتها مريم على الثلاجة، وتبسم حين شاهد ان ابنه رسمه وكتب -على الشكل الغريب الذي من المفترض ان يمثله- كلمة "ابي".

اهتز هاتفه في جيبه، وكانت أمنية ترسل له رسالة فتحها وقرأ، لم يكن شيئا مهما فقط تخبره انها ستحضر اختها معها للبيت، وهو يعلم ان هذا ما سيحصل، ولم يكن لديه مانع. سمع صوت وكان ابنه قد استيقظ ليشرب بعض الماء، والتقى به في المطبخ ليقول له عادل:

-بدر استيقظت مبكرا؟!

رد بدل بابتسامة على وجهه الصغير:

-ماذا تفعل يا ابي في هذه الساعة؟

رد عادل بينما يملأ كأسا بالماء ويعطيه لابنه:

-نمت مبكرا واستيقظت مبكرا

ضحك بدر ورد عليه:

-انا ايضا خالتي تجبرني على النوم مبكرا وتقول يجب ان احصل على عشر ساعات على الاقل من النوم يوميا.

رفع عادل ابنه حاملا اياه عاليا ثم احتضنه وقبله قائلا:

-للاسف يا فتى خالتك على حق يجب ان تنام جيدا. ما رأيك ان اصنع لك بعض البيض ونفطر سويا قبل ان اخرج.

بالطبع بدر وافق؛ فهو يحب الاكل مع والده، ويعلم ان هذه الفرص لا تتوفر دائما؛ فعادل يعمل كثيرا ليلا ونهارا، ويسافر اغلب الاحيان، والوقت الذي يلتقي به مع ابنه، هو يحاول ان يقوم بكل ما يلزم ليكون جيدا معه.