ملحق بالرواية

106 9 4
                                    


ملحق بالرواية ...

قال الله تعالى في محكم كتابه:

<< وَلا تَحسَبَنَّ اللَّـهَ غافِلًا عَمّا يَعمَلُ الظّالِمونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُم لِيَومٍ تَشخَصُ فيهِ الأَبصارُ* مُهطِعينَ مُقنِعي رُءوسِهِم لا يَرتَدُّ إِلَيهِم طَرفُهُم وَأَفئِدَتُهُم هَواءٌ. >>

يترك الظلم في قلب الإنسان جرحا لا يندمل ابد الدهر ولا بد ان يجئ اليوم الذي يقام الحد على الظالم؛ فالعدل نور يمحي عتمة الظلم ويصعقها، ولو استمر الظلام دهرا وانتصر عمرا لابد لعصره من انتهاء، ولوقته من نفاد، ولروحه ينتظر ابتلاء، يجعله لغيره عبرة. ولكن فقط لمن يعتبر بها ويفهم كنهها.

كأن في روحه يدق مسمار كل يوم؛ هكذا شعر عبد الواحد وهو يواجه جيشا من الظلم والفساد الإداري، الذي يصعق أحلامه لإرجاع الحقوق الى نصابها، ولكن ما بيده حيلة في اغلب الأوقات؛ فمن فوقه اقوى منه بالتحالف مع الأقوياء الذين هم أنفسهم من يقاتل عبد الواحد ضد طغيانهم. كلما وصل الى طريق مسدود وأصبح على حافة الانهيار، قرر الانسحاب والعيش كما يعيش غيره، معافى من الأزمات، لا يسبح عكس التيار، بل معه، ثم تأتيه إشارة من الله سبحانه ليستمر بنضاله. هو ليس بوحيد، وهناك أمثاله ممن يريدون إعلاء الحق لتزخر الأرض بالأمان والعدل، ولكنهم شتات، كفاحهم بالسر خوفا على عوائلهم من الدمار والملاحقة.

الى متى يستمر الظالم بالهروب؟ في الواقع ليس طويلا ولابد ان يأت يوم ويجتمع فيه الخيرون ليضعوا أيديهم بأيدي بعضهم البعض ويزأروا بكلمة "كفى" فيهتز عرش الظالمين...

--

رائحة المطر عبقت في كل ركن من أركان الأرض. جميلة رغم الفيضانات التي خلفتها تلك الأمطار لتردّي أحوال المجاري، وعدم قدرتها على استيعاب كمية المياه التي هطلت من السحب. جلست مريم تراقب بدر وهو ينهي جلسة العلاج، التي أجبرت عادل الموافقة عليها؛ فبعد الذي مر به الصغير لاحظت انتكاسة في وضعه الصحي: فعزف عن الاكل، وقل كلامه، وزاغ بصره، ورؤيته لأمنية تجلس ساكنة محطمة أمام الشباك زاد من رعبه وخوفه؛ مما اضطر مريم لإجراء تقييم نفسي لحالته، قادها الى إحضار معالجة نفسية له في البيت؛ لتحاول التخفيف من وطأة المصائب التي مر بها الصغير.

اما هي، فقد ابتلعت كل شيء داخلها كما تعودت دائما؛ كأنها ثقب اسود يسحب المصائب داخله ويدفنها، لتتراكم وتتجمع، ويعلم الله ماذا سيحصل حين انفجارها. والان فهي في منأى عن إظهار اي لحظة ضعف او خوف؛ ففي الحياة التي تعيشها الخوف يعتبر نقطة ضعف قاتلة. بعد ان عانت لأشهر من الإصابات التي لحقت بها جراء الاعتداء وتفهم عادل شرودها وابتعادها عنه لفترة لكنه عاد وبدأ يلح عليها ليعودا سويا؛ كزوجين وهذا كان أسوء شيء حصل لها بعد الاعتداء، فقد تحاملت على نفسها لإرضائه وهذا التحامل الرهيب كان لتحقيق هدف تصبو اليه نفسها ففي قرب الرجل من المرأة جسديا، قرب لهما في المشاعر وهي أرادت الا تخسر تلك المشاعر التي يحملها لها عادل، بل تقويها أكثر. تلك المشاعر هي: خليط من التعاطف لما حل بها، وإعجاب لا يوصف؛ لصلابتها التي أبدتها بعد الحادث، ثم إبقائها لأمنية -ضرتها- في منزلها، رغم ما كانت تفعله أمنية بها سابقا، مضاف الى كل هذا تربيتها لبدر ورعايته. بالطبع هذا كان بالنسبة له مثيرا للإعجاب، ولكن عادل رجلا لن يفهم ما مرت به تلك المرأة من الم وقهر، وما كابدته لتصل الى ما وصلت اليه في عالم ممتلئ بالخوف والظلم. هو يريد عودة حياتهما الى سابق عهدها؛ لذا فقد اشترى لها الورود كل يوم، وأخذها للسفر، واشترى لها الهدايا الثمينة، وحاول معها ان يكون رجلا رومانسيا لين الجانب؛ لأنه أراد لعلاقتهما ان تستمر لا ان تنتهي كعلاقتيه السابقتين؛ نهاية مأساوية! وامام ما يفعله عادل أذعنت مريم، لانها هي الأخرى لديها خطط قيد التنفيذ وعليها ان تتحمل ان أرادت الوصول الى ما تطمح اليه.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jul 10, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

نيران وقودها المشاعر الجزء الثالث لرواية ثلاثتهم بين حب و جحيمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن