بعد وفاة أمى لم يكن لدى علم كيف أتصرف مع الأمر أصريت أن يتم دفنها وألا تذهب إلى الثلاجة أو ما شابه أعلم جيدًا أين تخبأ مالها كما أنها سبق وأن أعدت لى دفتر توفير ذهبت لمكان المال رأيت جواب خطت فيه كل ما يجب أن أفعل وكأنها كانت متنبأة مسبقًا بكل ما يحدث أتممت الأمر بسلام وتبقى لى بعضًا من المال وكذلك الذهب الذى كانت تقتنيه أمى لها ولى جلبت المال اللازم وبعد كم من الاستفسارات علمت كيف يمكن جمع مقبرة لمن ليس لهم مقابر خاصة وهكذا كان الأمر شاقًا واستغرق قرابة أسبوع لكى يتم ولكن انتهى دخلت إلى البيت الذى أصبح باردًا خاليا من كل معالم الحياة تمامًا ذهبت حينها لأستكمل قراءة باقى الأوراق وغيرها لم يكن لدى وقت لأنهار او لم يعد لدى طاقة لمثل هذا أعتقد أن موتها أماتنى فكل ما أشعر به هو هدوء وسكون عميق بارد كالصقيع لم أبكى بعد ذلك اليوم ليس لأننى لم أعد حزينة ولكن لشعورى بالَّاشعور صدمة كبيرة لم أكن أتوقعها فلم أتخيل يومًا أن أفقدها ومع فقدانها أشعر بأنى فقدت العالم بأسره وما العالم إلا أمى ذهبت لغرفتها ودثرت نفسى تحت غطائها شعرت بها تحتضنى فأسدلت جفون عيناى وقررت تأجيل أمر الورق تماماً فالأستمتع برائحتها قبل أن تزول هى الأخرى لا تستعجبون حين أقول قد مر أكثر من شهر وأنا بالكاد أتحرك من سريرها لأتناول ما يبقينى على رمق الحياة وأمارس متطلباتى الحيوية البسيطة ومن ثم أعود لأدثر نفسى فى فراشها من جديد كان هاتفى يرن وأظننى أعرف المتصل جيدا ولكن لا طاقة لى حتى أن أتحدث أو أسمع أو أى شئ فقط لا طاقة توالت الأيام ولكن لا جدوى من الحياة هكذا وبدأت أخاف من وجودى بمفردى فى هذه العمارة المليئة بالغرباء ومؤنتى ستنفذ ماذا إذا علموا بوجودى بمفردى ما الذى قد يحل على رأسى بعدها قررت فتح الأوراق لم أكن أبحث عن شئ سوى العنوان حينها تعجبت كثيرًا فالعنوان قريب جدًا جدًا من عنوان أحمد استحممت وبدأت أجمع حاجياتى الضرورية الأوراق جميعها و بعض ملابسى والمال وكم كتاب ومن ثم اتصلت بأحمد الذى أجاب بسرعة البرق وكان هذا وقت الظهيرة
أحمد بصوت متلهف قلق : حياة انتى كويسة
حياة بصوت زابل وقد أدمعت عينى : أحمد هقولك كل حاجة بعدين لكن دلوقتى أنا هجى عندكم علشان توصلنى لحد معين
أحمد باستغراب : حد مين هو فى ايه
حياة : بعدين يا أحمد هفهمك كل حاجة اجيلك ولا ادور وحدى ولا ايه
أحمد بتلبك فكيف عساه يخبر أهله فى الصعيد بقدومها هكذا إليه ولكن ما باليد حيلة فأردف
أحمد : تعالى
لم أرد فقد أنهيت المكالمة وأغلقت هاتفى تمامًا وتوجهت إلى محطة القطار وحجزت تذكرة مر الوقت وصعدت القطار المكتظ بالإزدحام ولكن لا أشعر بأحد فقط خواء تعلقت عينى بالطريق لا أدرى متى غفوت ولكنى استيقظت قرب وصوله بقليل ترجلت من القطار وهكذا تعذبت عذاب المواصلات حتى وصلت لمنزل أحمد الغريب أن العنوانين واحد تقريبًا كان أحمد وأحد أقاربه تقريبًا بإنتظارى ما إن رآنى حتى حاول القدوم نحوى بأسرع ما يمكن وهنا اهتز قلبى بشدة لهفته كانت بادية بوضوح وكذلك عينيه رسمت كل معالم الإشتياق أريد البكاء والصراخ الآن بالتحديد ولكن يبدو أنه ليس الوقت المناسب سرحت قليلا فى تلك التفاصيل لم أستفق إلا على صوته بلهجته الأصلية الذى أول مرة لى أسمعها منه وبإشتياق حاول مواراته
أحمد : حمدله بالسلامة نورتى البلد
استغربته ولكن لم أعبر عن هذا فقط ابتسمت ابتسامة حزينة بعض الشئ لاحظها هو علمت بهذا حين فرت عينيه ولكن يبدوا حتى هو يرى أنه ليس الوقت المناسب للإستفسار ولكنه استطرد مردفًا
أحمد : فين العنوان
أخرجته له بصمت وكانت الورقة تحوى العنوان والاسم وكافة التفاصيل وهنا رُسمت على محياه كل معالم الصدمة حين قال
أحمد : انتى جاية هنه لعمى توفيق
صدمت أكثر حين علمت أن أبى عمه ولكن استفهمت
حياة : عمك عمك يعنى
أحمد : لزم
حياة بتنهيدة : خدنى ليه أو لستك حسنية
استغرب كثيرًا لكن أحمد قليل الكلام وكثير الأفعال فقط صمت قليلًا ثم أردف
أحمد : اتفضلى ورايا
توجه بى إلى أحد البيوت أشبه ما يكون بقصر كبير واجهته حديقة كبيرة تشمل كل شئ تقريبًا لم أهتم كثيرًا فقط كنت أسير وأنا شريدة البال بما أنا مقدمة عليه على الأغلب وصلنا إلى مكان استقبال الضيوف وأتى أحد الخدم طلب منه أحمد أن يستدعى عمه توفيق الذى يكون والدى مر وقت ما لم أحسبه وظل أحمد صامتًا طوال هذا الوقت على غير عادته معى أنا ولكن لا بأس دخل والدى فجأة ومن ثم سأل باستفسار
توفيق : مين اللى عايزنى
نهضت مسرعة تأملته لثوانى ولكن لم يسعنى سوا أن أناوله الجواب الذى خطته أمى له قبل توفيها استفسر قائلا
توفيق : ايه ده
حياة بقلق : أقرا الجواب دا لو سمحت
توفيق : وكمان بحراوية ايه الكلام الماسخ ده لما نشوف
فتح الجواب وقلب بصره وبدأت تُرسم على محياة مشاعر يشوبها الحزن مختلط بالغضب حتى أنتهى مردفًا بصوت وهن
توفيق : وهى فين دولوجت
حياة مبتلعة غصة فى حلقها : الله يرحمها
رأيت تلك الدمعة الوحيدة مثلى ومن ثم جلس وكأنه يقع ومن ثم نظر مستفسرًا
توفيق : ميته حُصُل دِه
حياة بمرارة : من حوالى شهر ونص
غاب للحظات بين أفكاره المتضاربة ومن ثم أردف
توفيق بمرارة مماثلة : و.... وفين بتى
حياة بصوت وهن : أنا
نظر اللى بدهشة وخصوصاً إلى عينى العمياء رُسمت على محياة الشفقة لأول وهلة ومن ثم الحزن الشديد ومن ثم أردف
توفيق بوهن : أنا مش قادر استوعب حاجى بس مؤقتًا تعالى ورايى
قادنى إلى خارج هذه مثل ما لقبها السرايا وذهب بى إلى مكان مماثل ولكنه أصغر قليلًا كنت أعلم أن والدى ثرى ولكن لم أتوقع أنه غنى لتلك الدرجة حتى يقتنى كل هذه السيارات هو طبيب نساء ماهر وفى المستشفى تعرف على أمى حين كانت تأتى زيارة لأحد أقاربها وأعجب بها وعرف رقمها الهاتفة ولم يتوانى عن مهاتفتها متحججا بأسباب واهية حتى أوقعها فى شباكه وهكذا أحبا بعضهما البعض عارض أهله بشدة فتزوجها رغمًا عنهم ولكن لم يصمد هذا الزواج كثيرا بسبب خلافات أمى مع جدتى حسنية والتى كانت تتسبب بمشاكل لها مع أبى حتى وصلا إلى الطلاق هذا ما خطته أمى عن الأمر كنت شاردة الذهن حتى استفقت على صوت صبى صغير يقول مستفسرًا
إبراهيم : مين دى يا ابويا
تنهد أبى ولم يعرف ماذا يقول فقط أردف
توفيق : ضيفة يا إبراهيم
نظر إللى وبالتحديد إلى عينى ثم أردف ببراءة مؤذية
إبراهيم : دى عفريته يابوى متخوف متقعدهاش حدانا
نهره أبى بشدة
توفيق : إبراهيم عيب إيه اللى عتقوله دى
شعرت به سيبكى فأردفت مسرعة
حياة : عادى حصل خير
توفيق متنهدا : تعالى ورايا من سكات
أكملت السير خلفه ودلفنا إلى الداخل لم يكن أحد فى غرفت الجلوس فلم أقابل أحد حتى أردف أبى بصوت جهور
توفيق : آية انتى يا بت يا آية
آية مسرعة : نعم يا سيدى
تعجبت من كلمة " سيدى"ولكن لا بأس سمعته يقول
توفيق : خدى الهانم دى للأوضة القريبة من أوض الضيوف
نظرت لها لأجدها قريبة من عمرى تقريبا لم استكمل تفقدها حتى أردفت
آية : الحقينى يا ست هانم
خجلت من أن تنادينى بهذا فأردفت
حياة : أسمى حياة
ابتسمت مردفة بينما تقودني
آية : اسمك حلو يا ست حياة
حياة بإتسامة : قوليلى حياة وبس
آية : وه يا ست هانم ميصحش
لم أجادلها فحالى لم يكن يسمحلى بذلك فقط تنهدت بصمت كانت تحمل الحقيبة بعد أن أعطاها لها أبى فوضعتها أمام أحد الغرف ومن ثم أردفت
آيه : أهه الأوضة يا ست حياة لو عوزتى أى حاجة اندهيلى أنتى قولى يا آيه بس و أنا هكون عندك
ابتسمت بهدوء وهززت رأسى كعلامة للموافقة وغادرت هى دخلت إلى الغرفة لأجدها مرتبة ونظيفة وكإنهم كانوا على علم وإستعداد لقدومى كانت متوسطة الحجم لا هى بالكبيرة أو الصغيرة لونها بنى فاتح هادئ " كافيه " السقف أبيض والأرضية سراميك كالخشب كانت غرفة راقية إلى حد ما فالأثاث بعضه كالخشب الفاتح والآخر بنى غامق أهم شئ أن هناك حمام ملحق بالغرفة و بالتالى لن اصطدم بهم كثيرًا وأجمل شئ تلك الشرفة فهى على الأغلب ستكون متنفسى الوحيد على هذه الحياة وضعت حقيبتى على جنب وتمددت لكنى أستيقظت على صراخ امرأة نهضت مسرعة وخرجت لأرى ماذا هناك غالبًا زوجة أبى لا ترغب ببقائى لم أعطى نفسى فرصة لأحزن فقط عدت إلى مكانى بهدوء قبل أن ألفت الأنظار مر اليوم بسلام ولكنى تمثلت النوم حين دلف أبى واقتنص شعرة ففهمت أنه سيجرى اختبار أبوة كنت أعلم أنه حتمًا سيفعل هذا انتظرت أن يفعل أى شئ آخر ولكنه خرج بصمت وبعد وقت طرقت آيه محضرة الطعام استنتجت أن زوجت أبى وافقت مبدأيًا على بقائى ولكن بدون إنخراطى مع الأسرة استأت قليلًا ولكن لا بأس كل شئ سيمضى عدت إلى غرفتى ومارست حياتى بداخلها بهدوء مر يوم ويوم ويوم دون جديد غالبًا تأكد أبى من أبوته منى ولكنه لا يمتلك أى رد فعل تجاهى كنت أقضى وقتى فى الشرفة أقرأ كتابى وهناك أتناول الطعام حتى تغيب الشمس فتأتى آيه بطعام العشاء والذى اتضح لى أنها تتجنبنى هى الأخرى وبعد وقت ليس بكثير قد أرسم فيه أو أقرأ ومن ثم أنام بهدوء لم يزورنى أحد طوال تلك الأيام وكأننى فى المنفى ولا حتى أبى الذى كنت أشعر بداخلى بحاجة إليه وإلى حنانه فى وقت كهذا وفى صباح هذا اليوم قررت الخروج لأتناول الإفطار معهم لم أعرف أين هم فتتبعت الصوت حتى وصلت رأيت أبى يترأس الطاولة وزوجته إلى جواره وهناك فتى قد يكون أخى وكذلك إبراهيم وفتاة أخرى قد تكون أختى هى الأخرى كانوا كاملين بدونى بدا لى أننى سأكون فقط مصدر إزعاج كنت سأعود بهدوء حتى لا أشتت شملهم ولكن ................................ يتبع
أنت تقرأ
فقط ضمنى إليك
Romance_الحُبّ جميل لمن يُحبَ برجولته لا بشهوته الرجل ليس إلا أمان إمرأة واحتوائها وأنت كذلك يا سكنى _أمممم _أصمت فقط ضمنى إليك