الحلقة الثامنة
ذات يوم ... و فيما كنا أنا و نديم و بعض شركاء الزنزانة نسلي أنفسنا باللعب بالحصى ، و هي لعبة سخيفة اخترعناها من أجل قطع الوقت الذي لا ينتهي ، و كنا نسر أو نتظاهر بالسرور أو نقنع أنفسنا به ، فتح الباب و دخل مجموعة من العساكر .
توقفنا جميعا عن اللعب ، و انسابت أنظارنا نحوهم . لم نكن نشعر بأي طمأنينة لدى دخول إي منهم ... فمجيئهم ينذر بالشر و الخطر
بدأ العساكر يجولون بأبصارهم فيما بيننا بازدراء و تقزز . ثم تقدم أوسطهم خطوة للأمام و قال :
" نديم وجيه "
و جعل ينقل بصره من واحد لآخر ...
نديم أجاب بعد برهة :
" أنا "
استدار العسكري إلى رفاقه و أومأ إليهم
تقدّم اثنان منهم و أقبلا نحو نديم ... و قالا بحدة :
" انهض "
نهض نديم ببرود ، فإذا بهما يطبقان عليه بشراسة و يقودانه نحو الباب ... نديم سار معهما دون مقاومة ، فيما كانت أفئدتنا وجلة متوقعة شرا . لم ينبس أحدنا ببنت شفة ، و بقينا في صمت رهيب و نحن نراقب نديم بقلق ، فيستدير هذا الأخير ليلقي علينا نظرة و يبتسم ... خرج العساكر بنديم و أقفلوا الباب و بقينا في صمت فظيع لبضع دقائق ... كنت أنا أول من أصدر صوتا اخترق جدار الصمت الموحش حين قلت :
" إلى أين أخذوه ؟ "
هز البقية رؤوسهم في حيرة و تساؤل ...
مضت ساعتان أو أكثر و نحن في هدوء و قلق ... في انتظار عودة نديم و بدا أنه لن يعود .. بدأت أذرع الزنزانة ذهابا و جيئة و أنا أدعو الله ألا يكون نديم قد أعدم ... و بينما أنا كذلك ، إذا بالباب يفتح مجددا ، و يدخل اثنان من العساكر يحملان نديم و يلقيان به أرضا ، ثم ينصرفان ...
أقبلنا بسرعة نحو نديم فإذا بالدماء تلطخ جسمه و ملابسه... و إذا بالجروح و الكدمات الملتهبة تغطي جسده ...
" نديم ! ماذا فعلوا بك ؟؟ "
صرخت في ذعر و أنا أرفع رأسه و أسنده على ركبتي ... لم يكن نديم بقادر على الكلام من شدة الإعياء و كان جليا لنا أنه تعرض لتعذيب شديد ... تناوبنا جميعا في العناية به حتى بدأت الحياة تجري في عروقه . أخبرنا فيما بعد بأنهم أوسعوه ضربا من أجل الإدلاء بمعلومات لا علم له بها ... و أنهم في طريقهم لإعدامه حتما