" بالطبع رغد ! أي سؤال هذا ؟؟ "
لم أتمالك نفسي و هتفت بقوّة :
" كذّاب "
تفاجأ وليد من كلمتي القاسية ... و امتقع وجهه ... ثم إنه قال :
" رغد ! ... هل لا أخبرتني ... ما بك ؟؟ "
اندفعت قائلة :
" لو كان يهمك أمري ... ما خرجت و تركتني وحيدة في مكان موحش ! "
" وحيدة ؟ بالله عليك ! لقد كانت أروى و الخالة معك ! "
" لا شأن لي بأي منهما . كيف تجرؤ على الخروج دون إعلامي ! كيف تتركني وحيدة هنا ؟ "
" و أين يمكنني تركك يا رغد إذن ؟؟ "
اشتططت غضبا و قلت :
" إن كان عليك تركي في مكان ما ، فكان أجدر بك تركي في بيت خالتي . مع من أحبهم و يحبونني و يهتمون لأمري ... لماذا أحضرتني معك إلى هنا ؟؟ ما دمت غير قادر على رعايتي كما يجب ؟؟ "
تنهّد وليد بنفاذ صبر ...
ثم قال :
" حسنا.. أنا آسف... لم أشأ أن أوقظك لأخبرك بأني سأخرج . لكن يا رغد ... هذا سيتكرر كثيرا ... ففي كل يوم سأذهب لمتابعة إجراءات استلام إرث أروى ... "
أروى ... أروى ... أروى ...
إنني بت أكره حتى حروف اسمها ...
حينما رأيتها البارحة في غرفة وليد ... و جالسة بذلك الوضع الحر ... على سريره ... و نافشة شعرها بكل أحقية ... و ربما كان وليد يجلس قربها مباشرة قبل أن أفسد عليهما خلوتهما ... حينما أتذكر ذلك ... أتعرفون كيف أشعر ؟؟؟
نفس شعور الليمونة الصغيرة حينما تعصر قهرا بين الأصابع !
أشحت بوجهي عن وليد ... و أوليته ظهري ... أردته أن ينصرف ... فأنا حانقة عليه جدا و سأنفجر فيما لو بقي معي دقيقة أخرى بعد ...
وليد للأسف لم ينصرف ... بل اقترب أكثر و قال مغيرا الحديث :
" لقد أحضرت طعام الغداء من أحد المطاعم . هلمّي بنا لنتناوله "
قلت بعصبية :
" لا أريد ! اذهب و استمتع بوجبتك مع خطيبتك الغالية و أمها "
" رغد ! "
التفت ّ إلى وليد الآن و صرخت :
" حل عنّي يا وليد الآن ... أرجوك "
و هنا شاهدت أروى مقبلة نحونا... عندما لمح وليد نظراتي تبتعد إلى ما ورائه ، استدار فشاهد أروى مقبلة ....
و أروى ، طبعا بكل بساطة تتجول في المنزل بحرية و بلا قيود ... أو حجاب مثلي !
قالت :
" رتبنا المائدة ! هيا للغداء "
التفت إلي وليد و قال :
" هيا صغيرتي ... أعدك بألا يتكرر ذلك ثانية "
صرخت بغضب :
" كذّاب "
حقيقة ... كنت منزعجة حد الجنون ... !
على غير توقّع ، فوجئنا بأروى تقول :
" كيف تجرؤين ! ألا تحترمين ولي أمرك ؟ كيف تصرخين بوجهه و تشتمينه هكذا ؟ أنت ِ فتاة سيئة الأخلاق "
صعقت للجملة التي تفوهت بها أروى ، بل إن وليد نفسه كان مصعوقا ...
قال بدهشة :
" أروى !! ما الذي تقولينه ؟؟ "
أروى نظرت إلى وليد بانزعاج و ضيق صدر و قالت :
" نعم يا وليد ألا ترى كيف تخاطبك ؟ إنها لا تحترمك رغم كل ما تفعل لأجلها ! و لا تحترم أحدا ... و لا أنا لا أسمح لأحد بأن يهين خطيبي العزيز مهما كان "
قالت هذا ... ثم التفتت إلي ّ أنا و تابعت :
" يجب أن تقفي عند حدّك يا رغد ... و تتخلي عن أفعالك المراهقة السخيفة هذه ... و تعرفي كيف تعاملين رجلا مسؤولا يكرّس جهوده ليكون أبا حنونا لفتاة متدللة لا تقدّر جهود الآخرين ! "
" أروى ! "
هتف وليد بانفعال ... و هو يحدّق بها ... فرّدت :
" الحقيقة يا عزيزي ... كما ندركها جميعا ... "
التفت وليد نحوي ... ربما ليقرأ ملامح وجهي بعد هذه الصدمة ... أو ربّما ... ليظهر أمام عيني هاتفه المحمول في يده ... و أنقض عليه بدون شعور ... و أرفعه في يدي لأقصى حد ... و أرميه بكل قوّتي و عنفي ... نحو ذلك الوجه الجميل الأشقر .... !