" رغد "
فتحت عيني فوجدته ينظر إلي بقلق.. و يعيد السؤال :
" أأنت بخير ؟؟ "قلت :
" أنا متعبة "
قال :
" سأتحدّث معهم .. "
ثم نهض و نادى :
" أيها العم الطيب .. "
ظهر الثلاثة من حيث كانوا يختبئون عنا ..
قال وليد :
" اعذرونا رجاء ً.. إننا في غاية التعب فقد قضينا ساعات طويلة نسير في الخلاء.. أين يمكننا المبيت بعد إذنكم ؟؟ "
قالت السيدة :
" ستنام ابنتي معي في غرفتي و يمكن للفتاتين المبيت في غرفتها.. سنعد فراشا أرضيا إضافيا "
و قال العجوز مخاطبا وليد :
" و أنت غرفتك كما هي "
قال وليد :
" هذا جيّد ... "
ثم أضاف :
" أشكركم جميعا جزيل الشكر.. إنني ... "
و مرة أخرى قاطعته السيدة و قالت :
" لا داعي لكل ذلك يا سيد وليد، ألم نكن كالعائلة؟ جميعكم أبنائي.. "
ثم أضافت مخاطبة الفتاة :
" خذي الفتاتين إلى غرفتك "
الفتاة أقبلت نحونا و هي تبتسم و تقول :
" تفضلا معي .. "
كلانا نظرت إلى وليد بتردد.. فقال الأخير :
" هيا عزيزتاي "
و هز رأسه مطمئنا.. يبدو أنه على علاقة وطيدة بهم.. و يثق بهم كثيرا..
وقفت دانة و وقفت معها .. ثم قلت لوليد :
" و أنت ؟ "
قال :
" سأبات في غرفة في الخارج تابعة للمنزل "
هززت رأسي اعتراضا شديدا ... مستحيل ! و عوضا عن مرافقة الفتاة اقتربت منه هو ، و قلت :
" لن تذهب و تتركنا "
قال :
" إنها غرفة خارجية اعتدت المبيت فيها.. ملاصقة للمنزل تماما "
هززت رأسي بإصرار أشد :
" لا .. لا "
وليد نظر إلي بضيق و تعب و أسى .. كأنه يرجوني أن أطلق سراحه و أدعه يرتاح قليلا..
قال :
" ستكونين بخير.. هذه عائلتي "
إلا أنني ازددت إصرارا و رفضا و قلت :
" سأذهب معك "
وليد و دانة تبادلا النظرات .. و لم يعرف أي منهما ما يقول..
مددت يدي فأمسكت بيده مؤكدة أكثر و أكثر بأنني لن أسمح له بالابتعاد عني..
أخيرا تكلّم وليد مخاطبا أصحاب المنزل :
" إن لم يكن في ذلك ما يزعجكم .. فسنبيت في الغرفة الخارجية نحن الثلاثة.. و نحن آسفون لكل ما سببناه لكم من إزعاج .. "
العجوز تكلّم و قال :
" كما تشاءون يا بني.. سأجلب المزيد من الفرش و البطانيات لكم "
و تحرك الثلاثة ، و أحضروا البطانيات و حملوها سائرين نحو الباب، و سرنا معهم إلى خارج المنزل ..
كانت الغرفة المقصودة هي غرفة تابعة للمنزل مفصولة عنه بجدار مشترك.. و كانت صغيرة نسبيا و بداخلها سرير صغير و أثاث بسيط ، و تتبعها دورة مياه صغيرة قريبة من الباب..
الثلاثة و معهم وليد تعاونوا في تحضير فراشين أرضيين على المساحة الحرة من الغرفة.. و حالما انتهوا ، قال العجوز ..
" أتمنى لكم نوما هانئا "
و عقّبت السيدة :
" تصبحون على خير"
أما الفتاة فقد أسرعت بالذهاب ثم العودة بصينية الشطائر و بعض العصائر .. و وضعتها على المنضدة الصغيرة التابعة لأثاث الغرفة و هي تقول :
" فيم لو احتجتم أي شيء فلا تترددوا في طلبه ! "
وليد قال :
" شكرا جزيلا..هل نستطيع استخدام الهاتف ؟ "
قال العجوز :
" بكل تأكيد.. "
فشكرهم كثيرا و كذلك فعلت دانة ، ثم انصرفوا ...
و فور خروجهم أقفل وليد الباب و أقبل إلى الهاتف .. و اتصل بأحد الأرقام .. و كان أول ما نطق به بعدها و بلهفة شديدة :
" سامر يا عزيزي .. أأنت بخير ؟؟ "