وقفت غير مصدّق لما أرى... متوهما أنه الحلم الذي لطالما راودني منذ سنين...
لكن... بالتأكيد فإن الشيء الذي يقف أمامي هذه اللحظة ... يضم ذراعيه إلى بعضهما البعض ... و يقشعر بدنه إن خوفا و بردا ... هذا الشيء الملفوف في السواد ... هو بالتأكيد كائن بشري ... و ليس أي كائن ... تحديدا هي رغد !
" وليد ... أنا خائفة ! أبقني معك "
لا أعرف من الذي حرّك يدي ، نحو مكبس المصباح ، و أناره ... هل يمكن أن أكون قد فعلت ذلك بلا وعي ؟؟
الإنارة القوية المفاجئة أزعجت بؤبؤي عيني ، فأغمضت جفوني بسرعة
و من ثم فتحتها ببطء...
رأيت وجه رغد بعينيها المتورمتين الحمراوين ، و اللتين تدلان على طول البكاء و مرارته ...
" رغد ... أأنت على ما يرام صغيرتي ؟؟ "
" أنا أشعر بالخوف ... وليد ... المكان موحش و ... ويثير الذكريات ... المؤلمة ! "
و سرعان ما انخرطت رغد في بكاء أجش بصوت مبحوح ...
" حسنا... عزيزتي يكفي ... لا تبكي صغيرتي ... تعالي اجلسي هنا "
و أشرت إلى مقعد بالجوار ، فجلست رغد عليه ... و بقيت واقفا برهة ... ثم جلست على طرف سريري ...
كنت في منتهى التعب و الإرهاق و أشعر برغبة ملحة جدا في النوم... لابد أن رأسي سيهوي على السرير فجأة و أغط في النوم دون شعور !
نظرت إلى الفتاة الجالسة على مقربة جاهلا ما يتوجب علي فعله !
سألتها :
" صغيرتي ... ألا تشعرين بالنعاس ؟ ألست ِ متعبة ؟ "
" بلى ... لكن ... لا أشعر بالطمأنينة ! لا أستطيع النوم ... أنا خائفة ! "
و رفعت يدها إلى صدرها كمن يريد تهدئة أنفاسه المرعوبة
قلت :
" لا تخشي شيئا صغيرتي ... ما دمت ُ معك "
و لا أدري من أين و لا كيف خرجت هذه الجملة في مثل هذا الوقت و الحال ! و هل كنت أعنيها أم لا ... و هل كنت جديرا بها أم لا !
لكن فتاتي ابتسمت !
ثم تنهدت تنهيدة عميقة جدا